الجزء الاول
الرابطة الجزائرية للفكر والثقافة :: المكتبة :: الرد على المذاهب الفكرية :: موسوعة الرد على المذاهب الفكرية المعاصرة 1 29 002
صفحة 1 من اصل 1
الجزء الاول
تم تصدير هذا الكتاب آليا بواسطة المكتبة الشاملة
(اضغط هنا للانتقال إلى صفحة
المكتبة الشاملة على الإنترنت)
الكتاب : موسوعة الرد على المذاهب الفكرية المعاصرة 1-29 جمع وإعداد الباحث في القرآن والسنة علي بن نايف الشحود |
(1/208)
والت ديزني .. والجانب الطفولي في الحرب الإعلامية
جمال الحوشبي
أخذت أقلب عدداً من البطاقات الجذابة الصغيرة ذات الصور الملونة التي قامت شركة
ديزني بطرحها مؤخراً لاجتذاب الأطفال؛ ترويجاً لعدد من أفلامها الكرتونية
المدبلجة.ولسابق معرفتي بهوية هذه الشركة وتاريخها الطويل في استفزاز المسلمين؛ من
خلال أفلامها ومعارضها ومهرجاناتها التي يغلب على طابعها الهوية الصهيونية، رجعت
إلى مشروع بحث موضوعي قديم قمت بإعداده ثم توقفت عنه لانشغالي بغيره.
بدأت فكرة المشروع الأولى في أعقاب مشاهدة مباشرة لفيلم من أفلام ديزني المدبلجة،
قرأت من خلاله رسالة واضحة ربما خفيت على بعض المشاهدين، ولقد كانت مشاهدة موضوعية
هدفت منها إلى الخروج بنتائج موضوعية ـ كذلك ـ تحدد الإطار العام للعقلية التي تقف
خلف هذه الأفلام، والرسالة التي تحرص إدارة الشركة على إيصالها للمشاهد بالأسلوب
الذي تراه مناسباً بحسب الظرف والمرحلة. وحتى تحكم على عملٍ ما فإنه يجب عليك ألا
تقف عند حدود الانبهار بتفاصيله الكثيرة المشوِّقة.. فقط اخرج من دائرة الحدث،
وتجرد عن مغريات الإثارة، ثم انظر من بُعد للعمل كله مع اصطحاب عدسة مكبرة لترى
تفاصيل بعينها تقودك إلى الحقيقة. وإليكم هذا المثال من خلال عرض لذلك الفيلم
الموجه بأهدافه الصهيونية، والذي تتصدر الدعاية له تلك البطاقات الملونة التي
تتداولها تلك الأيدي البريئة في مدارسنا ومنتدياتنا العامة.
(حياة حشرة).. وملحمة صراع النمل مع الأشرار!
قرية مسالمة من النمل تعيش بسلام حياة الجد والنشاط، وتدير أمورها الخاصة بـ
(ديمقراطية) واحترام، وانسجام وتعاون، تظللها شجرة سَرْو كبيرة على ضفاف الوادي
السحيق المحيط بها فوق ربوة عالية، وتُحْدِق بها الخيرات من كل مكان. شيء واحد
يقلق هذه القرية المسالمة.. إنه سرب من الجراد الأشرار الهمجيون القادمون من
الصحراء القريبة، أولئك الذين لا يعرفون معنى للديمقراطية، فقائدهم ديكتاتوري
عنيف، يطبل إعلامه من حوله ـ جرادة خرقاء تهذر كثيراً ـ ممجداً لكل قرار صائب
يتخذه ذلك القائد. أما بقية السرب الذين يقودهم فهم حشرات بُلْهٌ يسيرون خلفه، وهم
ـ بحسب الفيلم ـ لا يملكون دفعاً ولا رفعاً، ولا يهمهم سوى شهواتهم التي يحصّلونها
من جراء السير خلف الزعيم والتسبيح بحمده، وتأييده في أعقاب كل قرار يتخذه. إنهم
جميعاً زمرة جراد متوحشين يُغيرون على جيرانهم ـ المسالمين ـ.. ينهبون خيراتهم،
ويرعبون صغارهم، ويتربصون بهم الدوائر كلما سنحت لهم الفرصة أيام الحصاد.
ولما لم تجد القرية ملاذاً من هذا الخطر المحدق قررت الاستسلام ـ لفرط ضعفها،
ورغبتها في الأمن والسلام ـ واختارت دفع الإتاوات الظالمة لزعيم الجراد، وآلت على
نفسها أن تحرم نفسها من الخيرات الكثيرة التي تقوم بجمعها بدلاً من المواجهة
الخاسرة مع أولئك الأشرار. لكن مغامراً من بينها قرر السفر إلى الغرب باتجاه
الحضارة والمدنية ليستعين بأفراد منها لقمع هؤلاء ـ الجيران ـ المعتدين. وتحت
أضواء المدينة.. بمزيجها الاجتماعي وشوارعها المكتظة، وعماراتها الشاهقة ووهج
النيون والملاهي الليلية؛ يتعرف ذلك الفدائي الصغير على الفريق المنقذ، ويتفق معه
على مساعدة بني قومه من الهلاك، وحمايتهم من جيرانهم المعتدين. غير أن الطريف في
الفيلم يكمن في تصوير فرقة الإنقاذ تلك بمجموعة من المهرجين الفاشلين، وبالفعل
تتوجه الفرقة على متن طائرة خاصة ـ حشرة خنفساء كبيرة ـ إلى قرية النمل، وتبدأ
باستعراض قوتها الجوفاء، والتخطيط للقضاء على الأعداء.
لقد كان ذلك المغامر فدائياً حقاً فقد أقنع أعضاء الفرقة بالصمود بعد أن كانوا
متخوفين من مواجهة ذلك الجراد المتوحش، واستطاع أن يبتكر حيلة لإخافة أولئك
المخربين وطردهم، ولكن الحيلة ظهرت، والمخططات انكشفت، ليأتي بعدها دور منقذ حقيقي
آخر استطاع تفريق الجراد، والقضاء على زعيمهم.
ووسط حفاوة بالغة يتم توديع فريق الإنقاذ، وتظهر الدنيا في ختام الفيلم ـ كالعادة
ـ بمظهر محبب، فالربيع يعود لنضارته، والزهور تتفتح من جديد، وتشرق الشمس بعد
القضاء على أولئك الأشرار.
(1/209)
هذه القصة الرمزية باختصار هي مادة فيلم الرسوم المتحركة (حياة حشرة) الذي
قامت بإنتاجه والت ديزني، ولو أن شركة أخرى سواها أخرجته لم يكن هناك مسوِّغ لتكلف
البحث وتدقيق النظر في الرسالة التي يعرضها الفيلم خارج إطار التسلية والترفيه،
غير أن استبدال هذه الرموز في الفيلم بما يقابلها في العقلية اليهودية، متصلاً
بالواقع المحيط بدولة (إسرائيل) يحدد معالم الصورة الكاملة، فقرية النمل اختيرت
بعناية ودقة متناهية لتمثل دولة (إسرائيل) بديمقراطيتها المزعومة، وكفاحها، وحبها
للسلام، ورغبتها في الأمن. أما ذلك السرب الهمجي من جراد الصحراء الأشرار فتصوير
للعرب المحيطين بها. وتظهر نفسية اليهود وغطرستهم وتعاليهم حتى مع من يقدم لهم يد
العون في تصوير المنقذ الغربي بفريق من المهرجين المخفقين الحمقى الذين لم يعد
دورهم في مواجهة العرب دور الفزاعة التي تخيف الغربان في حقل الذرة الكبير، إلى أن
ظهر الحليف الاستراتيجي الجديد بقوة على مسرح الأحداث.
بهذه النظرة الكلية يمكننا رسم الإطار العام للفيلم، وإذا خضنا في تفاصيله الدقيقة
فالمجال واسع، والآراء تتباين، والحديث عنه أكثر اتساعاً، فلربما كانت تلك العجوز
الشمطاء الحكيمة في قرية النمل رمزاً لدور امرأة حقيقية في تاريخ اليهود على غرار
«جولدا مائير»، ولربما كان قائد الجراد الأشرار رمزاً لأحد رموز النكسة العربية من
الثوريين العرب الذين يمتلئ بهم تاريخ الصراع قديماً وحديثاً، مع اعتقادي أن
الفيلم أهمل نوعاً آخر من الجراد هو ذلك الجراد المهجن الذي انضم إلى فرقة الإنقاذ
مؤخراً بعد أن أخذ على عاتقه حماية قرية النمل تلك من إرهاب أبناء جنسه!!
أما ذلك الشاب المخترع في الفيلم الذي أنقذ بني قومه؛ فشخصية حقيقية في تاريخ
اليهود يُكِنُّ لها الصهاينة اليوم الإعجاب والتقدير ـ كما سيأتي ـ. وهكذا يتم
استبدال الرموز واحداً تلو الآخر وفق دراسة دقيقة، بأسلوب ماكر، وبتوجيه غير مباشر
لتكتمل معه الرسالة المطلوبة. ويكفي أن يدرك المشاهد الصغير ـ في هذه المرحلة ـ أن
هناك قرية مسالمة تتعرض للاضطهاد والظلم والاعتداء من قِبَل جيرانها الأشرار، أياً
كانت هذه القرية، ومهما كانت هوية أولئك الأشرار سواء أكانوا جراداً صحراوياً كما
تُصورهم ديزني لمشاهديها الصغار، أو كانوا عرباً مسلمين إرهابيين كما تُصورهم
لمشاهديها الكبار.
إنه غزو حديث ومطوّر هذه المرة، وحملة إعلامية جديدة تكمن الخطورة فيها من خلال
جهلنا برسالتها الحقيقية الغامضة؛ وفي أننا نقتنيها بأموالنا، ونحتفي بها في
أسواقنا لنفسد بها عقول أبنائنا وبناتنا!!
ومسلسل الصراع الدامي بيننا وبين اليهود قديم قِدم التاريخ، ومتجدد تجدد المستقبل،
فأمة اليهود أمة ملعونة في القرآن، ناقضة للعهود، ولا تعرف للسلم معنى، وتسعى في
الأرض فساداً. كما أنهم ـ كعادة الشعوب المستضعفة إذا تمكنت ـ لا يعرفون للرحمة
معنى في تعاملهم مع من هم أقل منهم قوة وعتاداً، ويرتفع رصيد التأييد لقادتهم
بدرجة الغطرسة والقهر والمجازر التي يسوم المستضعفين بها، والوعود الآثمة بسلب الحقوق،
ونقض العهود، والقضاء على الشعب الأعزل. وما يحدث على أرض فلسطين المسلمة خير شاهد
على ذلك؛ حتى أولئك الذين يسارعون فيهم خوفاً وطمعاً، ويقدمون لهم الولاء، ويعلنون
أنهم الحريصون على أمنهم واستقرارهم؛ لم يسلموا من التحرش ومن البطش والنكال.
هكذا إذن بدت التفاصيل أمامي وأنا أستعرض هذا الفيلم الذي اشتراه أحد الزملاء،
ورغبت في تقييمه قبل أن يتوجه به إلى المنزل ويقرر عرضه على طفله الصغير. ولربما
كانت (عقدة المؤامرة) هي المخرج الذي يَسِمُ به البعض هذه الاستنتاجات الواعية
وأمثالها، والتي تتولى الربط بين حقيقة المواجهة مع العدو والمنتجات الإعلامية
والثقافية والفكرية التي يقدمها، والسبب كامن في النظرة السطحية الشفافة التي ينظر
هؤلاء من خلالها إلى ما يُقدم إليهم بغضِّ النظر عن هويته وأهدافه.
ولم أشأ أن أسترسل في مشاهدة بقية أفلام الأطفال التي أصدرتها هذه الشركة لإثبات هويتها
اليهودية، وكشف الرسالة الصهيونية التي تحملها؛ لعلمي بمدى الحاجة إلى عمل مؤسسي
إعلامي فاعل يُعنى بمثل هذه الدراسات الناقدة، ويتولى مهمة كشفها، والرد المناسب
عليها، كما يسعى إلى الحد من تداولها، وتوجيه المسلمين لمقاطعتها؛ حفاظاً على عقول
الناشئة، وصيانة لمناهج التربية في عالمنا الإسلامي.
تلك كانت القناعة الأولى قبل أشهر من اطلاعي على دعاية أخرى بثتها شركة والت ديزني
باللغة العربية، في هذا الإعلان ذكرت الشركة عزمها على توزيع كميات كبيرة من النسخ
المجانية في مصر لفيلمها الكرتوني المدبلج الجديد (الديناصور)، والعديد من الأفلام
الأخرى، إضافة إلى تقديم عروض مجانية لهذا الفيلم في السينما المصرية خاصة. ولعلمي
بهوية الشركة تساءلت حينها: لماذا هذا الفيلم خصوصاً؟ ولماذا تم اختيار هذا القطر
العزيز على قلوب المسلمين خاصة؟ حتى توافر لي ـ بعد الطلب ـ نسخة من الفيلم، ومعه
كانت التجربة الموضوعية الثانية.
(1/210)
(الديناصور).. وقصة الخروج إلى أرض الميعاد!!
يعد فيلم الديناصور عملاً فنياً متقن الإخراج، يتجلى فيه مزيج من التشويق والإثارة
من خلال شخصياته المتعددة ـ المحببة إلى الأطفال ـ بالإضافة لجودة الإخراج
والتصميم الذي اعتمد تقنية ثلاثية الأبعاد هذه المرة(1)، غير أن هدفه الجوهري
الغامض، ورسالته التي يسعى إلى إيصالها كانا أكثر إتقاناً وأشد إثارة، وفي سبيل
تعزيز رسالة الفيلم حرصت إدارة الشركة على التمهيد بمقدمة موجزة مقارنة بفيلم
(حياة حشرة) الذي أدخل المشاهد مباشرة في قرية النمل. وهذه المقدمة في هذا الفيلم
مهمة جداً نظراً للرسالة بالغة الأهمية التي يحملها، والتي تتطلب هذا القدر من
التوضيح لمتوسطي الفهم من المشاهدين. وليس غريباً أن تنص هذه المقدمة على عبارة
دقيقة غامضة تقول: (إن هناك أشياء تبتدئ كبيرة، وهناك أشياء تبتدئ صغيرة. ولكن
أحياناً تكون هذه الأشياء الصغيرة هي التي تعمل أكبر تغيير في حياتها)! فما هذه
الأشياء التي بدأت صغيرة والتي عملت تغييراً كبيراً في حياتها؟ قد لا نملك الجواب
بسرعة، ولكنا لن نتردد في الإشارة إلى تجربة (إسرائيل) دولة اليهود على أرض فلسطين
المسلمة، من خلال سرد أحداث الفيلم، ومن خلال خاتمته الموجزة ـ كذلك ـ التي تقول:
«لا أحد منا يعرف نوع التغيير الذي سيحدث في المستقبل، لكن هناك شيء مؤكد.. وهو أن
رحلتنا لم تنته.. ». نعم! إنها رحلة طويلة من صراع طويل لن ينتهي إلا على ضفتي نهر
الأردن في الملحمة الكبرى الفاصلة مع المسلمين!
لكن لنعد لقصة الفيلم منذ البداية:
تبدأ أحداث الفيلم بإيحاءات العهد القديم الموغل في القدم ـ يبدو ذلك من آثار
الجداريات والأحافير التي يتم عرضها بسرعة ـ وفجأة يبدأ ذلك العهد بالظهور والحركة
لينشق عن منظر وحيد؛ إنه منظر لمجموعة من البَيْض تحوطه بالعناية أمٌّ رؤوم تحوم
حوله وتخاف عليه وترعاه.
ينتقل المشهد لمنظر علوي رائع لأرض نهر كبير بأشجارها الكثيفة الرائعة وجبالها
المزدانة بوشاح أخضر، ومياهها الرقراقة وطيورها الكثيرة. وعلى ضفتي النهر يظهر
قطيع ضخم يضم عشرات الألوف من فصيلة الديناصورات آكلة الأعشاب ـ هذه المرة ـ تعيش
بسلام في هذه الأرض. ويتكرر التأكيد على التضييق والاضطهاد الذي تعاني منه هذه
الأمة، فكما حمل الفيلم السابق الرسالة نفسها في العصر الحديث؛ ها هي ذي الرسالة
تتكرر في هذا الفيلم لتنقل جانباً من المعاناة في العصر الغابر. كما يحرص الفيلم
على إظهار خطر آخر ينغص على هذا القطيع عيشه، وهو أنه يعيش بجوار قطيع آخر من
الديناصورات المتوحشة آكلة اللحوم. وهذا التباين في هوية هذين الجارين مهم جداً؛
إذ يوحي بمعاني الذلة والمسكنة والاستضعاف بجوار القهر والظلم والتسلط الذي يسعى
المخرج إلى غرسه في عقلية المشاهد.
ينتقل المشهد فجأة ليصور حدثاً خطراً كان يجري على سطح الأرض.. عن كثب يقف ديناصور
ضخم بشع ومتوحش يرقب القطيع، ثم يهجم عليه فجأة، ويدب الفزع، وتسود الفوضى. جميع
القطيع يهرب، حتى الأم تركض فزعة مخلفة البيض وراءها، ويتكسر كل البيض تحت أقدام
هذا (الوحش) ما عدا بيضة واحدة قُدّر لها النجاة، ويُسلط الضوء ـ لثوان معدودة ـ
على هذه البيضة الفريدة قبل أن يختطفها ديناصور آخر ثم يلقي بها في البحر. وفي خضم
الأمواج المتلاطمة تحوطها العناية الإلهية وترعاها طوال رحلتها الشاقة الخطرة،
وتحفظها من الكيد والأذى، فتراها تنجو من أنياب التماسيح، ومخالب السباع، وأقدام
الزواحف الضخمة على طول ذلك النهر الكبير، حتى تقع بين مخالب طائر لاحم يختطفها ثم
يطير بها بعيداً.. إلى هناك جهة الشرق البعيد، وبعد صراع مفتعل مع أحد الطيور يلقي
بها في إقليم آخر، وسط حياة جديدة بين مجموعة من القرود. إخالكم أدركتم الآن طرفاً
من القضية المحورية التي تدور حولها أحداث هذا الفيلم في هذا المقطع الأول من
مقاطعه المتعددة!
(1/211)
نعم! إن هذا الفيلم يحمل رسالة يهودية جديدة هذه
المرة، فهو يصور للطفل ـ بطريقة سهلة غير مباشرة، وبأسلوب شائق ومثير ـ البدايات
الأولى لتكوين الدولة اليهودية على أرض فلسطين المسلمة. وإدارة الشركة في هذا
الفيلم تحرص على إظهار الحق التاريخي والديني لقضيتهم، فتجدهم يبدؤون قصة النشأة
من هناك.. لحظة خروج اليهود من أرض مصر التي كانوا يذوقون فيها صنوف الذل والقهر
والبطش من جيرانهم الأشرار.. فرعون وجنوده. كما يظهر الفيلم صورة رمزية لولادة
نبيهم موسى - عليه السلام - الذي نجاه الله - تعالى - من القتل على أيدي الجنود
الظلمة. ويختزل الفيلم حياة موسى - عليه السلام - الطويلة في بيت فرعون لتمثل تلك
الرحلة الطويلة للبيضة من لحظة التقاطها إلى أن يقذف بها في الأرض الجديدة التي
تمثل مرحلة النشأة؛ إذ لا حاجة لعرض تلك الفترة الطويلة التي لم تكن فيها أحداث
مهمة تمس تاريخ اليهود. وهناك بين مجموعة من القرود الرحماء ينشأ ذلك الطريد
الغريب ويُعَدُّ بعناية فائقة، غير أنه لا يطول به المقام، فبعد حياة الأمان
والمرح والسعادة على تلك الأرض تحين ساعة الرحيل. وهنا يعمد مخرج الفيلم إلى ربط
علمي مهم اختير بعناية فائقة ليصور نظرية من النظريات المقدمة لأسباب انقراض
ديناصورات عصر الجوراسي قبل 225 مليون سنة كما يذكر الجيولوجيون؛ عندما كانت تعيش
على الأرض ديناصورات آكلة نباتات إلى جانب أخرى بدائية آكلة لحوم مقاربة لحجم
النعامة التي نراها اليوم، ليتوافق ذلك مع أسباب الخروج الفعلي لموسى - عليه
السلام - من أرض مدين. وفي حين تتنزل الشهب والنيازك من السماء للقضاء على مظاهر
الحياة هناك؛ فإن تدبيراً آخر من السماء يختار فرداً كريماً من أولئك المستضعفين
ليقود قومه في رحلة النجاة إلى أرض الميعاد.
بهذه الإثارة والمعاناة ينتهي المقطع الأول للفيلم الذي يجتمع فيه التشويق مع
مراعاة التسلسل المنطقي للأحداث.
ثم يبدأ المقطع الثاني، وفيه تتجلى النفسية اليهودية الحاقدة المليئة بالغدر
والجحود والبهتان، وبخاصة مع نبيهم الكريم الذي أنقذهم الله - تعالى - به من حياة
الذلة والمسكنة إلى حياة الحرية والاصطفاء. والحقيقة أن هذا النبي الكريم تعرض في
حياته، وبعد مماته لصنوف من الأذى والمضايقات والافتراءات على يد اليهود قتلة
الأنبياء والرسل. ويعود سبب ذلك الأذى والبغض لشدة هذا النبي الكريم عليهم بالحق،
وغيرته على محارم الله - تعالى - التي ظل اليهود ينتهكونها، وشرائعه التي كفروا
بها.. بدءاً من طلبهم أن يجعل لهم إلهاً من دون الله - تعالى -، وانتهاء بعبادتهم
العجل من دون الله - سبحانه - في غيبته.
تـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــابع
وفي هذا الفيلم تجلية لحقيقة ماثلة، وتصوير لمظهر من مظاهر ذلك الأذى بعد ألوف
من السنين على وفاة موسى - عليه السلام -. والناظر لما يصدر عن النفسية اليهودية
الحاقدة لا يقف طويلاً عند الهدف الخفي الذي يصوره المقطع القادم من الفيلم الذي
يبدأ بهجرة ذلك الديناصور ـ المنقذ ـ بحثاً عن بني قومه الذين يلتقي بهم أخيراً
تائهين في وهج الشمس بصحراء سيناء القاحلة، وهائمين على وجوههم بلا ظل ولا ماء،
وهم مع ذلك مطاردون من عدد من الديناصورات آكلة اللحوم الغاضبة. والملاحظ في
الفيلم أن هذا الديناصور الشاب يجد القطيع منهكاً.. تائهاً لا يعرف إلى أين يسير
مع أن له قائداً ومساعداً يوجهان حركته الضخمة. لم يكن لدى القطيع بد في المسير؛
فالقائد ـ كما يصوره مخرج الفيلم ـ فظ غليظ القلب، شرس الطباع، ظالم لا يرحم
الضعفاء وكبار السن والمرضى، وهو مضطرب في قراراته؛ فها هو يصدر أوامره الصارمة
فجأة بالتوقف للراحة، وبعد قليل يصدر أمراً آخر مفاجئاً وأكثر صرامة ليتحرك القطيع
قبل أن يأخذ راحته، وعن يمينه يسير ذلك المساعد الذي صُوِّر على أنه ديناصور تابع
لا حول له ولا قوة، فهو يأتمر بما يأمره به، وينتهي عما ينهاه عنه، ويحفظ القطيع
كلما عرض للقائد عارض.
لعلكم بعد هذا العرض أدركتم ـ كذلك ـ أبطال الفيلم من وجهة نظر اليهود! ولسبب ما
تنقلب الشخصيتان؛ فرمز موسى - عليه السلام - في الفيلم ينقلب إلى رمز آخر جديد
يعتبره اليهود المخلص الحقيقي لهم، في حين يُصوَّر موسى - عليه السلام - في رمز
ذلك القائد العنيف الظالم.
لكن من هي الشخصية الجديدة التي استولت على البطولة، وسحبت البساط من تحت أقدام
ذلك الشاب الفتي الذي نشأ وترعرع ليحقق حلم عودة القطيع إلى أرض الميعاد؟
إن المتتبع للتاريخ اليهودي الحديث لن يقف طويلاً عند ـ تخمين ـ تلك الشخصية التي
يقدرها اليهود ويكنون لها الإعجاب والاحترام، فهذه الشخصية تعود للزعيم الصهيوني
«حاييم وايزمان» الذي يصفه اليهود بأنه (الرجل الذي قاد شعب الله المختار إلى أرض
الميعاد في أشهر لم يستطع موسى - عليه السلام - أن يقودهم إليها طوال أربعين
عاماً)، وتناسى اليهود أن غضب الله - تعالى - ولعنته التي حلت بهم ـ بسبب كفرهم ـ
هي التي أوجبت عليهم الشقاء والتيه في أرض سيناء تلك المدة الطويلة التي توفي فيها
هارون - عليه السلام - ثم لحقه موسى - عليه السلام -.
(1/212)
ولك أن تنظر للحقد اليهودي على نبي الله الكريم في هذه القضية خصوصاً ـ قيادة
اليهود في أرض التيه ـ بالصراع الذي يفتعله مخرج هذا الفيلم بين عصرين متباينين
لليهود في الزمان والمكان: عصر سحيق موغل في التاريخ القديم بقيادة موسى - عليه
السلام - كليم الله - تعالى -، الرحيم الصبور على أذى بني إسرائيل. وعصر الصهيونية
الحديث بقيادة ذلك المتطرف الصهيوني الروسي خليفة هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية
المعاصرة ذات التاريخ الأسود المليء بالحقد والقتل وسلب الحقوق وسفك الدماء(1).
لقد صور موسى - عليه السلام - بالقائد الذي لا يعرف أين يتجه، فهو لا يبدأ من مكان
حتى يعود إليه، وبالقائد الذي كلف قومه ما لا يطيقون، وشق عليهم مشقة بالغة، لم
يراعِ فيها كبيرهم، ولم يتفقد مريضهم. أما هذا القائد الشاب فيُصوَّر على أنه
القائد رقيق القلب، دمث الأخلاق، الرحيم الذي يتخلف مع الضعفاء، ويتفقد كبار السن،
ويواجه الصعاب، ويأسر الأفراد بحسن تعامله. بل حتى الماء الذي فجره الله - تعالى -
لكليمه ومصطفاه موسى - عليه السلام - فضلاً وتكرماً حين استسقى لقومه؛ خصها هؤلاء
الحاقدون بهذا القائد الجديد الذي ضرب بقدمه الأرض فانبعث الماء العذب من تحتها!!
وهكذا هم اليهود قوم غدر ولؤم وبهتان وتزوير للحقائق.
ويظل الصراع في الفيلم بين هذين القائدين حتى تحين ساعة النهاية المزرية لذلك
القائد الذي لا يعرف الطريق الصحيح فيموت على سفح جبل وعر يحول دون الوصول إلى أرض
الميعاد، ليستلم المهمة هذا الشاب الفتي بعد هلاك ذلك القائد الهرم، ويتوجه
بالقطيع جميعاً إلى طريق معاكس تماماً للطريق الذي كانوا يسيرون فيه، اكتشفه هذا
القائد بنفسه، وشقَّه بعرقه وجهده، وصبره وتحمله وتضحيته. لقد كان هو الطريق
الوحيد الذي رآه مناسباً لعبور ذلك القطيع نحو هدفهم التاريخي مهما كان طريقاً
مزوراً يكتنفه الظلم والقهر والغدر والألم لسكان البلاد الأصليين. وبالفعل يصل
القطيع الضخم لغايته ويبلغ أرض الميعاد، كما أوصل وايزمن ما لا يقل عن 100 ألف
يهودي إلى أرض فلسطين المسلمة. ويختم الفيلم ـ كالعادة ـ بمنظر الخضرة التي تكسو
الأرض نضارة؛ فالطيور ترفرف فرحاً، والأزهار تنتعش طرباً. ويحرص المخرج على إظهار
أن جيلاً جديداً بدأ يعمر الأرض، وأن حياة جديدة بدأت تتشكل هناك وسط هتاف الجميع
فرحاً بسلامة الوصول إلى أرض الميعاد، وهو احتفاء لا يقل عن احتفاء اليهود عشية
دخولهم القدس في أرض فلسطين الجريحة. ويختم الفيلم بتلك المقدمة التي تربط هذا
الوصول لتلك الأرض بالمستقبل الذي لا يُعلم ماذا سيحدث فيه!
إنه فيلم استطاع أن يصور قصة اليهود منذ البداية من خلال وجهة نظر اليهود أنفسهم،
لكن بطريقة ماكرة ومخادعة فيها الكثير من التزوير والبهتان والحقد، والله - عز وجل
- يشهد على نفسيتهم الخبيثة، والله - عز وجل - يكشف إفكهم ويُظهر كفرهم في كثير من
الآيات في كتابه العزيز. ولقد قرر الله - تعالى - حقيقة غضبه ولعنته لليهود، وأنها
بسبب كفرهم ومجاوزتهم حدود الأدب معه ومع أنبيائه ورسله. قال - عز وجل - :
{وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ
اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ
النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ}
[البقرة: 61].
ومن خلال ذكر الكيد اليهودي بموسى - عليه السلام -، وتفاقم شرهم على أنبياء الله
أجمعين يحذرنا القرآن من أن نكون مثلهم فنؤذي رسولنا كما آذوا رسولهم، على رسل
الله أجمعين الصلاة والسلام، ويبين وجاهة موسى - عليه السلام - عند ربه. قال - عز
وجل - : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى
فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا} [الأحزاب:
69]. كما يخبرنا القرآن الكريم عن خطاب صريح ومباشر وجَّهه موسى - عليه السلام -
نفسه لليهود يسألهم فيه عن سبب أذيتهم له مع أنهم يعلمون صدق رسالته، وأنه رسول
ربهم، ومخلِّصهم من بطش فرعون، ويذكر - سبحانه - أن سبب ذلك كامن في فساد قلوبهم
التي طبع الله - تعالى - عليها بكفرهم. قال - عز وجل - : {وَإذْ قَالَ مُوسَى
لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ
اللَّهِ إلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا
يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [الصف: 5]. إنه الكفر والاستعلاء والفساد في
الأرض الذي اتسم به جنس اليهود المبغوضين من شعوب الأرض أجمعين على مدار التاريخ
القديم والحديث.
(ديزني) تواصل حربها الإعلامية ضد الإسلام:
(1/213)
تأخذ الحرب الصهيونية على الإسلام والمسلمين في هذا الوقت أشكالاً متعددة، لعل
من أهمها الحرب الإعلامية التي تُوظف لها الأفلام السينمائية، وأفلام الرسوم
المتحركة الموجهة للكبار والصغار. وتكمن خطورة وسائل هذه الحرب في وجودها بوفرة في
الأسواق وإمكانية الحصول عليها بسهولة من محلات الفيديو المنتشرة في العالمين
العربي والإسلامي من دون وعي من قِبَل المشاهدين أو تحليل موضوعي دقيق لرسائلها
المعادية.
وما يقال عن رسالة هذين الفيلمين يقال عن كثير من أفلام هذه الشركة. وباستقراء بعض
تجاوزات (ديزني)؛ نجد أنها تعمد لتصوير رسالة تكررها هذه الشركة دائماً مفادها ـ
ضرورة «محاربة» الرجال الأشرار «ليظل العالم مكاناً مليئاً بالسعادة» ـ وهي تتعمد
الإساءة للإسلام والمسلمين من خلال تصويرهم بأولئك الأشرار في كثير من إنتاجها
الإعلامي، ومهرجاناتها المتكررة باعتماد الأسلوب المباشر وغير المباشر.. ومن تلك
الأمثلة ما يلي:
1 - أنتجت شركة ديزني عام 1982م فيلم الرسوم المتحركة (القط الطائر)، الذي يسيء
للمسلمين من خلال فكرة الفيلم التي تدور حول كوكب في الكون الخارجي جميع سكانه من
الهررة الذين بلغوا درجة متطورة من التقدم العلمي، بحيث يبدو سكان الأرض أمامهم
أناساً متخلفين جداً. وفي الفيلم مغامرة يتصل من خلالها قط طائر عجيب منها بعالم
أمريكي شاب، ويتفقان على مواجهة عصابة «خطرة جداً» تسعى للحصول على أسورة القط كي
تسيطر على العالم بواسطتها. صورت هذه العصابة ـ طبعاً ـ على أنها من العرب، وتحمل
أسماء عربية هي بالتحديد «أحمد ـ محمد ـ زكريا ـ علي»!! والغريب أنهم جاؤوا بعرب
حقيقيين يتحدثون اللهجة البدوية ليقوموا بهذا الدور الشرير، وقد وقَّت المخرج ظهور
هذه العصابة العربية بشكل يجعل المشاهد يضج غضباً من رؤيتها، ويهلل فرحاً كلما حقق
القط انتصاراً عليها. وختاماً يتدخل «الجيش الأمريكي»، ويلقي القبض على العصابة
العربية لينتصر القط العجيب والعالم الأمريكي!!
2 - بعد انتهاء حرب الخليج الثانية وفي عام 1991م أنتجت شركة ديزني فيلماً آخر من
أفلام الرسوم المتحركة يسيء للعرب والمسلمين اسمه (علاء الدين)، يدور الفيلم حول
قوة شريرة تجتمع فيها قوة الجني السحرية التي تدخل عالم القوة الكونية لانشطار
الذرَّة لتصبح قوة مدمرة عظيمة، يستولي عليها رجل عربي شرير اسمه (جعفر) بأنفه
المعقوف، وعمامته الدائرية، ولحيته المدببة، وثيابه الشرقية الواضحة؛ ليصبح بذلك
أقوى جني على وجه هذه البسيطة. وهي صورة مشوهة دائماً للعربي المكروه تتكرر كثيراً
في الإعلام الصهيوني الأمريكي.
3 - تعدُّ شركة والت ديزني مساهماً كبيراً في جهود الحكومة الأمريكية التي تخوضها
فيما تسميه حرباً على (الإرهاب)، والذي لا يستهدف سوى دول ومنظمات خيرية، وحركات
مقاومة إسلامية.
ولإظهار ما تملكه (ديزني) من قدرات، وما يمكن أن تقدمه في هذا المجال من أفلام
وبرامج موجهة؛ قال مدير الشركة: «إن أحد مصادر قوتنا هو قدرتنا على التواصل مع عدد
كبير من الناس في الولايات المتحدة وعبر العالم، ولذا فإننا نتحرك على عدة جهات
لكسب الرأي العام العالمي في معركتنا».
4 - ذكر موقع شركة ديزني على الإنترنت خبراً يفيد بأنها ستدخل العهد الجديد
باكتساب عدد من ملايين المسلمين في العراق. وذلك كجزء من اتفاقية (الأرض مقابل
النفس) بين الشركة وصدام حسين ـ استهزاء باتفاقية (الأرض مقابل السلام) التي
أطلقها العرب للتعبير عن حسن نياتهم لليهود. في اتفاقية (الأرض مقابل النفس)
ستبادل شركة ديزني دولة العراق بالفائض من مخزونها الاحتياطي من الأسلحة النووية
مقابل أكثر من أربعة ملايين شخص (سوف ندعوهم إخواننا وأخواتنا!!) كما يقول
الإعلان. وقد رافق هذا الخبر صورة حقيقية للمسجد الحرام بمرتاديه من الطائفين
والقائمين والركع السجود، لكن المفاجأة في هذه الصورة هي استبدال الكعبة المشرفة
بكُرة زجاجية على شكل كرة الجولف المصممة من قِبَل فناني ديزني. وتحت الخبر وردت
عبارات استفزازية متعددة للمسلمين تشمل الإساءة للنبي محمد بتشبيهه بالفأر (ميكي)،
حيث اعتمدوا في هذه الاتفاقية شخصية جديدة تسمى (محمد ميكي)، إضافة إلى استبدال
كرة الزجاج بالكعبة الشريفة!!
5 - لم تكفّ شركة ديزني عن الإساءة إلى الإسلام والمسلمين بشكل دائم ومستمر، وما
زلنا نتذكر تلك الضجة الإعلامية والمواجهة الكلامية التي تمت بين شركة ديزني
والجامعة العربية والمنظمات الإسلامية في أمريكا، والتي انتهت باستسلام الجميع
وإصرار ديزني. كان ذلك في 1/10/1999م عندما أقامت (ديزني) معرضاً للقدس داخل ما
أسمته بـ (القبة الألفية) للشركة بولاية فلوريدا، والذي لم تساهم (إسرائيل) في
تمويله إلا بقيمة 1. 1 مليون دولار، أما الباقي فقد قدمته جهات أخرى لا يجهلها أحد
ـ منها جهات عربية ـ!!
(1/214)
بل إن أحد رجال الأعمال اليهود اقترح على صفحات الصحيفة الشهيرة والواسعة
الانتشار «نيويورك تايمز» أنه في حال قبول ديزني لمقترح قدمه للرأي العام بعد
تغيير اسم المعرض من «القدس عاصمة إسرائيل» إلى «القدس قلب إسرائيل»؛ فإنه مستعد
لكي يمول المشروع ولو كلفه ذلك كل ثروته. وعلى باب المعرض تم تنظيم استطلاع لآراء
الأطفال فقط من بين الزائرين لكي يظهر للعالم الجواب الذي سيقوله أغلبية هؤلاء
الأطفال لسؤال واحد فقط هو: «ما هي عاصمة إسرائيل؟ ». ومع هذا فقد شاركت في هذه
القرية اليهودية دول عربية وإسلامية!
سياسة التوجيه من خلال الترفيه:
كل أمة تحمل رسالةً ما في الحياة ـ مهما كانت طبيعة تلك الرسالة ـ هي أمة تستشعر
معنى المسؤولية، وتسخِّر جميع طاقاتها لخدمة رسالتها تلك، وتوظف أهدافها الكبرى
لنشرها والتعريف بها، حتى إنها لتجعل من اللهو والترفيه وسيلة مؤثرة فعالة لتحقيق
القضية الكبرى والوصول إلى هدفها المركزي. وهذا ما يلمحه المتتبع لأفلام هذه
الشركة في طَوْرين من أطوارها، يظهر الطور الأول في صورة الأفلام والرسائل الموجهة
قبل استيلاء اليهود عليها، بينما يتجلى الثاني بعد بسط سيطرتهم عليها. ذلك أن هدف
الشاب والت ديزني ـ صاحب الفكرة الأولى ـ في خطواته الأولى لإنشاء شركته؛ كانت
تهدف لدمج الطفل مع حيوانات الغابة من خلال المزج السينمائي الساحر بين الأطفال
والحيوانات والطبيعة. ولهذا قام بابتكار شخصيات محببة إلى الأطفال تبعث جواً من
المرح والفكاهة. لكن من خلال الأزمة المالية التي كانت تمر بها الشركة ـ وبطريقة
الابتزاز والمكر والخداع ـ استولى اليهود على هذا الصرح الإعلامي الضخم الذي اكتسب
شهرته العالمية، ثم سعوا حثيثاً لتوظيف تلك الشخصيات الكرتونية المدبلجة في تحقيق
أهدافهم وخدمة هويتهم، وبخاصة قضية صراعهم الدامي مع المسلمين. ومن خلال الترفيه
تمكن اليهود من طرح قضاياهم الجادة، وفرضوها في كل المحافل، وأشغلوا بها العالم
شرقاً وغرباً. إنهم إذن يدركون ماذا يفعلون، فهم لا يقدِّمون منتوجاتهم، ولا
ينفقون أموالهم لمجرد اللهو والتسلية المحضة، بل ليكسبوا بها التعاطف الدولي مع
قضاياهم المحورية التي يذكّرون بها المشاهد صباح مساء باستخدام الأسلوب المباشر،
أو باعتماد أساليب أخرى ماكرة غير مباشرة تُدرس بعناية ثم تقدم بذكاء، مع كثير من
النفاق والكذب وتزوير الحقائق. بخلاف إعلامنا العربي الغائب الذي يغامر كثيراً
بعقول المشاهدين؛ عندما يصر على تقرير اللهو المحض ضمن أكثر قضاياه الجادة التي يتفنن
فيها، وينفق من أجلها الميزانيات الباهظة والجهود الكثيرة.
إن كثيراً من برامج الإعلام العربي الطائشة، ومسلسلاته الباردة الساذجة لا هدف من
ورائها إلا مجرد الإضحاك والتسلية وتضييع الأوقات، فإذا طرحت قضية جادة على
استحياء فمن باب التنويع لا غير في أسلوب تقديم الهزل والتنافس عليه. حتى فقدت
الأمة اتزانها، وتخلت عن رسالتها، ولم تكد تعي معنى الجد إلا من خلال قوانين اللهو
باعتماد هذه السياسة الإعلامية العقيمة، بينما تمكن أعداؤها من توظيف اللهو لخدمة
قضاياهم الجادة، وتلك هي المفارقة الحقيقية في معادلة النصر والهزيمة.
بهذه النظرة الواعية يمكننا أن ندرك الهدف من هذا الغزو ـ اللطيف ـ الموجه
لأبنائنا وبناتنا، والذي صاغه اليهود بعناية دقيقة؛ مستفيدين من أحدث الأساليب
المتطورة في الإخراج السينمائي عموماً، وفي عالم الرسوم المتحركة على وجه الخصوص.
والت ديزني في عيون أطفالنا:
وبعد.. فكيف ينظر أطفالنا لهذه الشركة؟ وما حجم الوعي بأساليب الغزو غير المباشر
في محتوى أفلام الرسوم المتحركة التي تقوم بإنتاجها؟ وللإجابة الموضوعية عن هذا
التساؤلات قمت باستطلاع مقنن لخمسة وعشرين طالباً من طلاب المرحلة المتوسطة ممن
شاهدوا فيلماً واحداً على الأقل من أفلام الرسوم المتحركة التي تنتجها شركة ديزني،
والذين تتراوح أعمارهم بين 13 ـ 15عاماً؛ لمعرفة آرائهم حول خمسة محاور مهمة هي:
ماذا تعرف عن شركة ديزني؟ ما الفكرة العامة التي استنتجتها لكل فيلم رأيته من
أفلام هذه الشركة؟ ما نسبة المفاسد والفوائد التي اطلعت عليها في هذه الأفلام؟
عدِّد بعضاً من تلك المفاسد أو الفوائد في هذه الأفلام من خلال مشاهداتك وتجاربك
الخاصة. وأخيراً: قارن بين أفلام ديزني والأفلام الكرتونية المدبلجة التي قامت
بإنتاجها شركات إسلامية من حيث السلبيات والإيجابيات.
وكانت النتائج الموضوعية من خلال إجابات الطلاب أنفسهم على النحو الآتي:
أولاً: ماذا تعرف عن شركة والت ديزني؟
3 «هي شركة تنتج برامج للأطفال، وتعمل أشياء كثيرة حتى يؤخذ عنها فكرة حسنة ويشتري
الناس منها».
3 «شركة أمريكية تنتج أفلاماً يلهو بها أطفال المسلمين».
3 «شركة لا تتعامل مع الأطفال فقط في أفلامها، ولكنها تراعي أعمارنا نحن الشباب في
سِنِّنا وفي الثانوية كذلك».
ثانياً: ما الفكرة العامة التي استنتجتها لكل فيلم رأيته من أفلام هذه الشركة؟
(1/215)
بتوجيه الطلاب إلى الخروج من دائرة الانبهار بالسرد القصصي لأحداث الأفلام
التفصيلية التي شاهدها كل منهم إلى استخراج الفكرة العامة لكل فيلم كانت النتائج
التي توصل إليها الطلاب ـ بعباراتهم الخاصة ـ كما يلي:
(الغدر والخيانة والطمع)، (الحب والغرام)، (الانتقام)، (تعلم حياة جديدة من غير
الاعتماد على الآخرين)، (الاستغناء عن الكبار)، (إيذاء الآخرين)، (الطمع والغيرة)،
(الأنانية).
ثالثاً: ما نسبة المفاسد والفوائد التي اطلعت عليها من خلال مشاهداتك المباشرة
لهذه الأفلام؟
تباينت التقديرات من الطلاب في تحديد هذه النسبة بحسب التباين بينهم في الفهم،
والذي يعود لعوامل عدة، لعل من أهمها: محافظة الأسرة وتدينها، والنشأة التي نشأها
الطفل، ونسبة الثقافة ودرجة الوعي ونحوها. وفي الجملة تراوحت نسب الفساد التي
ذكرها الطلاب ما بين (15% و 100%) بينما تراوحت نسبة الفائدة بين (10% و 60%).
وهناك من فصّل تفصيلاً مهماً في الموضوع، وأضاف إضافات طريفة على النحو الآتي: «في
قصص الأطفال نسبة الفساد في نظري 20%، أما في الأفلام التي يمثل فيها الرجال
الكبار فالفساد 100% كلها قصص حب، ماذا نستفيد منها؟ ». «عندما نكون صغاراً يكون
الفساد قليلاً علينا، ولكن كلما كبرنا يكون الفساد أكثر». «هذه الأفلام تعلم
الأطفال كيف يتعلقون بها، حتى يكبروا ويشاهدوا فساداً أكبر».
رابعاً: عدّد بعضاً من تلك المفاسد والفوائد من خلال مشاهداتك وتجاربك الخاصة.
تعددت إجابات الطلاب حول هذه القضية باختلاف العوامل السابقة. ولعل أحسن التبويبات
التي ذكرها أحدهم في إجابته أنه قسم «المفاسد» إلى نوعين: مفاسد خارج الفيلم،
ومفاسد داخل الفيلم.
وقد أعجبني هذا التقسيم، وانتهجته مع سائر الإجابات الأخرى التي أدلى بها زملاؤه
الآخرون. وبعد تفنيدها كانت النتائج على النحو الآتي:
أولاً: المفاسد التي شاهدها الطلاب داخل الأفلام: (الحب، تلهي عن الصلاة والعبادة،
تعلّم أشياء خليعة، خلق الأرواح وتصوير الإنسان، اللبس القصير والفاضح، الموسيقى،
الرقص والاختلاط بين الذكور والإناث، مظاهر ليست من مظاهر المسلمين، رمي الأطعمة
وإهانتها وعدم تقدير النعمة، ألفاظ وأفعال شركية كثيرة ـ وذكر بعض الطلاب عدداً
منها ـ مثل: تنزيل المطر، وإنبات الأعشاب، وتصرفات تشابه فعل الله - تعالى -،
السحر، القمار).
ثانياً: المفاسد خارج الأفلام ـ كما ذكرها الطلاب ـ: (تعليم الصغار أن يتحدثوا عن
الحب والغرام منذ البداية، تضييع الوقت، الانشغال عن الوالدين وتعويد الطالب على
عدم برِّهما، صرف الأموال والتبذير).
بينما دارت الفوائد في الآتي: (التعاون بين الأفراد، والتحذير من الانفراد
والانعزال، التحذير من الأنانية والطمع، قضاء الوقت والمرح).
ومن إجابات أحد الطلاب حول الفوائد التي خرج بها قوله: «ليس فيها إلا مجرد ضياع
للوقت، والضحك».
ثالثاً: قارن ـ بذكر السلبيات والإيجابيات ـ بين أفلام ديزني والأفلام الكرتونية
المدبلجة الموجهة للطلاب، والتي قامت بها شركات إسلامية أخرى.
من خلال مشاهدة الفرق ـ في نظر هؤلاء الطلاب ـ كانت النتائج كما يلي:
المكر الكبّار في مقابل الوعي الغائب:
في غياب الوعي التربوي، ومراقبة ما يقدم للأطفال من حيث المحتوى والهدف ـ لا من
حيث التشويق والإثارة فحسب ـ يظهر الخلل، وينشأ الانحراف. ولقد رأيت أن نسبة كبيرة
من أولياء الأمور لا يهمهم ـ غالباً ـ وجود مفهوم منحرف يقدم بأسلوب غير مباشر في
أفلام الرسوم المتحركة، وبخاصة للأبناء والبنات دون سن الرابعة عشرة، رغبة في
الاستمتاع والتسلية، وظناً منهم بأن عقولهم الصغيرة أقل من أن تدرك ما بين السطور.
وهذا وعي غائب أفرزه التساهل والجهل معاً.. التساهل بأمانة التربية والتقويم منذ
الصغر، والجهل بالقدرات الحقيقية لعقلية الفتيان والفتيات.
ومن خلال الإجابات السابقة يتبين لنا مستوى النضج، ودرجة الوعي والإدراك الذي يصل
إليه أبناؤنا وبناتنا في هذه السن المبكرة، بل إن بعضهم لربما فاق كثيراً من
الكبار في هذا المجال في باب النقد والتحليل. إن ظاهرة الوعي الغائب يتحدد من خلال
قناعة الكثير من أفراد هذه الأمة بالتفاعل مع الهجمات الموجهة الشرسة فقط، ومن هذه
القناعة خاصة يعظم الكيد الخفي بعد أن تتهيأ للعدو الفرص السانحة ليعمل بهدوء لكن
بنتائج مؤكدة. ومن خلال التخطيط الخفي يرتب العدو أوراقه، وينشر مكره، ويحقق
مخططاته وفق الأولويات التي يراها مناسبة في كل مرحلة، وغياب الوعي عن المكر الخفي
داء خطر، لا يزول بمجرد الهيجان ضد الكيد السافر المباشر، كما أنه شر عظيم يمكن
لأعداء الأمة بكل سهولة.
(1/216)
وفي حين يهبّ كثير من العرب والمسلمين إذا ما تحقق النيل الصريح المباشر من
دينهم وعقيدتهم؛ نجد كثيراً منهم غافلين عما يراد بهم في الخفاء، إنهم لا يهبُّون
ـ غالباً ـ إلا إذا نيل من شخص النبي محمد .. باسمه الصريح، بينما لا تثيرهم مئات
المطاعن والشتائم الأخرى على هذا النبي الكريم بالوسائل الماكرة غير المباشرة؛ عبر
الوسائل الإعلامية الكثيرة في الصحف والأفلام والمجلات والقنوات. وهم يثورون كذلك
إذا نيل من القرآن الكريم.. لكن ذلك المحفوظ بين دفتي المصحف ذي اللون الأخضر
البراق المكتوب بخط النسخ الجميل، ولا يحركون ساكناً أمام عشرات التصريحات اليومية
بعدم صلاحية هذا القرآن للتطبيق في هذا العصر، أو التنقص من أحكامه وتشريعاته، أو
مقارنته بالقوانين الوضعية التي يتحاكمون هم إليها، ويحتجون بها في حياتهم اليومية
بلا حرج. كما أن منظراً يبثه الإعلام لطفل مسلم بريء يُقتل بين أحضان والده ظلماً
كفيل بتأجيج مشاعر الملايين وتحريكهم في الشوارع هائجين.. غاضبين طوال النهار،
لكنهم سريعاً ما يُصبحون في اليوم التالي على لهوهم ومرحهم وغفلتهم.
وفي حين تحصد الطائرات والقذائف عشرات الألوف من المسلمين في بقاع شتى من العالم،
ويُفتَك بالألوف من أطفال المسلمين ونسائهم وشيوخهم بغير ذنب، ويموت من جراء
الحصار الطويل مئات الألوف منهم؛ يتبادل البعض في الشارع العربي جدوى المقاطعة
لمنتوجات ذلك العدو الظالم وهم يتابعون فيلماً من أفلامه، ويتجرعون مشروباً من
مشروباته، ويلبسون كساء من منتوجاته!! بل حتى أحداث الرعب في دول عربية وإسلامية
مجاورة لا تكاد تحرك أحداً من المسلمين في ذلك الشارع!!
فأين من يستشعر مصاب إخواننا المسلمين في فلسطين والجزائر والسودان والصومال؟
وماذا نعلم عما يحدث الآن في الجمهوريات المسلمة في آسيا؛ بدءاً بالشيشان ومروراً
بداغستان، وكشمير، وتركستان، وأفغانستان؟ بل أين نحن عما يخطط له الأعداء للمستقبل
القريب للعديد من الدول الإسلامية الأخرى مثل باكستان ومصر واليمن وسوريا ولبنان
والسعودية وغيرها، وسعيهم لإيقاعها في مستنقع الفوضى والاضطراب والفرقة؟ وأكاد
أجزم أن كثيراً من المسلمين اليوم قد ضبطوا انفعالاتهم ومشاعرهم وردود أفعالهم
تجاه عدوٍّ من الأعداء بعينه، في قضية من القضايا بعينها، وأن كثيراً منهم لا
يكادون يفطنون لما يجري من أحداث مصيرية تتعلق بأمتهم؛ فضلاً عن إدراك حقيقة ما
يراد بهم في المستقبل القريب، فضلاً عن معرفة الواجب تجاه فيلم كرتوني مدبلج يطعن
فيهم وفي دينهم ورسولهم وتاريخهم.
ولقد كان الرهان قائماً ـ ولا يزال ـ في قاعات الاجتماعات المغلقة لصناع القرار في
الغرب على جدوى التفكير في ردود فعل الشارع العربي الذي يحوي 380 مليون مسلم،
وتهميشه من أي دور فاعل محتمل قبل اتخاذ القرارات الجائرة ضد العرب والمسلمين. ومع
علمنا بأنه مجرد شارع لفئة بسيطة من المستمعين ـ كما يقول بعض المحللين الغربيين ـ
إلا أن له كذلك مكانته التي يحسب لها المستعمر الحديث ألف حساب، فهو قوة فاعلة
يمكن أن تذكي نار المخاوف الغربية، وأن تشعل نقاشات الصهيونية الأمريكية في
الكونجرس لو استثمر الاستثمار الصحيح في معادلة المواجهة الصامتة مع الغرب في هذه
المرحلة.
إن دراسة واعية، ونصيحة صادقة تُقدم للأمة، ومقاطعة صارمة يجمع عليها هذا العدد
الضخم كله في ذلك الشارع العربي الواسع، ويؤازرهم فيها سائر إخوانهم المسلمين في
العالم؛ لأي منتج تثبت صلته بمؤسسة أو منظمة تستخف بحقوق العرب والمسلمين، أو تكيد
لهم بأي نوع من أنواع الكيد، أو تدعم اقتصاد عدوهم الغاصب، أو تستخف بقضيتهم
الكبرى ـ مؤذن بإغلاق الكثير من المحلات المشبوهة في ذلك الشارع الكبير، والتمهيد
لظهور محلات أخرى أنقى منها وأكثر ولاء، أو على الأقل أكثر حياداً. وهو ما يعترف
به صنَّاع القرار الأمريكي أنفسهم عند الحديث عن سلاح المقاطعة الفتاك الذي يلوّح
به المسلمون بين الحين والآخر.
غير أن سلاح المقاطعة ذاك ليس محصوراً في زجاجة مشروب غازي فقط، أو في علبة حلوى،
أو منتج للأطفال، أو مطهر للأواني المنزلية فحسب، بل يدخل فيه الجانب الإعلامي
بمقاطعة تلك الشركات المعادية التي تنتج تلك الأفلام المشبوهة التي تحدثت عنها.
كما يتناول ـ على السواء ـ الصناعات الثقيلة والخفيفة والملبوسات والأدوية،
ونحوها. إنه شعور داخلي لدى الفرد، وشعور عام يشكل حركة المجتمع يمكن توظيفه
بعناية وفق قاعدة الولاء والبراء الشرعية التي يتقرب فيها العبد المسلم من ربه
طمعاً في الأجر؛ من خلال امتناعه عن إنفاق أي جزء من ماله ـ مهما كان قليلاً ـ في
أي وجه من وجوه الإضرار بالمسلمين. وهو التفاعل الذي يبرهن فيه صاحبه على صدق
انتمائه للمسلمين في قضاياهم المصيرية الكبرى مع عدوهم أينما كان.
أعدت تلك البطاقات الملونة إلى أصحابها الصغار في آخر المطاف، ثم سألت أحدهم
مداعباً: أي نصيحة من هذه النصائح المكتوبة على البطاقات أعجبتك؟ فكَّر قليلاً وهو
يقلبها بيده الصغيرة ثم قال:«الصديق وقت الضيق»!!
(1/217)
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
=============
(1/218)
(1/219)
تعقيبا على تسليم الدولة لفتاتين أسلمتا إلى الكنيسة
دولة ومؤسساتها فقد مبررات وجودها دستوريا
اللجنة المصرية للدفاع عن حرية العقيدة
مرة أخرى تثبت الدولة ومؤسساتها وأجهزتها أنها غير أمينة على دستور البلاد الذي
يحمي الحرية في أعز ما فيها ، حرية الاعتقاد وحرية الدين ، مرة أخرى تقدم الدولة
وأجهزتها ومؤسساتها دعمها المطلق للتطرف الديني الذي تمارسه قلة من المتطرفين
الأقباط مدعومين من المؤسسة الكنسية في أعلى سلطاتها ، مرة أخرى تعلن الدولة
لمواطنيها كافة بأنها غير مسؤولة عن تطبيق القانون أو نصب الدستور الذي من المفترض
أن يحكم البلاد ويوجه دفة الحكم فيها ويحدد العلاقة بين المواطن وبين مؤسسات الدولة
، مرة أخرى تثبت الدولة لمواطنيها أنها غير معنية أصلا بحمايته أو الدفاع عن حقوقه
الأولية بل وتؤكد للمواطنين بأنه يمكن أن تتواطأ مع البلطجة أو التطرف إذا كان ذلك
يخدم مصالح بعض الأشخاص حتى وإن كان ينطوي على جريمة صريحة يعاقب عليها القانون ،
مرة أخرى تثبت الدولة في مصر أنها دولة بلا مؤسسات وبلا قانون وبلا عدالة وبلا
نيابة عامة ، دولة فقدت مبررات وجودها كدولة ، عندما نامت كل مؤسساتها وأجهزتها
عمدا أمام صرخات مواطنتين مضطهدتين في دينهن فارتين بعقيدتهن التي اختاروها من
القمع والاضطهاد ، فإذا بالشريان الوحيد في الدولة الذي يعمل ، وهو شريان الأمن
فيها ، يقبض على فتاتين لجأتا إليه للحماية ، بوصفه يمثل دولة وقانونا ، وإذا به
يقوم بتسليم " تيريزا إبراهيم " و" ماريان عياد " إلى
المتطرفين الذين يطاردونهن واللاتي فررن منهم أصلا ، وأمام الدولة المستخزية
الفاقدة للأهلية كدولة ، وأمام أعين الأجهزة التي تستأسد على قوى المعارضة
السياسية ، يقوم المتطرفون بحلق شعر رأس الفتاتين تماما " على الصفر "
ويتم ترحيلهن قسرا إلى أحد الأديرة للخضوع لحكم الاعتقال الذي حكمت به الدولة
الموازية / الكنيسة ، عقابا لهن على تفكيرهن في ممارسة حق كفله لهم دستور دولة لم
تعد قائمة فيما يبدو ، ولكي يؤكدوا أمام كافة المواطنين بأنه لا دولة للأقباط في
مصر إلا دولة الكنيسة ، بإرادتها السياسية وبقانونها الخاص ومحاكمها الخاصة
وبأجهزتها ومعتقلاتها .
إن هذا الذي يحدث جريمة أخلاقية ، وجريمة قانونية ، وجريمة دستورية أيضا ، وليس
الأمر كما يروج بعض الحمقى بأنه لا يفيد البلد تحول مسلم إلى المسيحية أم تحول
مسيحي إلى الإسلام ، وإنما الأمر في صميمه هو إهدار متعمد للدستور والقانون ، بل
وتواطؤ من الدولة وأجهزتها الرسمية على إهدار دستور البلاد ، والاتفاق الجنائي بين
الدولة وبعض المتطرفين على ارتكاب جريمة صريحة في حق مواطنين ، وتخلي الدولة
وأجهزتها عن مسؤوليتها التي من أجلها قامت ، وهي حماية المواطن في حقوقه المكتسبة
وفي أعلاها حقه في حرية الدين والاعتقاد ، هذه هي القضية في صلبها وجوهرها .
إن هذا الذي يحدث ويتكرر كل عدة أيام في مصر هو نذير شؤم على البلاد والعباد ،
وإذا وقعت الواقعة ، ولا نظنها بعيدة ، إذ يستشعرها الكافة في احتقان النفوس في
عموم مصر هذه الأيام ، فإن أحدا لن يمكنه أن يطفئ نيرانها ، ووقتها نعض أصابع
الندم على تواطأنا جميعا على إهدار القانون والدستور وتغييب الدولة عن ممارسة
دورها كدولة ، مقابل تعزيز وتعميق دور دولة الكنيسة .
http://www.almoslim.net المصدر:
=============
(1/220)
(1/221)
قادة الغرب يقولون :
دمروهم بالنووي
علي عبدالعال
فالغرب في هذه المرة يجهر بلا أي مواربة في توجيه التهديد، والتهديد مغلف باستخدام
السلاح النووي، على ما في هذا السلاح من خطورة ليست في حجم الدمار الذي يخلفه بمثل
ما فيه من قدرة على توسيع رقعة أي مواجهة قد يكون طرفاً فيها. والمواجهة هذه المرة
ليست مواجهة أحلاف وتكتلات على مصالح متناقضة، بل مواجهة حضارات بحسب الرؤية
الغربية، وهذا الصدام الحضاري الذي نال امتياز التبشير به حكماء ومفكرو الغرب سيقع
حتماً بين أطراف عقائدية وفكرية في الأساس.
في تحذير صريح ومباشر في آن واحد، هدد الرئيس الفرنسي، جاك شيراك، الخميس
19/1/2006م، باستخدام الترسانة النووية لبلاده ضد أي دولة ترعى هجوماً (إرهابياً)
على الأراضي الفرنسية.
وقال شيراك: إن باريس ستكون مستعدة لاستخدام الأسلحة النووية في حال وقوع أي هجوم
عليها. جاءت تصريحات الرئيس الفرنسي الذي دأبت الأدبيات الرسمية العربية على
اعتباره (صديق العرب والمسلمين في أوروبا) خلال زيارته للقاعدة النووية الفرنسية
بجزيرة "ليل لونغ" قبالة سواحل برست بغرب البلاد.
وتحدث شيراك عما وصفه بالتهديدات الجديدة في عالم ما بعد الحرب الباردة. وقال:
"إن في العديد من البلدان، تنتشر أفكار متشددة تدعو إلى المواجهة بين
الحضارات"، مضيفاً أن زعماء الدول التي: "ستقدم على استخدام الوسائل
الإرهايبة ضدنا، عليهم أن يعوا أنهم سيعرضون أنفسهم لرد حازم ومناسب من
جانبنا". وقال: إن فرنسا كيفت قواتها النووية بشكل يسمح لها بالرد على
التهديدات.
ولم تكن هذه التصريحات الصادرة عن أحد زعماء الأجنحة الغربية العتيقة من النوع
العابر بأي حال، خاصة وأنها تأتي في ظل الجدل المثار حول البرنامج النووي لإيران
باعتبارها المارد الإسلامي المتشدد الذي يتأهب لتدمير الحضارة الغربية ومعها
أمريكا وإسرائيل.
وكانت فرنسا أبدت قلقها حيال البرنامج الإيراني ودعت طهران لوقف عمليات البحث
والتطوير في منشآتها النووية. ولما لم يقم دليل واحد لدى الغرب حتى الآن على وجود
دولة ترعى الهجمات ضد بلاده شرقية كانت أو غربية، خاصة وأنه ما من عملية هجومية
تقع في دولة من الدول الغربية إلا وتصحبها سلسلة من الإدانات والاستنكارات
الرسمية، فلابد من الوقوف أمام هذه التصريحات لمعرفة وجهتها الحقيقية والهدف من ورائها.
فقد تحدث شيراك من بين ما تحدث عما وصفه بالتهديدات الجديدة في عالم ما بعد الحرب
الباردة. هذه الحرب التي تمخض عنها "حلف شمال الأطلسي" آنذاك في مقابل
"حلف وارسو" الشرقي الذي سرعان ما انهار مخلفاً عالم القطب الأوحد
والحلف الأوحد الذي شاءت له الظروف أن يأخذ طابع التحالف العسكري الأبدي بين القوى
الغربية.
وقد صاحب الأبدية التي تلون بها الحلف الغربي تساؤل قوي ظل يطرح نفسه دون أن يهتدي
لجواب..في مواجهة من؟ ظل الغربيون حريصون على بقاء حلفهم العسكري وقد انهار العدو
الشرقي!؟.فلا يوجد عدو واضح يمكن توجيه الآلة العسكرية الغربية إليه، ولا توجد أرض
معركة ظاهرة للعيان، ولا دولة معينة يمكن إسقاطها لتنتهي عند ذلك حربهم.
ولم يكن الغربيون من السفه حتى يوجهون طاقاتهم لقتال الأشباح.
فمن بين الأوصاف التي خلعها الرئيس الفرنسي على الدول التي حذرها من رعاية الهجمات
التي قد تستهدف بلاده دول: "تنتشر فيها أفكار متشددة تدعو إلى المواجهة بين
الحضارات". وهذا الوصف لا شك لا ينطبق ـطبقاً للرؤية الغربيةـ سوى على دول
المنطقة العربية والإسلامية. ومن ثم فلا مجال لنفي حقيقة التهديد الموجه من قبل
الغرب، وهو ما أعلنه الأمريكيون قبل ذلك صراحة فيما يسمى بـ (الحرب على الإرهاب)
هذه الحرب التي دارت رحاها وجميع معاركها على أرض إسلامية (العراق، أفغانستان،
باكستان، اليمن، السودان، السعودية، الكويت) وأخيراً (سوريا وإيران ولبنان) ناهيك
عن تجنيد الأنظمة المتحالفة مع الغرب ضد شعوبها في هذا المجال.
وأمام هذه الحرب التي أخذ الحلف الغربي بجميع أجنحته يعد لها العدة ـ كما يبدو من
خطاباته ـ وهو ما بدى جلياً في التحالف الذي اجتاح الأراضي العراقية بحجة البحث عن
أسلحة الدمار الشامل، واسقاط نظام صدام حسين، تتجلى خطورة وحجم التهديد.
فالغرب في هذه المرة يجهر بلا أي مواربة في توجيه التهديد، والتهديد مغلف باستخدام
السلاح النووي، على ما في هذا السلاح من خطورة ليست في حجم الدمار الذي يخلفه بمثل
ما فيه من قدرة على توسيع رقعة أي مواجهة قد يكون طرفاً فيها. والمواجهة هذه المرة
ليست مواجهة أحلاف وتكتلات على مصالح متناقضة، بل مواجهة حضارات بحسب الرؤية
الغربية، وهذا
من السنين على وفاة موسى - عليه السلام -. والناظر لما يصدر عن النفسية اليهودية
الحاقدة لا يقف طويلاً عند الهدف الخفي الذي يصوره المقطع القادم من الفيلم الذي
يبدأ بهجرة ذلك الديناصور ـ المنقذ ـ بحثاً عن بني قومه الذين يلتقي بهم أخيراً
تائهين في وهج الشمس بصحراء سيناء القاحلة، وهائمين على وجوههم بلا ظل ولا ماء،
وهم مع ذلك مطاردون من عدد من الديناصورات آكلة اللحوم الغاضبة. والملاحظ في
الفيلم أن هذا الديناصور الشاب يجد القطيع منهكاً.. تائهاً لا يعرف إلى أين يسير
مع أن له قائداً ومساعداً يوجهان حركته الضخمة. لم يكن لدى القطيع بد في المسير؛
فالقائد ـ كما يصوره مخرج الفيلم ـ فظ غليظ القلب، شرس الطباع، ظالم لا يرحم
الضعفاء وكبار السن والمرضى، وهو مضطرب في قراراته؛ فها هو يصدر أوامره الصارمة
فجأة بالتوقف للراحة، وبعد قليل يصدر أمراً آخر مفاجئاً وأكثر صرامة ليتحرك القطيع
قبل أن يأخذ راحته، وعن يمينه يسير ذلك المساعد الذي صُوِّر على أنه ديناصور تابع
لا حول له ولا قوة، فهو يأتمر بما يأمره به، وينتهي عما ينهاه عنه، ويحفظ القطيع
كلما عرض للقائد عارض.
لعلكم بعد هذا العرض أدركتم ـ كذلك ـ أبطال الفيلم من وجهة نظر اليهود! ولسبب ما
تنقلب الشخصيتان؛ فرمز موسى - عليه السلام - في الفيلم ينقلب إلى رمز آخر جديد
يعتبره اليهود المخلص الحقيقي لهم، في حين يُصوَّر موسى - عليه السلام - في رمز
ذلك القائد العنيف الظالم.
لكن من هي الشخصية الجديدة التي استولت على البطولة، وسحبت البساط من تحت أقدام
ذلك الشاب الفتي الذي نشأ وترعرع ليحقق حلم عودة القطيع إلى أرض الميعاد؟
إن المتتبع للتاريخ اليهودي الحديث لن يقف طويلاً عند ـ تخمين ـ تلك الشخصية التي
يقدرها اليهود ويكنون لها الإعجاب والاحترام، فهذه الشخصية تعود للزعيم الصهيوني
«حاييم وايزمان» الذي يصفه اليهود بأنه (الرجل الذي قاد شعب الله المختار إلى أرض
الميعاد في أشهر لم يستطع موسى - عليه السلام - أن يقودهم إليها طوال أربعين
عاماً)، وتناسى اليهود أن غضب الله - تعالى - ولعنته التي حلت بهم ـ بسبب كفرهم ـ
هي التي أوجبت عليهم الشقاء والتيه في أرض سيناء تلك المدة الطويلة التي توفي فيها
هارون - عليه السلام - ثم لحقه موسى - عليه السلام -.
(1/212)
ولك أن تنظر للحقد اليهودي على نبي الله الكريم في هذه القضية خصوصاً ـ قيادة
اليهود في أرض التيه ـ بالصراع الذي يفتعله مخرج هذا الفيلم بين عصرين متباينين
لليهود في الزمان والمكان: عصر سحيق موغل في التاريخ القديم بقيادة موسى - عليه
السلام - كليم الله - تعالى -، الرحيم الصبور على أذى بني إسرائيل. وعصر الصهيونية
الحديث بقيادة ذلك المتطرف الصهيوني الروسي خليفة هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية
المعاصرة ذات التاريخ الأسود المليء بالحقد والقتل وسلب الحقوق وسفك الدماء(1).
لقد صور موسى - عليه السلام - بالقائد الذي لا يعرف أين يتجه، فهو لا يبدأ من مكان
حتى يعود إليه، وبالقائد الذي كلف قومه ما لا يطيقون، وشق عليهم مشقة بالغة، لم
يراعِ فيها كبيرهم، ولم يتفقد مريضهم. أما هذا القائد الشاب فيُصوَّر على أنه
القائد رقيق القلب، دمث الأخلاق، الرحيم الذي يتخلف مع الضعفاء، ويتفقد كبار السن،
ويواجه الصعاب، ويأسر الأفراد بحسن تعامله. بل حتى الماء الذي فجره الله - تعالى -
لكليمه ومصطفاه موسى - عليه السلام - فضلاً وتكرماً حين استسقى لقومه؛ خصها هؤلاء
الحاقدون بهذا القائد الجديد الذي ضرب بقدمه الأرض فانبعث الماء العذب من تحتها!!
وهكذا هم اليهود قوم غدر ولؤم وبهتان وتزوير للحقائق.
ويظل الصراع في الفيلم بين هذين القائدين حتى تحين ساعة النهاية المزرية لذلك
القائد الذي لا يعرف الطريق الصحيح فيموت على سفح جبل وعر يحول دون الوصول إلى أرض
الميعاد، ليستلم المهمة هذا الشاب الفتي بعد هلاك ذلك القائد الهرم، ويتوجه
بالقطيع جميعاً إلى طريق معاكس تماماً للطريق الذي كانوا يسيرون فيه، اكتشفه هذا
القائد بنفسه، وشقَّه بعرقه وجهده، وصبره وتحمله وتضحيته. لقد كان هو الطريق
الوحيد الذي رآه مناسباً لعبور ذلك القطيع نحو هدفهم التاريخي مهما كان طريقاً
مزوراً يكتنفه الظلم والقهر والغدر والألم لسكان البلاد الأصليين. وبالفعل يصل
القطيع الضخم لغايته ويبلغ أرض الميعاد، كما أوصل وايزمن ما لا يقل عن 100 ألف
يهودي إلى أرض فلسطين المسلمة. ويختم الفيلم ـ كالعادة ـ بمنظر الخضرة التي تكسو
الأرض نضارة؛ فالطيور ترفرف فرحاً، والأزهار تنتعش طرباً. ويحرص المخرج على إظهار
أن جيلاً جديداً بدأ يعمر الأرض، وأن حياة جديدة بدأت تتشكل هناك وسط هتاف الجميع
فرحاً بسلامة الوصول إلى أرض الميعاد، وهو احتفاء لا يقل عن احتفاء اليهود عشية
دخولهم القدس في أرض فلسطين الجريحة. ويختم الفيلم بتلك المقدمة التي تربط هذا
الوصول لتلك الأرض بالمستقبل الذي لا يُعلم ماذا سيحدث فيه!
إنه فيلم استطاع أن يصور قصة اليهود منذ البداية من خلال وجهة نظر اليهود أنفسهم،
لكن بطريقة ماكرة ومخادعة فيها الكثير من التزوير والبهتان والحقد، والله - عز وجل
- يشهد على نفسيتهم الخبيثة، والله - عز وجل - يكشف إفكهم ويُظهر كفرهم في كثير من
الآيات في كتابه العزيز. ولقد قرر الله - تعالى - حقيقة غضبه ولعنته لليهود، وأنها
بسبب كفرهم ومجاوزتهم حدود الأدب معه ومع أنبيائه ورسله. قال - عز وجل - :
{وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ
اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ
النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ}
[البقرة: 61].
ومن خلال ذكر الكيد اليهودي بموسى - عليه السلام -، وتفاقم شرهم على أنبياء الله
أجمعين يحذرنا القرآن من أن نكون مثلهم فنؤذي رسولنا كما آذوا رسولهم، على رسل
الله أجمعين الصلاة والسلام، ويبين وجاهة موسى - عليه السلام - عند ربه. قال - عز
وجل - : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى
فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا} [الأحزاب:
69]. كما يخبرنا القرآن الكريم عن خطاب صريح ومباشر وجَّهه موسى - عليه السلام -
نفسه لليهود يسألهم فيه عن سبب أذيتهم له مع أنهم يعلمون صدق رسالته، وأنه رسول
ربهم، ومخلِّصهم من بطش فرعون، ويذكر - سبحانه - أن سبب ذلك كامن في فساد قلوبهم
التي طبع الله - تعالى - عليها بكفرهم. قال - عز وجل - : {وَإذْ قَالَ مُوسَى
لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ
اللَّهِ إلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا
يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [الصف: 5]. إنه الكفر والاستعلاء والفساد في
الأرض الذي اتسم به جنس اليهود المبغوضين من شعوب الأرض أجمعين على مدار التاريخ
القديم والحديث.
(ديزني) تواصل حربها الإعلامية ضد الإسلام:
(1/213)
تأخذ الحرب الصهيونية على الإسلام والمسلمين في هذا الوقت أشكالاً متعددة، لعل
من أهمها الحرب الإعلامية التي تُوظف لها الأفلام السينمائية، وأفلام الرسوم
المتحركة الموجهة للكبار والصغار. وتكمن خطورة وسائل هذه الحرب في وجودها بوفرة في
الأسواق وإمكانية الحصول عليها بسهولة من محلات الفيديو المنتشرة في العالمين
العربي والإسلامي من دون وعي من قِبَل المشاهدين أو تحليل موضوعي دقيق لرسائلها
المعادية.
وما يقال عن رسالة هذين الفيلمين يقال عن كثير من أفلام هذه الشركة. وباستقراء بعض
تجاوزات (ديزني)؛ نجد أنها تعمد لتصوير رسالة تكررها هذه الشركة دائماً مفادها ـ
ضرورة «محاربة» الرجال الأشرار «ليظل العالم مكاناً مليئاً بالسعادة» ـ وهي تتعمد
الإساءة للإسلام والمسلمين من خلال تصويرهم بأولئك الأشرار في كثير من إنتاجها
الإعلامي، ومهرجاناتها المتكررة باعتماد الأسلوب المباشر وغير المباشر.. ومن تلك
الأمثلة ما يلي:
1 - أنتجت شركة ديزني عام 1982م فيلم الرسوم المتحركة (القط الطائر)، الذي يسيء
للمسلمين من خلال فكرة الفيلم التي تدور حول كوكب في الكون الخارجي جميع سكانه من
الهررة الذين بلغوا درجة متطورة من التقدم العلمي، بحيث يبدو سكان الأرض أمامهم
أناساً متخلفين جداً. وفي الفيلم مغامرة يتصل من خلالها قط طائر عجيب منها بعالم
أمريكي شاب، ويتفقان على مواجهة عصابة «خطرة جداً» تسعى للحصول على أسورة القط كي
تسيطر على العالم بواسطتها. صورت هذه العصابة ـ طبعاً ـ على أنها من العرب، وتحمل
أسماء عربية هي بالتحديد «أحمد ـ محمد ـ زكريا ـ علي»!! والغريب أنهم جاؤوا بعرب
حقيقيين يتحدثون اللهجة البدوية ليقوموا بهذا الدور الشرير، وقد وقَّت المخرج ظهور
هذه العصابة العربية بشكل يجعل المشاهد يضج غضباً من رؤيتها، ويهلل فرحاً كلما حقق
القط انتصاراً عليها. وختاماً يتدخل «الجيش الأمريكي»، ويلقي القبض على العصابة
العربية لينتصر القط العجيب والعالم الأمريكي!!
2 - بعد انتهاء حرب الخليج الثانية وفي عام 1991م أنتجت شركة ديزني فيلماً آخر من
أفلام الرسوم المتحركة يسيء للعرب والمسلمين اسمه (علاء الدين)، يدور الفيلم حول
قوة شريرة تجتمع فيها قوة الجني السحرية التي تدخل عالم القوة الكونية لانشطار
الذرَّة لتصبح قوة مدمرة عظيمة، يستولي عليها رجل عربي شرير اسمه (جعفر) بأنفه
المعقوف، وعمامته الدائرية، ولحيته المدببة، وثيابه الشرقية الواضحة؛ ليصبح بذلك
أقوى جني على وجه هذه البسيطة. وهي صورة مشوهة دائماً للعربي المكروه تتكرر كثيراً
في الإعلام الصهيوني الأمريكي.
3 - تعدُّ شركة والت ديزني مساهماً كبيراً في جهود الحكومة الأمريكية التي تخوضها
فيما تسميه حرباً على (الإرهاب)، والذي لا يستهدف سوى دول ومنظمات خيرية، وحركات
مقاومة إسلامية.
ولإظهار ما تملكه (ديزني) من قدرات، وما يمكن أن تقدمه في هذا المجال من أفلام
وبرامج موجهة؛ قال مدير الشركة: «إن أحد مصادر قوتنا هو قدرتنا على التواصل مع عدد
كبير من الناس في الولايات المتحدة وعبر العالم، ولذا فإننا نتحرك على عدة جهات
لكسب الرأي العام العالمي في معركتنا».
4 - ذكر موقع شركة ديزني على الإنترنت خبراً يفيد بأنها ستدخل العهد الجديد
باكتساب عدد من ملايين المسلمين في العراق. وذلك كجزء من اتفاقية (الأرض مقابل
النفس) بين الشركة وصدام حسين ـ استهزاء باتفاقية (الأرض مقابل السلام) التي
أطلقها العرب للتعبير عن حسن نياتهم لليهود. في اتفاقية (الأرض مقابل النفس)
ستبادل شركة ديزني دولة العراق بالفائض من مخزونها الاحتياطي من الأسلحة النووية
مقابل أكثر من أربعة ملايين شخص (سوف ندعوهم إخواننا وأخواتنا!!) كما يقول
الإعلان. وقد رافق هذا الخبر صورة حقيقية للمسجد الحرام بمرتاديه من الطائفين
والقائمين والركع السجود، لكن المفاجأة في هذه الصورة هي استبدال الكعبة المشرفة
بكُرة زجاجية على شكل كرة الجولف المصممة من قِبَل فناني ديزني. وتحت الخبر وردت
عبارات استفزازية متعددة للمسلمين تشمل الإساءة للنبي محمد بتشبيهه بالفأر (ميكي)،
حيث اعتمدوا في هذه الاتفاقية شخصية جديدة تسمى (محمد ميكي)، إضافة إلى استبدال
كرة الزجاج بالكعبة الشريفة!!
5 - لم تكفّ شركة ديزني عن الإساءة إلى الإسلام والمسلمين بشكل دائم ومستمر، وما
زلنا نتذكر تلك الضجة الإعلامية والمواجهة الكلامية التي تمت بين شركة ديزني
والجامعة العربية والمنظمات الإسلامية في أمريكا، والتي انتهت باستسلام الجميع
وإصرار ديزني. كان ذلك في 1/10/1999م عندما أقامت (ديزني) معرضاً للقدس داخل ما
أسمته بـ (القبة الألفية) للشركة بولاية فلوريدا، والذي لم تساهم (إسرائيل) في
تمويله إلا بقيمة 1. 1 مليون دولار، أما الباقي فقد قدمته جهات أخرى لا يجهلها أحد
ـ منها جهات عربية ـ!!
(1/214)
بل إن أحد رجال الأعمال اليهود اقترح على صفحات الصحيفة الشهيرة والواسعة
الانتشار «نيويورك تايمز» أنه في حال قبول ديزني لمقترح قدمه للرأي العام بعد
تغيير اسم المعرض من «القدس عاصمة إسرائيل» إلى «القدس قلب إسرائيل»؛ فإنه مستعد
لكي يمول المشروع ولو كلفه ذلك كل ثروته. وعلى باب المعرض تم تنظيم استطلاع لآراء
الأطفال فقط من بين الزائرين لكي يظهر للعالم الجواب الذي سيقوله أغلبية هؤلاء
الأطفال لسؤال واحد فقط هو: «ما هي عاصمة إسرائيل؟ ». ومع هذا فقد شاركت في هذه
القرية اليهودية دول عربية وإسلامية!
سياسة التوجيه من خلال الترفيه:
كل أمة تحمل رسالةً ما في الحياة ـ مهما كانت طبيعة تلك الرسالة ـ هي أمة تستشعر
معنى المسؤولية، وتسخِّر جميع طاقاتها لخدمة رسالتها تلك، وتوظف أهدافها الكبرى
لنشرها والتعريف بها، حتى إنها لتجعل من اللهو والترفيه وسيلة مؤثرة فعالة لتحقيق
القضية الكبرى والوصول إلى هدفها المركزي. وهذا ما يلمحه المتتبع لأفلام هذه
الشركة في طَوْرين من أطوارها، يظهر الطور الأول في صورة الأفلام والرسائل الموجهة
قبل استيلاء اليهود عليها، بينما يتجلى الثاني بعد بسط سيطرتهم عليها. ذلك أن هدف
الشاب والت ديزني ـ صاحب الفكرة الأولى ـ في خطواته الأولى لإنشاء شركته؛ كانت
تهدف لدمج الطفل مع حيوانات الغابة من خلال المزج السينمائي الساحر بين الأطفال
والحيوانات والطبيعة. ولهذا قام بابتكار شخصيات محببة إلى الأطفال تبعث جواً من
المرح والفكاهة. لكن من خلال الأزمة المالية التي كانت تمر بها الشركة ـ وبطريقة
الابتزاز والمكر والخداع ـ استولى اليهود على هذا الصرح الإعلامي الضخم الذي اكتسب
شهرته العالمية، ثم سعوا حثيثاً لتوظيف تلك الشخصيات الكرتونية المدبلجة في تحقيق
أهدافهم وخدمة هويتهم، وبخاصة قضية صراعهم الدامي مع المسلمين. ومن خلال الترفيه
تمكن اليهود من طرح قضاياهم الجادة، وفرضوها في كل المحافل، وأشغلوا بها العالم
شرقاً وغرباً. إنهم إذن يدركون ماذا يفعلون، فهم لا يقدِّمون منتوجاتهم، ولا
ينفقون أموالهم لمجرد اللهو والتسلية المحضة، بل ليكسبوا بها التعاطف الدولي مع
قضاياهم المحورية التي يذكّرون بها المشاهد صباح مساء باستخدام الأسلوب المباشر،
أو باعتماد أساليب أخرى ماكرة غير مباشرة تُدرس بعناية ثم تقدم بذكاء، مع كثير من
النفاق والكذب وتزوير الحقائق. بخلاف إعلامنا العربي الغائب الذي يغامر كثيراً
بعقول المشاهدين؛ عندما يصر على تقرير اللهو المحض ضمن أكثر قضاياه الجادة التي يتفنن
فيها، وينفق من أجلها الميزانيات الباهظة والجهود الكثيرة.
إن كثيراً من برامج الإعلام العربي الطائشة، ومسلسلاته الباردة الساذجة لا هدف من
ورائها إلا مجرد الإضحاك والتسلية وتضييع الأوقات، فإذا طرحت قضية جادة على
استحياء فمن باب التنويع لا غير في أسلوب تقديم الهزل والتنافس عليه. حتى فقدت
الأمة اتزانها، وتخلت عن رسالتها، ولم تكد تعي معنى الجد إلا من خلال قوانين اللهو
باعتماد هذه السياسة الإعلامية العقيمة، بينما تمكن أعداؤها من توظيف اللهو لخدمة
قضاياهم الجادة، وتلك هي المفارقة الحقيقية في معادلة النصر والهزيمة.
بهذه النظرة الواعية يمكننا أن ندرك الهدف من هذا الغزو ـ اللطيف ـ الموجه
لأبنائنا وبناتنا، والذي صاغه اليهود بعناية دقيقة؛ مستفيدين من أحدث الأساليب
المتطورة في الإخراج السينمائي عموماً، وفي عالم الرسوم المتحركة على وجه الخصوص.
والت ديزني في عيون أطفالنا:
وبعد.. فكيف ينظر أطفالنا لهذه الشركة؟ وما حجم الوعي بأساليب الغزو غير المباشر
في محتوى أفلام الرسوم المتحركة التي تقوم بإنتاجها؟ وللإجابة الموضوعية عن هذا
التساؤلات قمت باستطلاع مقنن لخمسة وعشرين طالباً من طلاب المرحلة المتوسطة ممن
شاهدوا فيلماً واحداً على الأقل من أفلام الرسوم المتحركة التي تنتجها شركة ديزني،
والذين تتراوح أعمارهم بين 13 ـ 15عاماً؛ لمعرفة آرائهم حول خمسة محاور مهمة هي:
ماذا تعرف عن شركة ديزني؟ ما الفكرة العامة التي استنتجتها لكل فيلم رأيته من
أفلام هذه الشركة؟ ما نسبة المفاسد والفوائد التي اطلعت عليها في هذه الأفلام؟
عدِّد بعضاً من تلك المفاسد أو الفوائد في هذه الأفلام من خلال مشاهداتك وتجاربك
الخاصة. وأخيراً: قارن بين أفلام ديزني والأفلام الكرتونية المدبلجة التي قامت
بإنتاجها شركات إسلامية من حيث السلبيات والإيجابيات.
وكانت النتائج الموضوعية من خلال إجابات الطلاب أنفسهم على النحو الآتي:
أولاً: ماذا تعرف عن شركة والت ديزني؟
3 «هي شركة تنتج برامج للأطفال، وتعمل أشياء كثيرة حتى يؤخذ عنها فكرة حسنة ويشتري
الناس منها».
3 «شركة أمريكية تنتج أفلاماً يلهو بها أطفال المسلمين».
3 «شركة لا تتعامل مع الأطفال فقط في أفلامها، ولكنها تراعي أعمارنا نحن الشباب في
سِنِّنا وفي الثانوية كذلك».
ثانياً: ما الفكرة العامة التي استنتجتها لكل فيلم رأيته من أفلام هذه الشركة؟
(1/215)
بتوجيه الطلاب إلى الخروج من دائرة الانبهار بالسرد القصصي لأحداث الأفلام
التفصيلية التي شاهدها كل منهم إلى استخراج الفكرة العامة لكل فيلم كانت النتائج
التي توصل إليها الطلاب ـ بعباراتهم الخاصة ـ كما يلي:
(الغدر والخيانة والطمع)، (الحب والغرام)، (الانتقام)، (تعلم حياة جديدة من غير
الاعتماد على الآخرين)، (الاستغناء عن الكبار)، (إيذاء الآخرين)، (الطمع والغيرة)،
(الأنانية).
ثالثاً: ما نسبة المفاسد والفوائد التي اطلعت عليها من خلال مشاهداتك المباشرة
لهذه الأفلام؟
تباينت التقديرات من الطلاب في تحديد هذه النسبة بحسب التباين بينهم في الفهم،
والذي يعود لعوامل عدة، لعل من أهمها: محافظة الأسرة وتدينها، والنشأة التي نشأها
الطفل، ونسبة الثقافة ودرجة الوعي ونحوها. وفي الجملة تراوحت نسب الفساد التي
ذكرها الطلاب ما بين (15% و 100%) بينما تراوحت نسبة الفائدة بين (10% و 60%).
وهناك من فصّل تفصيلاً مهماً في الموضوع، وأضاف إضافات طريفة على النحو الآتي: «في
قصص الأطفال نسبة الفساد في نظري 20%، أما في الأفلام التي يمثل فيها الرجال
الكبار فالفساد 100% كلها قصص حب، ماذا نستفيد منها؟ ». «عندما نكون صغاراً يكون
الفساد قليلاً علينا، ولكن كلما كبرنا يكون الفساد أكثر». «هذه الأفلام تعلم
الأطفال كيف يتعلقون بها، حتى يكبروا ويشاهدوا فساداً أكبر».
رابعاً: عدّد بعضاً من تلك المفاسد والفوائد من خلال مشاهداتك وتجاربك الخاصة.
تعددت إجابات الطلاب حول هذه القضية باختلاف العوامل السابقة. ولعل أحسن التبويبات
التي ذكرها أحدهم في إجابته أنه قسم «المفاسد» إلى نوعين: مفاسد خارج الفيلم،
ومفاسد داخل الفيلم.
وقد أعجبني هذا التقسيم، وانتهجته مع سائر الإجابات الأخرى التي أدلى بها زملاؤه
الآخرون. وبعد تفنيدها كانت النتائج على النحو الآتي:
أولاً: المفاسد التي شاهدها الطلاب داخل الأفلام: (الحب، تلهي عن الصلاة والعبادة،
تعلّم أشياء خليعة، خلق الأرواح وتصوير الإنسان، اللبس القصير والفاضح، الموسيقى،
الرقص والاختلاط بين الذكور والإناث، مظاهر ليست من مظاهر المسلمين، رمي الأطعمة
وإهانتها وعدم تقدير النعمة، ألفاظ وأفعال شركية كثيرة ـ وذكر بعض الطلاب عدداً
منها ـ مثل: تنزيل المطر، وإنبات الأعشاب، وتصرفات تشابه فعل الله - تعالى -،
السحر، القمار).
ثانياً: المفاسد خارج الأفلام ـ كما ذكرها الطلاب ـ: (تعليم الصغار أن يتحدثوا عن
الحب والغرام منذ البداية، تضييع الوقت، الانشغال عن الوالدين وتعويد الطالب على
عدم برِّهما، صرف الأموال والتبذير).
بينما دارت الفوائد في الآتي: (التعاون بين الأفراد، والتحذير من الانفراد
والانعزال، التحذير من الأنانية والطمع، قضاء الوقت والمرح).
ومن إجابات أحد الطلاب حول الفوائد التي خرج بها قوله: «ليس فيها إلا مجرد ضياع
للوقت، والضحك».
ثالثاً: قارن ـ بذكر السلبيات والإيجابيات ـ بين أفلام ديزني والأفلام الكرتونية
المدبلجة الموجهة للطلاب، والتي قامت بها شركات إسلامية أخرى.
من خلال مشاهدة الفرق ـ في نظر هؤلاء الطلاب ـ كانت النتائج كما يلي:
المكر الكبّار في مقابل الوعي الغائب:
في غياب الوعي التربوي، ومراقبة ما يقدم للأطفال من حيث المحتوى والهدف ـ لا من
حيث التشويق والإثارة فحسب ـ يظهر الخلل، وينشأ الانحراف. ولقد رأيت أن نسبة كبيرة
من أولياء الأمور لا يهمهم ـ غالباً ـ وجود مفهوم منحرف يقدم بأسلوب غير مباشر في
أفلام الرسوم المتحركة، وبخاصة للأبناء والبنات دون سن الرابعة عشرة، رغبة في
الاستمتاع والتسلية، وظناً منهم بأن عقولهم الصغيرة أقل من أن تدرك ما بين السطور.
وهذا وعي غائب أفرزه التساهل والجهل معاً.. التساهل بأمانة التربية والتقويم منذ
الصغر، والجهل بالقدرات الحقيقية لعقلية الفتيان والفتيات.
ومن خلال الإجابات السابقة يتبين لنا مستوى النضج، ودرجة الوعي والإدراك الذي يصل
إليه أبناؤنا وبناتنا في هذه السن المبكرة، بل إن بعضهم لربما فاق كثيراً من
الكبار في هذا المجال في باب النقد والتحليل. إن ظاهرة الوعي الغائب يتحدد من خلال
قناعة الكثير من أفراد هذه الأمة بالتفاعل مع الهجمات الموجهة الشرسة فقط، ومن هذه
القناعة خاصة يعظم الكيد الخفي بعد أن تتهيأ للعدو الفرص السانحة ليعمل بهدوء لكن
بنتائج مؤكدة. ومن خلال التخطيط الخفي يرتب العدو أوراقه، وينشر مكره، ويحقق
مخططاته وفق الأولويات التي يراها مناسبة في كل مرحلة، وغياب الوعي عن المكر الخفي
داء خطر، لا يزول بمجرد الهيجان ضد الكيد السافر المباشر، كما أنه شر عظيم يمكن
لأعداء الأمة بكل سهولة.
(1/216)
وفي حين يهبّ كثير من العرب والمسلمين إذا ما تحقق النيل الصريح المباشر من
دينهم وعقيدتهم؛ نجد كثيراً منهم غافلين عما يراد بهم في الخفاء، إنهم لا يهبُّون
ـ غالباً ـ إلا إذا نيل من شخص النبي محمد .. باسمه الصريح، بينما لا تثيرهم مئات
المطاعن والشتائم الأخرى على هذا النبي الكريم بالوسائل الماكرة غير المباشرة؛ عبر
الوسائل الإعلامية الكثيرة في الصحف والأفلام والمجلات والقنوات. وهم يثورون كذلك
إذا نيل من القرآن الكريم.. لكن ذلك المحفوظ بين دفتي المصحف ذي اللون الأخضر
البراق المكتوب بخط النسخ الجميل، ولا يحركون ساكناً أمام عشرات التصريحات اليومية
بعدم صلاحية هذا القرآن للتطبيق في هذا العصر، أو التنقص من أحكامه وتشريعاته، أو
مقارنته بالقوانين الوضعية التي يتحاكمون هم إليها، ويحتجون بها في حياتهم اليومية
بلا حرج. كما أن منظراً يبثه الإعلام لطفل مسلم بريء يُقتل بين أحضان والده ظلماً
كفيل بتأجيج مشاعر الملايين وتحريكهم في الشوارع هائجين.. غاضبين طوال النهار،
لكنهم سريعاً ما يُصبحون في اليوم التالي على لهوهم ومرحهم وغفلتهم.
وفي حين تحصد الطائرات والقذائف عشرات الألوف من المسلمين في بقاع شتى من العالم،
ويُفتَك بالألوف من أطفال المسلمين ونسائهم وشيوخهم بغير ذنب، ويموت من جراء
الحصار الطويل مئات الألوف منهم؛ يتبادل البعض في الشارع العربي جدوى المقاطعة
لمنتوجات ذلك العدو الظالم وهم يتابعون فيلماً من أفلامه، ويتجرعون مشروباً من
مشروباته، ويلبسون كساء من منتوجاته!! بل حتى أحداث الرعب في دول عربية وإسلامية
مجاورة لا تكاد تحرك أحداً من المسلمين في ذلك الشارع!!
فأين من يستشعر مصاب إخواننا المسلمين في فلسطين والجزائر والسودان والصومال؟
وماذا نعلم عما يحدث الآن في الجمهوريات المسلمة في آسيا؛ بدءاً بالشيشان ومروراً
بداغستان، وكشمير، وتركستان، وأفغانستان؟ بل أين نحن عما يخطط له الأعداء للمستقبل
القريب للعديد من الدول الإسلامية الأخرى مثل باكستان ومصر واليمن وسوريا ولبنان
والسعودية وغيرها، وسعيهم لإيقاعها في مستنقع الفوضى والاضطراب والفرقة؟ وأكاد
أجزم أن كثيراً من المسلمين اليوم قد ضبطوا انفعالاتهم ومشاعرهم وردود أفعالهم
تجاه عدوٍّ من الأعداء بعينه، في قضية من القضايا بعينها، وأن كثيراً منهم لا
يكادون يفطنون لما يجري من أحداث مصيرية تتعلق بأمتهم؛ فضلاً عن إدراك حقيقة ما
يراد بهم في المستقبل القريب، فضلاً عن معرفة الواجب تجاه فيلم كرتوني مدبلج يطعن
فيهم وفي دينهم ورسولهم وتاريخهم.
ولقد كان الرهان قائماً ـ ولا يزال ـ في قاعات الاجتماعات المغلقة لصناع القرار في
الغرب على جدوى التفكير في ردود فعل الشارع العربي الذي يحوي 380 مليون مسلم،
وتهميشه من أي دور فاعل محتمل قبل اتخاذ القرارات الجائرة ضد العرب والمسلمين. ومع
علمنا بأنه مجرد شارع لفئة بسيطة من المستمعين ـ كما يقول بعض المحللين الغربيين ـ
إلا أن له كذلك مكانته التي يحسب لها المستعمر الحديث ألف حساب، فهو قوة فاعلة
يمكن أن تذكي نار المخاوف الغربية، وأن تشعل نقاشات الصهيونية الأمريكية في
الكونجرس لو استثمر الاستثمار الصحيح في معادلة المواجهة الصامتة مع الغرب في هذه
المرحلة.
إن دراسة واعية، ونصيحة صادقة تُقدم للأمة، ومقاطعة صارمة يجمع عليها هذا العدد
الضخم كله في ذلك الشارع العربي الواسع، ويؤازرهم فيها سائر إخوانهم المسلمين في
العالم؛ لأي منتج تثبت صلته بمؤسسة أو منظمة تستخف بحقوق العرب والمسلمين، أو تكيد
لهم بأي نوع من أنواع الكيد، أو تدعم اقتصاد عدوهم الغاصب، أو تستخف بقضيتهم
الكبرى ـ مؤذن بإغلاق الكثير من المحلات المشبوهة في ذلك الشارع الكبير، والتمهيد
لظهور محلات أخرى أنقى منها وأكثر ولاء، أو على الأقل أكثر حياداً. وهو ما يعترف
به صنَّاع القرار الأمريكي أنفسهم عند الحديث عن سلاح المقاطعة الفتاك الذي يلوّح
به المسلمون بين الحين والآخر.
غير أن سلاح المقاطعة ذاك ليس محصوراً في زجاجة مشروب غازي فقط، أو في علبة حلوى،
أو منتج للأطفال، أو مطهر للأواني المنزلية فحسب، بل يدخل فيه الجانب الإعلامي
بمقاطعة تلك الشركات المعادية التي تنتج تلك الأفلام المشبوهة التي تحدثت عنها.
كما يتناول ـ على السواء ـ الصناعات الثقيلة والخفيفة والملبوسات والأدوية،
ونحوها. إنه شعور داخلي لدى الفرد، وشعور عام يشكل حركة المجتمع يمكن توظيفه
بعناية وفق قاعدة الولاء والبراء الشرعية التي يتقرب فيها العبد المسلم من ربه
طمعاً في الأجر؛ من خلال امتناعه عن إنفاق أي جزء من ماله ـ مهما كان قليلاً ـ في
أي وجه من وجوه الإضرار بالمسلمين. وهو التفاعل الذي يبرهن فيه صاحبه على صدق
انتمائه للمسلمين في قضاياهم المصيرية الكبرى مع عدوهم أينما كان.
أعدت تلك البطاقات الملونة إلى أصحابها الصغار في آخر المطاف، ثم سألت أحدهم
مداعباً: أي نصيحة من هذه النصائح المكتوبة على البطاقات أعجبتك؟ فكَّر قليلاً وهو
يقلبها بيده الصغيرة ثم قال:«الصديق وقت الضيق»!!
(1/217)
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
=============
(1/218)
(1/219)
تعقيبا على تسليم الدولة لفتاتين أسلمتا إلى الكنيسة
دولة ومؤسساتها فقد مبررات وجودها دستوريا
اللجنة المصرية للدفاع عن حرية العقيدة
مرة أخرى تثبت الدولة ومؤسساتها وأجهزتها أنها غير أمينة على دستور البلاد الذي
يحمي الحرية في أعز ما فيها ، حرية الاعتقاد وحرية الدين ، مرة أخرى تقدم الدولة
وأجهزتها ومؤسساتها دعمها المطلق للتطرف الديني الذي تمارسه قلة من المتطرفين
الأقباط مدعومين من المؤسسة الكنسية في أعلى سلطاتها ، مرة أخرى تعلن الدولة
لمواطنيها كافة بأنها غير مسؤولة عن تطبيق القانون أو نصب الدستور الذي من المفترض
أن يحكم البلاد ويوجه دفة الحكم فيها ويحدد العلاقة بين المواطن وبين مؤسسات الدولة
، مرة أخرى تثبت الدولة لمواطنيها أنها غير معنية أصلا بحمايته أو الدفاع عن حقوقه
الأولية بل وتؤكد للمواطنين بأنه يمكن أن تتواطأ مع البلطجة أو التطرف إذا كان ذلك
يخدم مصالح بعض الأشخاص حتى وإن كان ينطوي على جريمة صريحة يعاقب عليها القانون ،
مرة أخرى تثبت الدولة في مصر أنها دولة بلا مؤسسات وبلا قانون وبلا عدالة وبلا
نيابة عامة ، دولة فقدت مبررات وجودها كدولة ، عندما نامت كل مؤسساتها وأجهزتها
عمدا أمام صرخات مواطنتين مضطهدتين في دينهن فارتين بعقيدتهن التي اختاروها من
القمع والاضطهاد ، فإذا بالشريان الوحيد في الدولة الذي يعمل ، وهو شريان الأمن
فيها ، يقبض على فتاتين لجأتا إليه للحماية ، بوصفه يمثل دولة وقانونا ، وإذا به
يقوم بتسليم " تيريزا إبراهيم " و" ماريان عياد " إلى
المتطرفين الذين يطاردونهن واللاتي فررن منهم أصلا ، وأمام الدولة المستخزية
الفاقدة للأهلية كدولة ، وأمام أعين الأجهزة التي تستأسد على قوى المعارضة
السياسية ، يقوم المتطرفون بحلق شعر رأس الفتاتين تماما " على الصفر "
ويتم ترحيلهن قسرا إلى أحد الأديرة للخضوع لحكم الاعتقال الذي حكمت به الدولة
الموازية / الكنيسة ، عقابا لهن على تفكيرهن في ممارسة حق كفله لهم دستور دولة لم
تعد قائمة فيما يبدو ، ولكي يؤكدوا أمام كافة المواطنين بأنه لا دولة للأقباط في
مصر إلا دولة الكنيسة ، بإرادتها السياسية وبقانونها الخاص ومحاكمها الخاصة
وبأجهزتها ومعتقلاتها .
إن هذا الذي يحدث جريمة أخلاقية ، وجريمة قانونية ، وجريمة دستورية أيضا ، وليس
الأمر كما يروج بعض الحمقى بأنه لا يفيد البلد تحول مسلم إلى المسيحية أم تحول
مسيحي إلى الإسلام ، وإنما الأمر في صميمه هو إهدار متعمد للدستور والقانون ، بل
وتواطؤ من الدولة وأجهزتها الرسمية على إهدار دستور البلاد ، والاتفاق الجنائي بين
الدولة وبعض المتطرفين على ارتكاب جريمة صريحة في حق مواطنين ، وتخلي الدولة
وأجهزتها عن مسؤوليتها التي من أجلها قامت ، وهي حماية المواطن في حقوقه المكتسبة
وفي أعلاها حقه في حرية الدين والاعتقاد ، هذه هي القضية في صلبها وجوهرها .
إن هذا الذي يحدث ويتكرر كل عدة أيام في مصر هو نذير شؤم على البلاد والعباد ،
وإذا وقعت الواقعة ، ولا نظنها بعيدة ، إذ يستشعرها الكافة في احتقان النفوس في
عموم مصر هذه الأيام ، فإن أحدا لن يمكنه أن يطفئ نيرانها ، ووقتها نعض أصابع
الندم على تواطأنا جميعا على إهدار القانون والدستور وتغييب الدولة عن ممارسة
دورها كدولة ، مقابل تعزيز وتعميق دور دولة الكنيسة .
http://www.almoslim.net المصدر:
=============
(1/220)
(1/221)
قادة الغرب يقولون :
دمروهم بالنووي
علي عبدالعال
فالغرب في هذه المرة يجهر بلا أي مواربة في توجيه التهديد، والتهديد مغلف باستخدام
السلاح النووي، على ما في هذا السلاح من خطورة ليست في حجم الدمار الذي يخلفه بمثل
ما فيه من قدرة على توسيع رقعة أي مواجهة قد يكون طرفاً فيها. والمواجهة هذه المرة
ليست مواجهة أحلاف وتكتلات على مصالح متناقضة، بل مواجهة حضارات بحسب الرؤية
الغربية، وهذا الصدام الحضاري الذي نال امتياز التبشير به حكماء ومفكرو الغرب سيقع
حتماً بين أطراف عقائدية وفكرية في الأساس.
في تحذير صريح ومباشر في آن واحد، هدد الرئيس الفرنسي، جاك شيراك، الخميس
19/1/2006م، باستخدام الترسانة النووية لبلاده ضد أي دولة ترعى هجوماً (إرهابياً)
على الأراضي الفرنسية.
وقال شيراك: إن باريس ستكون مستعدة لاستخدام الأسلحة النووية في حال وقوع أي هجوم
عليها. جاءت تصريحات الرئيس الفرنسي الذي دأبت الأدبيات الرسمية العربية على
اعتباره (صديق العرب والمسلمين في أوروبا) خلال زيارته للقاعدة النووية الفرنسية
بجزيرة "ليل لونغ" قبالة سواحل برست بغرب البلاد.
وتحدث شيراك عما وصفه بالتهديدات الجديدة في عالم ما بعد الحرب الباردة. وقال:
"إن في العديد من البلدان، تنتشر أفكار متشددة تدعو إلى المواجهة بين
الحضارات"، مضيفاً أن زعماء الدول التي: "ستقدم على استخدام الوسائل
الإرهايبة ضدنا، عليهم أن يعوا أنهم سيعرضون أنفسهم لرد حازم ومناسب من
جانبنا". وقال: إن فرنسا كيفت قواتها النووية بشكل يسمح لها بالرد على
التهديدات.
ولم تكن هذه التصريحات الصادرة عن أحد زعماء الأجنحة الغربية العتيقة من النوع
العابر بأي حال، خاصة وأنها تأتي في ظل الجدل المثار حول البرنامج النووي لإيران
باعتبارها المارد الإسلامي المتشدد الذي يتأهب لتدمير الحضارة الغربية ومعها
أمريكا وإسرائيل.
وكانت فرنسا أبدت قلقها حيال البرنامج الإيراني ودعت طهران لوقف عمليات البحث
والتطوير في منشآتها النووية. ولما لم يقم دليل واحد لدى الغرب حتى الآن على وجود
دولة ترعى الهجمات ضد بلاده شرقية كانت أو غربية، خاصة وأنه ما من عملية هجومية
تقع في دولة من الدول الغربية إلا وتصحبها سلسلة من الإدانات والاستنكارات
الرسمية، فلابد من الوقوف أمام هذه التصريحات لمعرفة وجهتها الحقيقية والهدف من ورائها.
فقد تحدث شيراك من بين ما تحدث عما وصفه بالتهديدات الجديدة في عالم ما بعد الحرب
الباردة. هذه الحرب التي تمخض عنها "حلف شمال الأطلسي" آنذاك في مقابل
"حلف وارسو" الشرقي الذي سرعان ما انهار مخلفاً عالم القطب الأوحد
والحلف الأوحد الذي شاءت له الظروف أن يأخذ طابع التحالف العسكري الأبدي بين القوى
الغربية.
وقد صاحب الأبدية التي تلون بها الحلف الغربي تساؤل قوي ظل يطرح نفسه دون أن يهتدي
لجواب..في مواجهة من؟ ظل الغربيون حريصون على بقاء حلفهم العسكري وقد انهار العدو
الشرقي!؟.فلا يوجد عدو واضح يمكن توجيه الآلة العسكرية الغربية إليه، ولا توجد أرض
معركة ظاهرة للعيان، ولا دولة معينة يمكن إسقاطها لتنتهي عند ذلك حربهم.
ولم يكن الغربيون من السفه حتى يوجهون طاقاتهم لقتال الأشباح.
فمن بين الأوصاف التي خلعها الرئيس الفرنسي على الدول التي حذرها من رعاية الهجمات
التي قد تستهدف بلاده دول: "تنتشر فيها أفكار متشددة تدعو إلى المواجهة بين
الحضارات". وهذا الوصف لا شك لا ينطبق ـطبقاً للرؤية الغربيةـ سوى على دول
المنطقة العربية والإسلامية. ومن ثم فلا مجال لنفي حقيقة التهديد الموجه من قبل
الغرب، وهو ما أعلنه الأمريكيون قبل ذلك صراحة فيما يسمى بـ (الحرب على الإرهاب)
هذه الحرب التي دارت رحاها وجميع معاركها على أرض إسلامية (العراق، أفغانستان،
باكستان، اليمن، السودان، السعودية، الكويت) وأخيراً (سوريا وإيران ولبنان) ناهيك
عن تجنيد الأنظمة المتحالفة مع الغرب ضد شعوبها في هذا المجال.
وأمام هذه الحرب التي أخذ الحلف الغربي بجميع أجنحته يعد لها العدة ـ كما يبدو من
خطاباته ـ وهو ما بدى جلياً في التحالف الذي اجتاح الأراضي العراقية بحجة البحث عن
أسلحة الدمار الشامل، واسقاط نظام صدام حسين، تتجلى خطورة وحجم التهديد.
فالغرب في هذه المرة يجهر بلا أي مواربة في توجيه التهديد، والتهديد مغلف باستخدام
السلاح النووي، على ما في هذا السلاح من خطورة ليست في حجم الدمار الذي يخلفه بمثل
ما فيه من قدرة على توسيع رقعة أي مواجهة قد يكون طرفاً فيها. والمواجهة هذه المرة
ليست مواجهة أحلاف وتكتلات على مصالح متناقضة، بل مواجهة حضارات بحسب الرؤية
الغربية، وهذا
تــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبع
الصدام الحضاري الذي نال امتياز التبشير به حكماء ومفكرو الغرب سيقع حتماً بين
أطراف عقائدية وفكرية في الأساس.
(1/222)
نحن إذن أمام صدام تطوع زعماء الغرب بالترويج له، وإن قالوا أنه ضد ما يرونه
(إرهاب) هذه الكلمة التي اختلفوا في تحديد مدلولها ظاهريا وإن اتفقوا على تحديد
العدو الذي أسقطوها عليه، ووجهوا نحو صدره سهامهم. ولعل تصريحات الرئيس الفرنسي
تعيد إلى الأذهان وصف الرئيس الأمريكي جورج بوش (الابن) الحروب والمعارك التي
أشعلها في البلاد الإسلامية بـ "الحرب المقدسة" هذه الحرب التي ساق لها
الغربيون قوة عسكرية هائلة، وحشد سياسي وإعلامي لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية
حتى الآن.
ولعل ما يثير الريبة إزاء التهديدات الغربية هو (الخطاب الجماعي) الذي دائماً ما
تتحلى به تصريحات الزعماء الغربيين، ففي خطاب شيراك الذي عليه مدار الحديث يقول
الرئيس الفرنسي: إن "مكافحة الإرهاب هي بالتأكيد من أولوياتنا"، مضيفاً
"سنواصل على هذه الطريق بحزم وتصميم". معتبراً أن الإمدادات
الإستراتيجية والدفاع عن الحلفاء يشكلان مصالح "حيوية" وتبرر بالتالي
اللجوء إلى قوة الردع النووية. ويضيف شيراك: إن باريس يجب أن تكون قادرة على أن
تضرب بقوة مراكز القوى في الدولة المعادية وقدرتها على التحرك.. وإن كل القوات
النووية الفرنسية تضع هذه الإستراتيجية في ذهنها.
فشيراك بخطابه هذا كمن يشرع لعدون مستقبلي، وهذا العدوان لم يحتكم سوى لرؤية
أحادية في تحديد مكمن الخطر الذي ينبغي أن تتوجه إلى سهام باريس النووية حيث يقول:
"يعود إلى رئيس الجمهورية (الفرنسية) تقدير الحجم والنتائج المحتملة للتهديد
أو الابتزاز".
وفي الوقت الذي يتغنى فيه بقوة فرنسا النووية التي يتوعد بها الآخرين يشير إلى أن
العالم: "مطبوع بظهور استعراضات قوى تستند إلى امتلاك أسلحة نووية أو
بيولوجية أو كيميائية". وحمل على: "محاولة بعض الدول حيازة القوة
النووية بما يتنافى مع المعاهدات" الدولية!، جاء هذا الكلام وسط اشتداد
الأزمة حول البرنامج النووي لإيران التي يتهمها الغرب بمحاولة الحصول على السلاح
النووي باعتبار أنه من الكبائر أن تفكر أي جهة غير غربية في الحصول على هذا
السلاح.
http://www.alas صلى الله عليه وسلم ws المصدر:
==============
(1/223)
(1/224)
مسلسل خروج المرأة عن المألوف مازال مستمراً -
منتخب كرة القدم للسيدات- في الكويت !
الجامعة الأمريكية في القاهرة خرج منها أول المنحرفين فكرياً وعقائدياً وأخلاقياً
من خلال عبدة الشيطان - كما صرحت بهذا وزارة الداخلية المصرية - واليوم جاءت مدربة
الجامعة الأمريكية في الكويت؛ لتصرح بتشكيل أول منتخب لكرة القدم النسائي في دولة
الكويت جاء ذلك بالتعاون مع الفيفا الدولية بعد اجتماع عقد في الدوحة تحت إشراف
الاتحادين الدولي والآسيوي وكشفت عن خطتها التي بدأت منذ عام 2000 ووصل عدد
الفتيات لهذه اللعبة 200 من الجامعات والمدارس الخاصة!
وهذا يدفعنا إلى إعادة النظر فيما يحدث داخل أسوار الجامعة والمدارس الخاصة، وتضيف
أنها تعلمت التدريب عن طريق الصفحات الإلكترونية وأنها تطلب الاستعانة بمدربة
أجنبية محترفة!
واستغرب عضو لجنة شؤون المرأة في مجلس الأمة النائب بدر شيخان الفارسي الترتيبات
التي حدثت لتشكيل منتخب المرأة لكرة القدم معتبراً أن هذا منافياً للدين ولا يتفق
مع العادات والتقاليد وطالب بالحسم في مثل هذه الأمور الدخيلة لتكون الفيصل.
كما رفض النائب د. فيصل المسلم تشكيل المنتخب النسائي مبدياً استياءه قائلا: إن
الله خلق الرجال والنساء وجعل لكل منهما ما يناسبه من الأنشطة الرياضية ولا ريب أن
كرة القدم رياضة لا تناسب طبيعة المرأة المسلمة المحافظة.
دعوات صريحة للتعاون مع مكاتب السحر والشعوذة!
-من أمن العقوبة أساء الأدب-.. وصل الأمر بالسحرة والعرافين والمشعوذين إلى وضع
إعلانات على سيارات النساء في تجمع الأعراس ومواقف الموظفات أو الطالبات في
الجامعة وترصد كل امرأة تقف بسيارتها أمام موقف الجمعيات التعاونية أو الأسواق
ويضع هؤلاء عناوينهم عبر الشبكة العنكبوتية أو هواتفهم النقالة زاعمين أنهم يملكون
السحر المؤثر وحل جميع المشكلات والمنامات عبر خرز -الهبهاب وعرج السواحل وغيرها-.
- يا معشر الناس آن الأوان لوقفة شجاعة ضد هؤلاء المفسدين الذين ادعوا أنهم يملكون
النفع ودفع الضر وهذه من صفات الله - تبارك وتعالى - ولذلك قال ابن القيم - رحمه
الله -: -من اعتقد أن الساحر يستطيع بسحره أن يضر أو ينفع فقد فسدت عقيدته وخبثت
نفسه وأشرك مع الله من لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً.. (وما كفر سليمان ولكن
الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر.. ) - ولقد أمرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه
وسلم باجتثاث الشرك لأنه كبيرة من الكبائر -ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى
يارسول الله قال: الشرك بالله والسحر... - وقال صلى الله عليه وسلم : -من عقد عقدة
ثم نفث فيها فقد سحر، ومن سحر فقد أشرك، ومن تعلق بشيء وكل إليه- رواه النسائي.
إن السحر ما زاد الناس إلا هماً وغماً وخسارة إيمانية ومالية ولذلك قال - سبحانه
-: (ولا يفلح الساحر حيث أتى)طه: 69-.
أحد نجوم ستار أكاديمي ضبط بحوزته حشيش!
هذه البيئة التي يدخل منها فنانو ما يسمى بستار أكاديمي لم تكن بيئة صلاح وصلاة
وتقوى لذلك توجهوا إلى هذا المستنقع.. وهذه هي الحالة الرابعة التي يتم القبض فيها
على أحدهم ولكن هذه المرة في مطارات الإمارات وبحوزته قطعة حشيش!
http://www.al-fo r qan.net المصدر:
==============
(1/225)
(1/226)
جرح في قلب مصر ..
أمير سعيد
تبدو الطريق ليست يسيرة إلى التعامل مع هكذا حقيقة لا نريد أن نصدقها ولا نتخيلها،
لكنها أضحت من مفرزات زمن الاستسلام والتراجع، إنها الممارسة العملية لقرار ربما
لم يتخذ حقيقة لكنه عملياً قد أضحى على الأقل عرفاً متبعاً له من حيث النتيجة قوة
القرار السري أو العلني..لا فارق كبيرا بين هذا وذاك.
بكل بساطة وصراحة جارحة، لقد جرى العرف الآن بأن لا حق للقبطي أن يغير دينه في مصر
التي فتحها عمرو العاص وصيرها أنموذجاً لحرية الاعتقاد، فالطريق إلى الإسلام صارت
مثل الطريق إليه كذلك إبان حكم "ديسيوس" الذي اضطهد الأقباط من أتباع
الكنيسة قبل 17 قرناً من الزمان.
في بلد الأزهر وفي عنوان الإسلام وشاراته العلمية، صار اعتناق الإسلام لدى الأقباط
أشبه بعملية استشهادية. ربما الأزهر بمشيخته العريقة وعلى رأسها محمد سيد طنطاوي
ترنو إلى قصر اعتناق الإسلام على أولئك الخلص الذين لا ترهبهم معتقلات جوانتنامو
في الأديرة القبطية!! ربما الأزهر لا يريده إلا لأرباب العزائم وعناوين البطولة..
ربما لكن هذه الإرادة الأزهرية يضج منها الصالحون وتتفطر لها القلوب المؤمنة
وتتزاحم في نقدها الأقلام المخلصة وترتفع لها أيدي المظلومات في جوانتنامو مصر:
ماريان، تيريزا، وفاء، ماري، وأخيراً أميرة وغيرهن ممن لا يعلمهن إلا عالم السر
وأخفى..
طبيبتان أسلمتا (ماريان ـ تيريزا) فأسلمتهما الشرطة لأهلهما، وبدورهم إلى الأديرة
بعد أن اعترف قس الفيوم بأنهما "تحت السيطرة" هكذا بهذا اللفظ الذي
تناقلته العديد من الصحف المصرية، لاسيما صحيفة الأسبوع القريبة من بعض أقطاب
الحكم المصري، حلقت لهما شعورهما بادي الأمر ثم يعلم الله ما يمارس ضدهما الآن
"لإقناعهما".
زوجتا قسيسين أسلمتا، لجأتا للأزهر قبلهما فكانت النتيجة واحدة، فهاهو
"العرف" الجديد يفضي بهن جميعاً إلى القرار بين جدران الأديرة العالية.
ما الجريرة التي ارتكبتها هؤلاء النسوة حتى يحملن على أدهم الأديرة؟ أين شرف
الرجال المسلمين إذا كانت القضية تزوى بملفها المتخم بالضيم المثقل بالجراح بهكذا
سهولة وذاك اليسر؟
أين الأزهر الإرادة ضد الاحتلال؟ أين الأزهر الحامي لحمى الإسلام في مصر؟ أيناكم
علماء مصر؟ أين منكم الحديث على أعواد المنابر، في بياناتكم ومقالاتكم بالصحف؟
أستعرض صفحات الجرائد فلا أسمع لكم صوتاً، لا يقابلني فيها إلا القساوسة وبعض
المفكرين المتطوعين، أما حماة الشريعة فلا أراهم، لا أسكت الله لكم صوتاً بالحق
صادحاً..
ألا ليت شعري أين ذهب العزم منكم.. لله أنتم، أما من سبيل لأن تقولوا للخاطفين لا
تخطفوا فتيات الإسلام.. أليس من سبيل سوى صمت القبور هذا؟!
فعاليات وأصوات كثيرة تصدح بالإسلام في مناحٍ عديدة غابت عن هذه المحنة التي تعرضت
لها نسوة رضين بالله رباً وبالإسلام ديناًَ، وأكرهن على إخفائه.
فقط بيانات يتيمة بثتها اللجنة المصرية للدفاع عن حرية العقيدة أو لمناهضة
الاضطهاد الديني، لا نلمز المطوعين من المؤمنين والذين لا يجدون إلا جهدهم، نشد
على أيديهم، ولا نستقل عملهم المبارك ولكن نستقل جهد غيرهم ممن آتاهم الله الحجة
وشبكات التأثير وهوامش التحرك الواسعة فلم يشغلوها وتركوها خاوية إلا من لاعبي
النار ومؤججي الفتن.
جرح في قلب مصر، أدماها وليس الإلحاح في الحديث عنه من قبيل استيلاد الفتن، ولا هو
من قبيل السذاجة في التعرض لقضايا قد تنفخ فيها قوى الظلام الصهيونية كما تنفخ في
لبنان وغير لبنان من أجل أن توجد ذرائع تدخلها، إذ ليس معنى دفع الفتن ووأد
المؤامرات في مهدها السكوت على ظاهرة باتت تهدد حرية العقيدة التي جاء الإسلام
فأتاحها لكل أهل الكتاب: " وقل الحق من ربكم، فمن شاء فليؤمن، ومن شاء
فليكفر"، "من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها"، تلكم
الحرية التي كفلها الدين القويم للناس فأتت الأحداث الأخيرة فقيدتها ضد المسلمين،
وبات أي قبطي يريد الآن أن يختار دينه في بلد الإسلام بحاجة إلى أن يغادر إلى أي
دولة غربية ـ لاسيما أمريكا ـ حتى يصبح مصان الاعتقاد حر اعتناقه!!
جرح في قلب مصر، أدماها وليس الإلحاح في الحديث عنه من قبيل استيلاد الفتن، ولا هو
من قبيل السذاجة في التعرض لقضايا قد تنفخ فيها قوى الظلام الصهيونية كما تنفخ في
لبنان وغير لبنان من أجل أن توجد ذرائع تدخلها، إذ ليس معنى دفع الفتن ووأد
المؤامرات في مهدها السكوت على ظاهرة باتت تهدد حرية العقيدة التي جاء الإسلام
فأتاحها لكل أهل الكتاب
معاذ الله أن نثير فتنة، لا بل نسعى لدفعها لأن هذه الأحداث تسير الآن باتجاه
خطير، يضغط المراجل حتى قوة احتمالها ولا يترك مجالاً لتسريبها؛ ما ينذر بعواقب لا
يريد أحد من العقلاء أيا كان دينه أن تسير الأمور حثيثاً باتجاهها المريع، فالجروح
المنغلقة على القروح تؤذن بأن تنفجر ثآليلها، وقد تجري حادثة بسيطة بالأحداث مجرى
العظائم ولن يكون بالإمكان ثمة وقت لدرسها وتحليلها ومن ثم تجنبها حين تقع.
(1/227)
من المستفيد إذن من حدوث ذلك حين يحدث؟ أليس الكيان الصهيوني المتربص بهذه
الأمة وثوابتها، الناعمة لقرون بهدوئها الطائفي، هذا العدو الذي ما فتئ يدعي على
القبائل المسيحية الإفريقية الاضطهاد ثم يطرح الحل عليها بالهجرة إلى أرضه
المزعومة..
أليس المستفيد من يقدح زناد الفتنة حين يرسل عبر هذه الأحداث رسالة يريد بها أن
يقول إن الإسلام مضطهد في أرضه؟!
إن رسالة كهذه إذا ما رسخت بأذهان المسلمين المصريين وغير المصريين كفيلة بأن تهدد
سلاماً اجتماعياً ظلت مصر لعقود طويلة حريصة على عدم المساس به..
في هذا الظرف الدولي والإقليمي العصيب، وتراكم الضغوط واللعب بأوراق الضغط
الطائفية لا يريد أي عاقل للفتنة الطائفية أن تنبجس فتغرق التربة المصرية في وقت
هي فيه أحوج ما تكون إلى الهدوء والاستقرار، وليس وأد هذه الفتنة بالخضوع للابتزاز
ولا بخياطة الجروح على القروح..
6/2/1426
http://www.almoslim.net المصدر:
-==========
(1/228)
(1/229)
أجهزة استخبارات أوروبية تطالب بإجراءات جديدة
للحد من انتشار الإسلام
طالبت أجهزة استخبارات أوروبية ووزارات العدل بدول الاتحاد الأوروبي بوضع إجراءات
جديدة من شأنها وضع صعوبات وعقبات أمام زواج الأوروبيات بشباب من المسلمين، واستند
مطلب أجهزة الاستخبارات الأوروبية وعلى رأسها الفرنسية والبريطانية والبلجيكية على
أن آلاف الأوروبيات يعتنقن الإسلام بصورة سنوية من منطلق زواجهن بمسلمين، وأن
هؤلاء يقعن تحت "إغراءات غامضة" يقدمها المسلمون،، وذلك بحسب ما ذكر
مصدر أمني أوروبي لصحيفة "الوطن" السعودية.
وقالت أجهزة الاستخبارات إن الإجراءات الحالية المطروحة بدول الاتحاد كشروط للزواج
الرسمي بين أوروبية وشخص أجنبي، غير كافية، فلا يكفي اشتراط وجود مسكن أو عمل ثابت
للأجنبي، بل يجب قبل الحصول على العقد المدني للزواج أن يتم التأكد من صحيفة
الحالة الجنائية للشخص الأجنبي، وأن تتأكد مجالس المدن المخولة بعقد وثائق الزواج
من الجهات الأمنية أن هؤلاء الأجانب لا ينتمون إلى جهات "متطرفة"، وأنهم
يتسمون بالاعتدال، وليس لهم أنشطة أو اتصالات مثيرة للشبهات أو الشكوك.
وأكدت أجهزة الاستخبارات الأوروبية في تقرير مشترك أن مؤسسة الزواج الأوروبي أصبحت
معرضة للخطر، حيث يستخدم الإسلاميون زواجهم من أوروبيات كوسائل لجذب الأوروبيين
"التطرف" حسب قولهم، حيث يتم إلزامهن بارتداء الحجاب والملابس الفضفاضة،
وأن الأوروبيات يجدن في الدين الإسلامي جانباً روحياً أصبحت لا تملؤه الكنيسة
الآن، ولا يلتفت إليه الأهل الذين يبتعدون تدريجيا على أصول الدين المسيحي.
وطالبت الاستخبارات الأوروبية دول الاتحاد بالتنبه إلى تزايد موجة إسلام الأوربيات
وزواجهن من أجانب، وأن كثيراً من الأجانب يقومون بالتحايل على القانون الأوروبي
عبر الزواج بأكثر من سيدة، مطالبة وزارات العدل والهجرة والجنسية بالتأكد من
الخلفية الشخصية للأجانب حال إقدامهم على الزواج من أوروبيات، بجانب ضرورة التأكد
من عدم اقترانهم بأخريات، واتخاذ من تلك الإجراءات أسبابا لتقليص إتمام زواجهم
بالأوروبيات.
وساقت أجهزة الاستخبارات الأوروبية حادث تنفيذ البلجيكية موريل ديجايكو(32 عاما)
هجوما في 2 نوفمبر الماضي في العراق ضد قوات الاحتلال الأمريكية كنموذج تحذيري
كبير، للتدليل على مدى ما تتعرض له الأوروبيات من إغراء للزواج بإسلاميين والسقوط
في براثن "التطرف والإرهاب" حسب تعبيرهم، مؤكدين أن هذا الحادث لن يكون
الأخير إذا لم يتم تنفيذ إجراءات ضد دخول مزيد من الأوروبيات في الإسلام، وتنفيذ
برامج توعية للفتيات الأوروبيات.
http://www.alsunnah.o r g المصدر:
=============
(1/230)
(1/231)
إكراه المسلمات على الردة
سيناريو مكرر وحقائق غائبة وردود معلبة
همام عبد المعبود
سيناريو مكتوب ببراعة فائقة، وينفذ بدقة شديدة، يتكرر مرات ومرات، وما من أحد
يعتبر، فهل من مدكر؟!.......... )
... فتاة أو امرأة مسيحية آمنت بالله سرا، ودرست الإسلام جيدا لمدة عام أو عامين،
تسأل من تثق به من زملائها في العمل أو صديقاتها في الجامعة: أريد أن أشهر إسلامي
فماذا أفعل؟!، يرشدها زملاؤها إلى الذهاب لأقرب مركز شرطة، أو سراي نيابة أو إلى
لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، أو دار الإفتاء أو مشيخة الأزهر.....، تدخل الفتاة
للجهة المختصة، وتبلغ الشخص المسئول برغبتها في اعتناق الإسلام كدين...
المسئول.. بمجرد سماع طلبها.. يرفع سماعة الهاتف، ويتصل بـ.......، وفي خلال أقل
من ساعة تفاجأ الراغبة في الدخول للإسلام بأهلها ورجلان من الكنيسة يدخلان عليها،
ويطلبان إخلاء الغرفة من الموجودين، وينفردوا بها لساعة أو ساعتين (.... ) يمارسون
خلاها كل وسائل الضغط الممكنة، يخرجوا بعدها وهم يقولون إنها قد تراجعت عن مطلبها،
وأنها تعلن ثباتها على المسيحية، وربما طلبوا من الموظف المختص أن يأخذوها إلى
الكنيسة ليقوموا بمراجعتها ومناقشتها في قرارها، بعيدا عن أجواء الشرطة
والنيابة!!!
يتصل الشخص المسئول بـ.....، ويبلغه بطلب رجال الكنيسة، وفجأة ينزل السماعة فينطلق
الرجلان بالسيدة ويضعانها في سيارة مغلقة وينطلقان بها إلى الكنيسة، وفي صبيحة
اليوم التالي تعلن الكنيسة أن الفتاة رجعت إلى عقلها ورشدها وعادت إلى دينها،
وتراجعت عن طلبها الدخول في الإسلام، وقد تعلن أنها بحاجة إلى برنامج للعلاج
النفسي ويأخذونها إلى الدير، وما أدراك ما الدير، أنه أشبه بمستعمرة أو دويلة داخل
الدولة، وسرعان ما ينسى الناس قصة هذه الفتاة التي لا يدري أحد أحية هي أم أنها قد
أصبحت في عداد الموتى!!!
الفارق الوحيد بين حالة (وفاء) وحالتي (تيريزا وماريان) هو مظاهرات الطلاب،
وبيانات المثقفين، وفتاوى العلماء، و تغطيات الإعلام
هذا هو السيناريو (السكريبت) بلغة مؤلفي الدراما، الذي يتكرر في كل مرة تعلن فيه
فتاة أو امرأة مسيحية رغبتها في اعتناق الإسلام، وهذا هو بالضبط ما حدث مع
الفتاتين القبطيتين تيريزا إبراهيم (23 سنة) وماريان مكرم عياد (23 سنة)،
الطالبتان بالسنة النهائية بكلية الطب بجامعة القاهرة، وهو هو نفس السيناريو الذي
تكرر مع السيدة وفاء قسطنطين، البالغة من العمر 48 عامًا، والتي كانت تعمل مهندسة
زراعية بإحدى الإدارات الحكومية بقرية أبي المطامير بمحافظة البحيرة، وهو نفس
السيناريو المعد سلفا للتعامل مع أي حالة مشابهة!!
بين (وفاء) و(تيريزا / ماريان)
الفارق الوحيد بين حالة (وفاء) وحالتي (تيريزا وماريان) هو مظاهرات الطلاب،
وبيانات المثقفين، وفتاوى العلماء، و تغطيات الإعلام (الصحافة المعارضة المصرية
والقنوات الفضائية العربية)، في حالة (وفاء)، في حين سكت الجميع- اللهم إلا القليل
النادر- في حالة تيريزا وماريان..
ورواية الكنيسة للرد جاهزة ومعدة سلفا وهي أن: الفتاة اختطفت وأُكرهت على الإسلام
من قبل جماعة من المتطرفين، وهي تحتاج إلى فترة نقاهة طويلة طبية ونفسية، تسترد
بعدها عافيتها، وتعود إلى دينها، ولا تنس الكنيسة بالطبع أن تحذر من مخطط (؟؟!!)
يمول من الخارج لأسلمة الفتيان والفتيات المسيحيات، ولا مانع أن تتهم إمام أحد
المساجد في بلدة الفتاة بأنه يقف خلف الموضوع، وأنه مشغول بدعوة النساء المسيحيات
للدخول في الإسلام!!
أما رواية الجهات الأمنية فهي أن الفتاة: وقعت في أحابيل علاقة غرامية مع (زميلها)
شاب مسلم، أغراها بالزواج، وأنه عندما علمت أسرة الفتاة بقصة الحب هذه ضغطت على
الفتاة لكي تقطع هذه العلاقة فورا، لكن الفتاة رفضت أن تنصاع لضغوط الأسرة لإنهاء
هذه العلاقة، فقامت بإشهار إسلامها!!
سيناريو محبوك.. وخطة جاهزة لإفشال أي محاولة من أي نوع لاعتناق شاب أو فتاة
مسيحية دين الإسلام، وقبيل ثلاثة أسابيع قامت الجهات الأمنية بمحافظة الفيوم (على
بعد120 كيلو متراً من القاهرة)، بإعادة فتاتين قبطيتين هما تيريزا إبراهيم (23
سنة) وماريان مكرم عياد (23 سنة) الطالبتان بالسنة النهائية بكلية الطب جامعة
القاهرة إلى أسرتهم للحيلولة دون تفاقم الموقف، وقامت أسرة الفتاتين فور تسلمهما
بحلق رأسيهما تماما وإلباسهما رداء الرهبنة، ونقلهما إلى الكاتدرائية القبطية في
العباسية، بعدما تظاهر مئات من الأقباط أمام كنيسة مار جرجس بوسط مدينة الفيوم يوم
28 فبراير الماضي، احتجاجا على إعلانهما اعتناق الإسلام.
(1/232)
وأصدرت وزارة الداخلية المصرية بيانا قالت فيه إن
الفتاتين توجهتا إلى فندق في الفيوم للإقامة فيه، لحين انتهاء جلسات النصح الديني
لهما، التي يتقرر بعدها ما إذا كانتا تشهران إسلامهما نهائيا أو تبقيان على
مسيحيتهما، حيث جرى العرف في مصر على أن يتم عرض أي مسيحي يسعى لتغيير ديانته علي
لجنة النصح الديني، التابعة للكنسية، لتقديم النصح له بالبقاء على دينه، قبل إشهار
إسلامه، في حالة تأكيد رغبته في ذلك. فيما ترددت أنباء عن رفض الكنيسة إسداء النصح
للفتاتين في مديرية الأمن أو الفندق، قبل أن تسلمهما قوات الأمن لأسرتيهما، على
غرار ما حدث مع زوجتي قس أبو المطامير وقس الشرابية، في كانون ثاني (ديسمبر)
الماضي.
ولم يستطع أحد ساعتها أن يجد تفسيرا للصمت المريب للمنظمات الناشطة في مجال حقوق
الإنسان داخل مصر وخارجها .
واقعة مشابهة
وقبل هذا الحادث بثلاثة أشهر فقط، أثار إعلان السيدة وفاء قسطنطين، زوجة أحد
الكهان بالكنيسة المصرية، إسلامها، ثم ادعاء الكنيسة، بعد تسليمها السيدة وفاء،
أنها قد عادت إلى دينها، عدة تداعيات وفتاوى دينية، في مقدمتها أن الإسلام لا يكره
أحدا على اعتناقه، ولا على الاستمرار فيه، وعدم جواز ردّ المرأة التي أعلنت
إسلامها إلى أهل دينها الأول، مهما يكن السبب، بل ووجوب حمايتها ونصرتها.
وانتقدت "اللجنة المصرية لمناهضة الإكراه الديني"، التي تضم مثقفين
معظمهم من الصحفيين والمحامين وأساتذة الجامعات، تسليم أجهزة الأمن فتاتين
مسيحيتين، أعلنتا رغبتهما في إشهار إسلامها، إلي الكنيسة، واعتبرته تناقضا مع
"حرية الاعتقاد، وحرية الدين"، ودعم "للتطرف الديني، الذي تمارسه
قلة من المتطرفين الأقباط مدعومين من المؤسسة الكنسية"، ووصفت تسليم الدولة
للفتاتين بعدما لجأتا إلى أجهزة الأمن في محافظة الفيوم، لاعتناق الإسلام رسميا،
بأنه "جريمة أخلاقية، وجريمة قانونية، وجريمة دستورية أيضا"، وتأكيد
لغياب دور الدولة الرسمية، معتبرة أنها فقدت مبررات وجودها كدولة.
وأصدر حوالي 30 مثقفاً مصرياً، ما بين صحفي ومحامي وأستاذ جامعة، معظمهم من
الإسلامييين، بيانا انتقدوا فيه رضوخ الحكومة المصرية وقبولها تسليم السيدة التي
أسلمت إلى رجال الكنيسة، كما عابوا فيه انسحاب الدولة ومؤسساتها من تحمل
مسئولياتها القانونية والدستورية أمام مواطنيها بشكل خطير، وترك الساحة للضغوط
المتطرفة التي وصلت إلى حد تسليم مواطنة إلى بعض رجال الدين ليضعوها قيد الاعتقال
والتحفظ، وإجراء عزل كامل لها عن العالم الخارجي بدعوى مراجعتها للتثبت من أنها
ليست واقعة تحت إكراه ديني.
وجاء في البيان الذي صدر تحت عنوان "بيان حول الأزمة القبطية الأخيرة":
أن حرية الاعتقاد ينبغي أن تكون مكفولة للجميع، وينبغي أن تكون مصونة بقوة
القانون، وأن تكون محمية، وأن الدولة ومؤسساتها وأجهزتها الأمنية والقضائية هي
المخولة وحدها بالتحقيق مع مواطنيها ووضعهم قيد الاحتجاز أو الحبس وفي الأماكن
التي حددها القانون، و إلا أصبحنا أمام دولتين، كما أن هيبة الدولة ذاتها تكون
ساقطة من حسابات مواطنيها بعد ذلك، وأن خضوع الدولة وأجهزتها للابتزاز تحت ضغط
المظاهرات المتطرفة يشكل سابقة خطيرة تعطي إشارات سيئة إلى الأطراف الدينية الأخرى
بأن المطالب تنتزع بالضغط والابتزاز، وليس وفق القانون وضمانات مؤسسات الدولة.
أطراف عقائدية وفكرية في الأساس.
(1/222)
نحن إذن أمام صدام تطوع زعماء الغرب بالترويج له، وإن قالوا أنه ضد ما يرونه
(إرهاب) هذه الكلمة التي اختلفوا في تحديد مدلولها ظاهريا وإن اتفقوا على تحديد
العدو الذي أسقطوها عليه، ووجهوا نحو صدره سهامهم. ولعل تصريحات الرئيس الفرنسي
تعيد إلى الأذهان وصف الرئيس الأمريكي جورج بوش (الابن) الحروب والمعارك التي
أشعلها في البلاد الإسلامية بـ "الحرب المقدسة" هذه الحرب التي ساق لها
الغربيون قوة عسكرية هائلة، وحشد سياسي وإعلامي لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية
حتى الآن.
ولعل ما يثير الريبة إزاء التهديدات الغربية هو (الخطاب الجماعي) الذي دائماً ما
تتحلى به تصريحات الزعماء الغربيين، ففي خطاب شيراك الذي عليه مدار الحديث يقول
الرئيس الفرنسي: إن "مكافحة الإرهاب هي بالتأكيد من أولوياتنا"، مضيفاً
"سنواصل على هذه الطريق بحزم وتصميم". معتبراً أن الإمدادات
الإستراتيجية والدفاع عن الحلفاء يشكلان مصالح "حيوية" وتبرر بالتالي
اللجوء إلى قوة الردع النووية. ويضيف شيراك: إن باريس يجب أن تكون قادرة على أن
تضرب بقوة مراكز القوى في الدولة المعادية وقدرتها على التحرك.. وإن كل القوات
النووية الفرنسية تضع هذه الإستراتيجية في ذهنها.
فشيراك بخطابه هذا كمن يشرع لعدون مستقبلي، وهذا العدوان لم يحتكم سوى لرؤية
أحادية في تحديد مكمن الخطر الذي ينبغي أن تتوجه إلى سهام باريس النووية حيث يقول:
"يعود إلى رئيس الجمهورية (الفرنسية) تقدير الحجم والنتائج المحتملة للتهديد
أو الابتزاز".
وفي الوقت الذي يتغنى فيه بقوة فرنسا النووية التي يتوعد بها الآخرين يشير إلى أن
العالم: "مطبوع بظهور استعراضات قوى تستند إلى امتلاك أسلحة نووية أو
بيولوجية أو كيميائية". وحمل على: "محاولة بعض الدول حيازة القوة
النووية بما يتنافى مع المعاهدات" الدولية!، جاء هذا الكلام وسط اشتداد
الأزمة حول البرنامج النووي لإيران التي يتهمها الغرب بمحاولة الحصول على السلاح
النووي باعتبار أنه من الكبائر أن تفكر أي جهة غير غربية في الحصول على هذا
السلاح.
http://www.alas صلى الله عليه وسلم ws المصدر:
==============
(1/223)
(1/224)
مسلسل خروج المرأة عن المألوف مازال مستمراً -
منتخب كرة القدم للسيدات- في الكويت !
الجامعة الأمريكية في القاهرة خرج منها أول المنحرفين فكرياً وعقائدياً وأخلاقياً
من خلال عبدة الشيطان - كما صرحت بهذا وزارة الداخلية المصرية - واليوم جاءت مدربة
الجامعة الأمريكية في الكويت؛ لتصرح بتشكيل أول منتخب لكرة القدم النسائي في دولة
الكويت جاء ذلك بالتعاون مع الفيفا الدولية بعد اجتماع عقد في الدوحة تحت إشراف
الاتحادين الدولي والآسيوي وكشفت عن خطتها التي بدأت منذ عام 2000 ووصل عدد
الفتيات لهذه اللعبة 200 من الجامعات والمدارس الخاصة!
وهذا يدفعنا إلى إعادة النظر فيما يحدث داخل أسوار الجامعة والمدارس الخاصة، وتضيف
أنها تعلمت التدريب عن طريق الصفحات الإلكترونية وأنها تطلب الاستعانة بمدربة
أجنبية محترفة!
واستغرب عضو لجنة شؤون المرأة في مجلس الأمة النائب بدر شيخان الفارسي الترتيبات
التي حدثت لتشكيل منتخب المرأة لكرة القدم معتبراً أن هذا منافياً للدين ولا يتفق
مع العادات والتقاليد وطالب بالحسم في مثل هذه الأمور الدخيلة لتكون الفيصل.
كما رفض النائب د. فيصل المسلم تشكيل المنتخب النسائي مبدياً استياءه قائلا: إن
الله خلق الرجال والنساء وجعل لكل منهما ما يناسبه من الأنشطة الرياضية ولا ريب أن
كرة القدم رياضة لا تناسب طبيعة المرأة المسلمة المحافظة.
دعوات صريحة للتعاون مع مكاتب السحر والشعوذة!
-من أمن العقوبة أساء الأدب-.. وصل الأمر بالسحرة والعرافين والمشعوذين إلى وضع
إعلانات على سيارات النساء في تجمع الأعراس ومواقف الموظفات أو الطالبات في
الجامعة وترصد كل امرأة تقف بسيارتها أمام موقف الجمعيات التعاونية أو الأسواق
ويضع هؤلاء عناوينهم عبر الشبكة العنكبوتية أو هواتفهم النقالة زاعمين أنهم يملكون
السحر المؤثر وحل جميع المشكلات والمنامات عبر خرز -الهبهاب وعرج السواحل وغيرها-.
- يا معشر الناس آن الأوان لوقفة شجاعة ضد هؤلاء المفسدين الذين ادعوا أنهم يملكون
النفع ودفع الضر وهذه من صفات الله - تبارك وتعالى - ولذلك قال ابن القيم - رحمه
الله -: -من اعتقد أن الساحر يستطيع بسحره أن يضر أو ينفع فقد فسدت عقيدته وخبثت
نفسه وأشرك مع الله من لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً.. (وما كفر سليمان ولكن
الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر.. ) - ولقد أمرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه
وسلم باجتثاث الشرك لأنه كبيرة من الكبائر -ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى
يارسول الله قال: الشرك بالله والسحر... - وقال صلى الله عليه وسلم : -من عقد عقدة
ثم نفث فيها فقد سحر، ومن سحر فقد أشرك، ومن تعلق بشيء وكل إليه- رواه النسائي.
إن السحر ما زاد الناس إلا هماً وغماً وخسارة إيمانية ومالية ولذلك قال - سبحانه
-: (ولا يفلح الساحر حيث أتى)طه: 69-.
أحد نجوم ستار أكاديمي ضبط بحوزته حشيش!
هذه البيئة التي يدخل منها فنانو ما يسمى بستار أكاديمي لم تكن بيئة صلاح وصلاة
وتقوى لذلك توجهوا إلى هذا المستنقع.. وهذه هي الحالة الرابعة التي يتم القبض فيها
على أحدهم ولكن هذه المرة في مطارات الإمارات وبحوزته قطعة حشيش!
http://www.al-fo r qan.net المصدر:
==============
(1/225)
(1/226)
جرح في قلب مصر ..
أمير سعيد
تبدو الطريق ليست يسيرة إلى التعامل مع هكذا حقيقة لا نريد أن نصدقها ولا نتخيلها،
لكنها أضحت من مفرزات زمن الاستسلام والتراجع، إنها الممارسة العملية لقرار ربما
لم يتخذ حقيقة لكنه عملياً قد أضحى على الأقل عرفاً متبعاً له من حيث النتيجة قوة
القرار السري أو العلني..لا فارق كبيرا بين هذا وذاك.
بكل بساطة وصراحة جارحة، لقد جرى العرف الآن بأن لا حق للقبطي أن يغير دينه في مصر
التي فتحها عمرو العاص وصيرها أنموذجاً لحرية الاعتقاد، فالطريق إلى الإسلام صارت
مثل الطريق إليه كذلك إبان حكم "ديسيوس" الذي اضطهد الأقباط من أتباع
الكنيسة قبل 17 قرناً من الزمان.
في بلد الأزهر وفي عنوان الإسلام وشاراته العلمية، صار اعتناق الإسلام لدى الأقباط
أشبه بعملية استشهادية. ربما الأزهر بمشيخته العريقة وعلى رأسها محمد سيد طنطاوي
ترنو إلى قصر اعتناق الإسلام على أولئك الخلص الذين لا ترهبهم معتقلات جوانتنامو
في الأديرة القبطية!! ربما الأزهر لا يريده إلا لأرباب العزائم وعناوين البطولة..
ربما لكن هذه الإرادة الأزهرية يضج منها الصالحون وتتفطر لها القلوب المؤمنة
وتتزاحم في نقدها الأقلام المخلصة وترتفع لها أيدي المظلومات في جوانتنامو مصر:
ماريان، تيريزا، وفاء، ماري، وأخيراً أميرة وغيرهن ممن لا يعلمهن إلا عالم السر
وأخفى..
طبيبتان أسلمتا (ماريان ـ تيريزا) فأسلمتهما الشرطة لأهلهما، وبدورهم إلى الأديرة
بعد أن اعترف قس الفيوم بأنهما "تحت السيطرة" هكذا بهذا اللفظ الذي
تناقلته العديد من الصحف المصرية، لاسيما صحيفة الأسبوع القريبة من بعض أقطاب
الحكم المصري، حلقت لهما شعورهما بادي الأمر ثم يعلم الله ما يمارس ضدهما الآن
"لإقناعهما".
زوجتا قسيسين أسلمتا، لجأتا للأزهر قبلهما فكانت النتيجة واحدة، فهاهو
"العرف" الجديد يفضي بهن جميعاً إلى القرار بين جدران الأديرة العالية.
ما الجريرة التي ارتكبتها هؤلاء النسوة حتى يحملن على أدهم الأديرة؟ أين شرف
الرجال المسلمين إذا كانت القضية تزوى بملفها المتخم بالضيم المثقل بالجراح بهكذا
سهولة وذاك اليسر؟
أين الأزهر الإرادة ضد الاحتلال؟ أين الأزهر الحامي لحمى الإسلام في مصر؟ أيناكم
علماء مصر؟ أين منكم الحديث على أعواد المنابر، في بياناتكم ومقالاتكم بالصحف؟
أستعرض صفحات الجرائد فلا أسمع لكم صوتاً، لا يقابلني فيها إلا القساوسة وبعض
المفكرين المتطوعين، أما حماة الشريعة فلا أراهم، لا أسكت الله لكم صوتاً بالحق
صادحاً..
ألا ليت شعري أين ذهب العزم منكم.. لله أنتم، أما من سبيل لأن تقولوا للخاطفين لا
تخطفوا فتيات الإسلام.. أليس من سبيل سوى صمت القبور هذا؟!
فعاليات وأصوات كثيرة تصدح بالإسلام في مناحٍ عديدة غابت عن هذه المحنة التي تعرضت
لها نسوة رضين بالله رباً وبالإسلام ديناًَ، وأكرهن على إخفائه.
فقط بيانات يتيمة بثتها اللجنة المصرية للدفاع عن حرية العقيدة أو لمناهضة
الاضطهاد الديني، لا نلمز المطوعين من المؤمنين والذين لا يجدون إلا جهدهم، نشد
على أيديهم، ولا نستقل عملهم المبارك ولكن نستقل جهد غيرهم ممن آتاهم الله الحجة
وشبكات التأثير وهوامش التحرك الواسعة فلم يشغلوها وتركوها خاوية إلا من لاعبي
النار ومؤججي الفتن.
جرح في قلب مصر، أدماها وليس الإلحاح في الحديث عنه من قبيل استيلاد الفتن، ولا هو
من قبيل السذاجة في التعرض لقضايا قد تنفخ فيها قوى الظلام الصهيونية كما تنفخ في
لبنان وغير لبنان من أجل أن توجد ذرائع تدخلها، إذ ليس معنى دفع الفتن ووأد
المؤامرات في مهدها السكوت على ظاهرة باتت تهدد حرية العقيدة التي جاء الإسلام
فأتاحها لكل أهل الكتاب: " وقل الحق من ربكم، فمن شاء فليؤمن، ومن شاء
فليكفر"، "من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها"، تلكم
الحرية التي كفلها الدين القويم للناس فأتت الأحداث الأخيرة فقيدتها ضد المسلمين،
وبات أي قبطي يريد الآن أن يختار دينه في بلد الإسلام بحاجة إلى أن يغادر إلى أي
دولة غربية ـ لاسيما أمريكا ـ حتى يصبح مصان الاعتقاد حر اعتناقه!!
جرح في قلب مصر، أدماها وليس الإلحاح في الحديث عنه من قبيل استيلاد الفتن، ولا هو
من قبيل السذاجة في التعرض لقضايا قد تنفخ فيها قوى الظلام الصهيونية كما تنفخ في
لبنان وغير لبنان من أجل أن توجد ذرائع تدخلها، إذ ليس معنى دفع الفتن ووأد
المؤامرات في مهدها السكوت على ظاهرة باتت تهدد حرية العقيدة التي جاء الإسلام
فأتاحها لكل أهل الكتاب
معاذ الله أن نثير فتنة، لا بل نسعى لدفعها لأن هذه الأحداث تسير الآن باتجاه
خطير، يضغط المراجل حتى قوة احتمالها ولا يترك مجالاً لتسريبها؛ ما ينذر بعواقب لا
يريد أحد من العقلاء أيا كان دينه أن تسير الأمور حثيثاً باتجاهها المريع، فالجروح
المنغلقة على القروح تؤذن بأن تنفجر ثآليلها، وقد تجري حادثة بسيطة بالأحداث مجرى
العظائم ولن يكون بالإمكان ثمة وقت لدرسها وتحليلها ومن ثم تجنبها حين تقع.
(1/227)
من المستفيد إذن من حدوث ذلك حين يحدث؟ أليس الكيان الصهيوني المتربص بهذه
الأمة وثوابتها، الناعمة لقرون بهدوئها الطائفي، هذا العدو الذي ما فتئ يدعي على
القبائل المسيحية الإفريقية الاضطهاد ثم يطرح الحل عليها بالهجرة إلى أرضه
المزعومة..
أليس المستفيد من يقدح زناد الفتنة حين يرسل عبر هذه الأحداث رسالة يريد بها أن
يقول إن الإسلام مضطهد في أرضه؟!
إن رسالة كهذه إذا ما رسخت بأذهان المسلمين المصريين وغير المصريين كفيلة بأن تهدد
سلاماً اجتماعياً ظلت مصر لعقود طويلة حريصة على عدم المساس به..
في هذا الظرف الدولي والإقليمي العصيب، وتراكم الضغوط واللعب بأوراق الضغط
الطائفية لا يريد أي عاقل للفتنة الطائفية أن تنبجس فتغرق التربة المصرية في وقت
هي فيه أحوج ما تكون إلى الهدوء والاستقرار، وليس وأد هذه الفتنة بالخضوع للابتزاز
ولا بخياطة الجروح على القروح..
6/2/1426
http://www.almoslim.net المصدر:
-==========
(1/228)
(1/229)
أجهزة استخبارات أوروبية تطالب بإجراءات جديدة
للحد من انتشار الإسلام
طالبت أجهزة استخبارات أوروبية ووزارات العدل بدول الاتحاد الأوروبي بوضع إجراءات
جديدة من شأنها وضع صعوبات وعقبات أمام زواج الأوروبيات بشباب من المسلمين، واستند
مطلب أجهزة الاستخبارات الأوروبية وعلى رأسها الفرنسية والبريطانية والبلجيكية على
أن آلاف الأوروبيات يعتنقن الإسلام بصورة سنوية من منطلق زواجهن بمسلمين، وأن
هؤلاء يقعن تحت "إغراءات غامضة" يقدمها المسلمون،، وذلك بحسب ما ذكر
مصدر أمني أوروبي لصحيفة "الوطن" السعودية.
وقالت أجهزة الاستخبارات إن الإجراءات الحالية المطروحة بدول الاتحاد كشروط للزواج
الرسمي بين أوروبية وشخص أجنبي، غير كافية، فلا يكفي اشتراط وجود مسكن أو عمل ثابت
للأجنبي، بل يجب قبل الحصول على العقد المدني للزواج أن يتم التأكد من صحيفة
الحالة الجنائية للشخص الأجنبي، وأن تتأكد مجالس المدن المخولة بعقد وثائق الزواج
من الجهات الأمنية أن هؤلاء الأجانب لا ينتمون إلى جهات "متطرفة"، وأنهم
يتسمون بالاعتدال، وليس لهم أنشطة أو اتصالات مثيرة للشبهات أو الشكوك.
وأكدت أجهزة الاستخبارات الأوروبية في تقرير مشترك أن مؤسسة الزواج الأوروبي أصبحت
معرضة للخطر، حيث يستخدم الإسلاميون زواجهم من أوروبيات كوسائل لجذب الأوروبيين
"التطرف" حسب قولهم، حيث يتم إلزامهن بارتداء الحجاب والملابس الفضفاضة،
وأن الأوروبيات يجدن في الدين الإسلامي جانباً روحياً أصبحت لا تملؤه الكنيسة
الآن، ولا يلتفت إليه الأهل الذين يبتعدون تدريجيا على أصول الدين المسيحي.
وطالبت الاستخبارات الأوروبية دول الاتحاد بالتنبه إلى تزايد موجة إسلام الأوربيات
وزواجهن من أجانب، وأن كثيراً من الأجانب يقومون بالتحايل على القانون الأوروبي
عبر الزواج بأكثر من سيدة، مطالبة وزارات العدل والهجرة والجنسية بالتأكد من
الخلفية الشخصية للأجانب حال إقدامهم على الزواج من أوروبيات، بجانب ضرورة التأكد
من عدم اقترانهم بأخريات، واتخاذ من تلك الإجراءات أسبابا لتقليص إتمام زواجهم
بالأوروبيات.
وساقت أجهزة الاستخبارات الأوروبية حادث تنفيذ البلجيكية موريل ديجايكو(32 عاما)
هجوما في 2 نوفمبر الماضي في العراق ضد قوات الاحتلال الأمريكية كنموذج تحذيري
كبير، للتدليل على مدى ما تتعرض له الأوروبيات من إغراء للزواج بإسلاميين والسقوط
في براثن "التطرف والإرهاب" حسب تعبيرهم، مؤكدين أن هذا الحادث لن يكون
الأخير إذا لم يتم تنفيذ إجراءات ضد دخول مزيد من الأوروبيات في الإسلام، وتنفيذ
برامج توعية للفتيات الأوروبيات.
http://www.alsunnah.o r g المصدر:
=============
(1/230)
(1/231)
إكراه المسلمات على الردة
سيناريو مكرر وحقائق غائبة وردود معلبة
همام عبد المعبود
سيناريو مكتوب ببراعة فائقة، وينفذ بدقة شديدة، يتكرر مرات ومرات، وما من أحد
يعتبر، فهل من مدكر؟!.......... )
... فتاة أو امرأة مسيحية آمنت بالله سرا، ودرست الإسلام جيدا لمدة عام أو عامين،
تسأل من تثق به من زملائها في العمل أو صديقاتها في الجامعة: أريد أن أشهر إسلامي
فماذا أفعل؟!، يرشدها زملاؤها إلى الذهاب لأقرب مركز شرطة، أو سراي نيابة أو إلى
لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، أو دار الإفتاء أو مشيخة الأزهر.....، تدخل الفتاة
للجهة المختصة، وتبلغ الشخص المسئول برغبتها في اعتناق الإسلام كدين...
المسئول.. بمجرد سماع طلبها.. يرفع سماعة الهاتف، ويتصل بـ.......، وفي خلال أقل
من ساعة تفاجأ الراغبة في الدخول للإسلام بأهلها ورجلان من الكنيسة يدخلان عليها،
ويطلبان إخلاء الغرفة من الموجودين، وينفردوا بها لساعة أو ساعتين (.... ) يمارسون
خلاها كل وسائل الضغط الممكنة، يخرجوا بعدها وهم يقولون إنها قد تراجعت عن مطلبها،
وأنها تعلن ثباتها على المسيحية، وربما طلبوا من الموظف المختص أن يأخذوها إلى
الكنيسة ليقوموا بمراجعتها ومناقشتها في قرارها، بعيدا عن أجواء الشرطة
والنيابة!!!
يتصل الشخص المسئول بـ.....، ويبلغه بطلب رجال الكنيسة، وفجأة ينزل السماعة فينطلق
الرجلان بالسيدة ويضعانها في سيارة مغلقة وينطلقان بها إلى الكنيسة، وفي صبيحة
اليوم التالي تعلن الكنيسة أن الفتاة رجعت إلى عقلها ورشدها وعادت إلى دينها،
وتراجعت عن طلبها الدخول في الإسلام، وقد تعلن أنها بحاجة إلى برنامج للعلاج
النفسي ويأخذونها إلى الدير، وما أدراك ما الدير، أنه أشبه بمستعمرة أو دويلة داخل
الدولة، وسرعان ما ينسى الناس قصة هذه الفتاة التي لا يدري أحد أحية هي أم أنها قد
أصبحت في عداد الموتى!!!
الفارق الوحيد بين حالة (وفاء) وحالتي (تيريزا وماريان) هو مظاهرات الطلاب،
وبيانات المثقفين، وفتاوى العلماء، و تغطيات الإعلام
هذا هو السيناريو (السكريبت) بلغة مؤلفي الدراما، الذي يتكرر في كل مرة تعلن فيه
فتاة أو امرأة مسيحية رغبتها في اعتناق الإسلام، وهذا هو بالضبط ما حدث مع
الفتاتين القبطيتين تيريزا إبراهيم (23 سنة) وماريان مكرم عياد (23 سنة)،
الطالبتان بالسنة النهائية بكلية الطب بجامعة القاهرة، وهو هو نفس السيناريو الذي
تكرر مع السيدة وفاء قسطنطين، البالغة من العمر 48 عامًا، والتي كانت تعمل مهندسة
زراعية بإحدى الإدارات الحكومية بقرية أبي المطامير بمحافظة البحيرة، وهو نفس
السيناريو المعد سلفا للتعامل مع أي حالة مشابهة!!
بين (وفاء) و(تيريزا / ماريان)
الفارق الوحيد بين حالة (وفاء) وحالتي (تيريزا وماريان) هو مظاهرات الطلاب،
وبيانات المثقفين، وفتاوى العلماء، و تغطيات الإعلام (الصحافة المعارضة المصرية
والقنوات الفضائية العربية)، في حالة (وفاء)، في حين سكت الجميع- اللهم إلا القليل
النادر- في حالة تيريزا وماريان..
ورواية الكنيسة للرد جاهزة ومعدة سلفا وهي أن: الفتاة اختطفت وأُكرهت على الإسلام
من قبل جماعة من المتطرفين، وهي تحتاج إلى فترة نقاهة طويلة طبية ونفسية، تسترد
بعدها عافيتها، وتعود إلى دينها، ولا تنس الكنيسة بالطبع أن تحذر من مخطط (؟؟!!)
يمول من الخارج لأسلمة الفتيان والفتيات المسيحيات، ولا مانع أن تتهم إمام أحد
المساجد في بلدة الفتاة بأنه يقف خلف الموضوع، وأنه مشغول بدعوة النساء المسيحيات
للدخول في الإسلام!!
أما رواية الجهات الأمنية فهي أن الفتاة: وقعت في أحابيل علاقة غرامية مع (زميلها)
شاب مسلم، أغراها بالزواج، وأنه عندما علمت أسرة الفتاة بقصة الحب هذه ضغطت على
الفتاة لكي تقطع هذه العلاقة فورا، لكن الفتاة رفضت أن تنصاع لضغوط الأسرة لإنهاء
هذه العلاقة، فقامت بإشهار إسلامها!!
سيناريو محبوك.. وخطة جاهزة لإفشال أي محاولة من أي نوع لاعتناق شاب أو فتاة
مسيحية دين الإسلام، وقبيل ثلاثة أسابيع قامت الجهات الأمنية بمحافظة الفيوم (على
بعد120 كيلو متراً من القاهرة)، بإعادة فتاتين قبطيتين هما تيريزا إبراهيم (23
سنة) وماريان مكرم عياد (23 سنة) الطالبتان بالسنة النهائية بكلية الطب جامعة
القاهرة إلى أسرتهم للحيلولة دون تفاقم الموقف، وقامت أسرة الفتاتين فور تسلمهما
بحلق رأسيهما تماما وإلباسهما رداء الرهبنة، ونقلهما إلى الكاتدرائية القبطية في
العباسية، بعدما تظاهر مئات من الأقباط أمام كنيسة مار جرجس بوسط مدينة الفيوم يوم
28 فبراير الماضي، احتجاجا على إعلانهما اعتناق الإسلام.
(1/232)
وأصدرت وزارة الداخلية المصرية بيانا قالت فيه إن
الفتاتين توجهتا إلى فندق في الفيوم للإقامة فيه، لحين انتهاء جلسات النصح الديني
لهما، التي يتقرر بعدها ما إذا كانتا تشهران إسلامهما نهائيا أو تبقيان على
مسيحيتهما، حيث جرى العرف في مصر على أن يتم عرض أي مسيحي يسعى لتغيير ديانته علي
لجنة النصح الديني، التابعة للكنسية، لتقديم النصح له بالبقاء على دينه، قبل إشهار
إسلامه، في حالة تأكيد رغبته في ذلك. فيما ترددت أنباء عن رفض الكنيسة إسداء النصح
للفتاتين في مديرية الأمن أو الفندق، قبل أن تسلمهما قوات الأمن لأسرتيهما، على
غرار ما حدث مع زوجتي قس أبو المطامير وقس الشرابية، في كانون ثاني (ديسمبر)
الماضي.
ولم يستطع أحد ساعتها أن يجد تفسيرا للصمت المريب للمنظمات الناشطة في مجال حقوق
الإنسان داخل مصر وخارجها .
واقعة مشابهة
وقبل هذا الحادث بثلاثة أشهر فقط، أثار إعلان السيدة وفاء قسطنطين، زوجة أحد
الكهان بالكنيسة المصرية، إسلامها، ثم ادعاء الكنيسة، بعد تسليمها السيدة وفاء،
أنها قد عادت إلى دينها، عدة تداعيات وفتاوى دينية، في مقدمتها أن الإسلام لا يكره
أحدا على اعتناقه، ولا على الاستمرار فيه، وعدم جواز ردّ المرأة التي أعلنت
إسلامها إلى أهل دينها الأول، مهما يكن السبب، بل ووجوب حمايتها ونصرتها.
وانتقدت "اللجنة المصرية لمناهضة الإكراه الديني"، التي تضم مثقفين
معظمهم من الصحفيين والمحامين وأساتذة الجامعات، تسليم أجهزة الأمن فتاتين
مسيحيتين، أعلنتا رغبتهما في إشهار إسلامها، إلي الكنيسة، واعتبرته تناقضا مع
"حرية الاعتقاد، وحرية الدين"، ودعم "للتطرف الديني، الذي تمارسه
قلة من المتطرفين الأقباط مدعومين من المؤسسة الكنسية"، ووصفت تسليم الدولة
للفتاتين بعدما لجأتا إلى أجهزة الأمن في محافظة الفيوم، لاعتناق الإسلام رسميا،
بأنه "جريمة أخلاقية، وجريمة قانونية، وجريمة دستورية أيضا"، وتأكيد
لغياب دور الدولة الرسمية، معتبرة أنها فقدت مبررات وجودها كدولة.
وأصدر حوالي 30 مثقفاً مصرياً، ما بين صحفي ومحامي وأستاذ جامعة، معظمهم من
الإسلامييين، بيانا انتقدوا فيه رضوخ الحكومة المصرية وقبولها تسليم السيدة التي
أسلمت إلى رجال الكنيسة، كما عابوا فيه انسحاب الدولة ومؤسساتها من تحمل
مسئولياتها القانونية والدستورية أمام مواطنيها بشكل خطير، وترك الساحة للضغوط
المتطرفة التي وصلت إلى حد تسليم مواطنة إلى بعض رجال الدين ليضعوها قيد الاعتقال
والتحفظ، وإجراء عزل كامل لها عن العالم الخارجي بدعوى مراجعتها للتثبت من أنها
ليست واقعة تحت إكراه ديني.
وجاء في البيان الذي صدر تحت عنوان "بيان حول الأزمة القبطية الأخيرة":
أن حرية الاعتقاد ينبغي أن تكون مكفولة للجميع، وينبغي أن تكون مصونة بقوة
القانون، وأن تكون محمية، وأن الدولة ومؤسساتها وأجهزتها الأمنية والقضائية هي
المخولة وحدها بالتحقيق مع مواطنيها ووضعهم قيد الاحتجاز أو الحبس وفي الأماكن
التي حددها القانون، و إلا أصبحنا أمام دولتين، كما أن هيبة الدولة ذاتها تكون
ساقطة من حسابات مواطنيها بعد ذلك، وأن خضوع الدولة وأجهزتها للابتزاز تحت ضغط
المظاهرات المتطرفة يشكل سابقة خطيرة تعطي إشارات سيئة إلى الأطراف الدينية الأخرى
بأن المطالب تنتزع بالضغط والابتزاز، وليس وفق القانون وضمانات مؤسسات الدولة.
تــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبع
ولم يستطع أحد ساعتها أن يجد تفسيرا للصمت المريب للمنظمات الناشطة في مجال
حقوق الإنسان داخل مصر وخارجها، كما تساءل الكثيرون عما كان يجب أن يفعله المجلس
القومي للمرأة، وناشد المثقفون كافة المنظمات الأهلية ومنظمات حقوق الإنسان
المحلية والدولية التدخل لتحرير السيدة وفاء من الاعتقال الكنسي، ومنحها حرية
الحركة والتنقل والإشراف الطبي والاجتماعي والاتصال بالعالم الخارجي، كإنسانة،
وكمواطنة مصرية، وكذلك منحها حق اختيار السكن الذي تريد.
كما ناشد المثقفون الأجهزة الأمنية والقضائية تقديم المعلومات الصحيحة والمباشرة
إلى أجهزة الإعلام لتوضيح صورة الأحداث المماثلة قبل أن تستفحل؛ وناشدوا الشرفاء
والوطنيين من الأقباط أن يعلنوا صوتهم صريحا دفاعا عن حرية المواطنة "وفاء
قسطنطين" وحقوقها الإنسانية، وألا يخضعوا لمنطق التطرف والتعصب الديني،
مطالبين الدولة بتحقيق مبدأ الشفافية في هذه القضية بإتاحة الفرصة كاملة للصحافة
المصرية بالالتقاء بالسيدة وفاء والتعرف على حقيقة قضيتها والضغوط التي مورست
عليها ومن أي جهة كانت وحقيقة قناعاتها الدينية.
لا إكراه في الدين
(1/233)
وقد جاء القرآن الكريم صريحا وواضحا في بيان "حرية الاعتقاد"، قال -
تعالى -: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله
فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم)، وقال أيضا: (فمن شاء
فليؤمن ومن شاء فليكفر)، وقال - تعالى -: (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعاً
أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)، وقال - سبحانه -: (يأيها الذين آمنوا إذا
جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا
ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا... ).
وحول ما يردده البعض من أن القانون يفرض إجراءات معينة لإشهار إسلام القبطي أو
القبطية منها ضرورة أن تتاح له فرصة الخلوة برجل دين مسيحي ليعظه وينصحه، وأن
إشهار الإسلام لا يتم إلا بإعلان رجل الدين أن الطرف المعني مستمسك بالإسلام، قال
الفقيه الدستوري والمفكر الإسلامي الدكتور محمد سليم العوا: "هذا الكلام غير
صحيح، فهذه المسألة لا ينظمها قانون في مصر أصلاً، وإنما جرى بها العرف منذ زمن،
نافيا أن يكون في الإجراءات المتبعة في مصر، ولا في غيرها من بلاد الأرض قاطبة،
إجراء يتيح، أو يبيح، تسليم شخص أعلن إسلامه إلى أهل دينه السابق، مؤكدا أن هذا
التسليم في ميزان الإسلام "خطيئة غير جائزة".
وكانت صحفا مصرية قد نقلت تسريبات عن اللقاءات الأولى التي سمحت بها بالفعل
السلطات لوفد الكنيسة بالجلوس مع الزوجة، أكدت فيها أنها أسلمت منذ عامين وعن
قناعة ودون إكراه من أحد، وأنها تحفظ 17 جزءا من القرآن، وأنها تصلي بعينيها،
وتصوم رمضان سرا. ويشكل الأقباط، حسب الإحصائيات الرسمية في مصر، نحو 5. 3 % من
عدد السكان البالغ 76 مليون نسمة، أي نحو 4 ملايين نسمة.
وادعي قسيس بكنيسة أبي المطامير بمحافظة البحيرة أن السيد محمد المرجون زميل
السيدة وفاء قسطنطين قام باختطافها وأرغمها على إشهار إسلامها. وقال منظمة أقباط
الولايات المتحدة في موقعها على الإنترنت أنه "بعد الضغط الذي صنعه الأقباط المعتصمون
المتظاهرون في الكنيسة على الحكومة، سلمت مباحث أمن الدولة الفتاتين للآباء
الكهنة، وتم إرسالهما لأحد الأديرة، ولم يتم الإعلان عن اسم الدير، وهما الآن في
الدير مع والديهما".
يشار إلى أن امرأتين مسيحيتين في مدينة أبو المطامير أشهرتا إسلامهما خلال الأشهر
الستة الماضية، غير أن الكنيسة تتهم الشرطة المصرية بالتواطؤ ضد الأقباط، مدعية أن
ما يقوله الضباط في مركز أبو المطامير من أن المسيحيات يشهرن إسلامهن بمحض إرادتهن
كلام غير صحيح.
ويقول علماء: الأصل أن الإسلام لا يُكْره أحدا على الدخول فيه، كما أنه لا يكره أحدا
على البقاء فيه والاستمرار على اعتناقه وهو كاره، قال - تعالى -: " (لا إكراه
في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة
الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم) [البقرة: 256]. وقال أيضا: (فمن شاء فليؤمن
ومن شاء فليكفر) (جزء من الآية 29 من سورة الكهف). وقال أيضا: (ولو شاء ربك لآمن
من في الأرض جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) (سورة يونس الآية 99).
والثابت عند أهل العلم أنه لا يجوز للمسلمين ردّ المرأة التي جاءت إليهم مسلمة،
غير أنه يجب على الدولة المسلمة أن ترد إلى زوجها غير المسلم الذي بقي على دينه ما
دفعه لها من المهر وما في حكمه من بيت مال المسلمين، أو تلزم بهذا الرد من يتزوجها
من أهل الإسلام، لئلا يضار الزوج من أهل الدين الآخر في ماله لسبب لا شأن له به
ولا ويد له فيه.
وذلك امتثالا لقوله - تعالى - في سورة الممتحنة: «يأيها الذين آمنوا إذا جاءكم
المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن
إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا... » إلخ الآية
العاشرة من السورة. والمقصود بالامتحان هنا أن يتأكد أن سبب إسلام المرأة هو
رغبتها في الدين.
وعليه فإنه لو كانت الفتاتان قد أكرهتا على العودة للمسيحية وترك الإسلام بعدما
دخلتا فيه ولو بقلبيهما فإنهما تكونان مؤمنتين، وأمر عقيدتها بينهما وبين ربهما،
وهو أعلم بهما من خلقه أجمعين وأرحم بهما من خلقه أجمعين، ويبقى إثمهما على من
أكرههما، وعلى من مكنوا المكرهين منهما بعدما أعلنتا أنهما مسلمتين.
10/2/1426
http://www.almoslim.net المصدر:
=============
(1/234)
(1/235)
الهياج النسوي العلماني
د. محمد يحيى
4 ربيع الأول1427هـ الموافق له 2 أبريل 2006م
كنت أطالع الصحيفة اليومية الكبرى في مصر وأمر عليها بسرعة إلى أن انتبهت إلى كثرة
الأخبار والموضوعات المطولة التي تتعلق من زاوية أو أخرى بما يطلق عليه شأن
المرأة.
وسرعان ما أدركت أنه لم يكن لي حق في الانتباه لأن هذه الظاهرة تتسم بها الجريدة
بشكل يومي، وتشاركها صحف أخرى، ويزيد عليها التليفزيون الرسمي أضعافاً مضاعفة إلى
حد أنه يمكن أن يطلق عليه تلفزيون المرأة بلا منافس، وبعد دقائق كنت أدير مؤشر
التليفزيون على قنوات فضائية فلفت نظري قناة إخبارية تابعة لبلد عربي كبير، فوجدت
تركيزاً عجيباً على العنصر النسائي، وأخبار المرأة، ومشاكل وقضايا المرأة، وحضور قسم
كبير من الضيوف من النساء، ولم يكن السبب في هذه الظاهرة النسائية شهر مارس وما
يعج به من أيام وأعياد واحتفالات للمرأة، وإنما كانت هذه ظاهرة مستمرة منذ فترة،
وبالطبع هناك أسباب مباشرة لهذا الحضور أو الهياج النسوي.
ففي الحالة المصرية يستشعر الإعلام منذ سنوات طويلة أن هناك توجهاً تغريبياً في
أعلى المستويات يلح على طرح ما يسمى بقضية المرأة، وفرضها بكل أبعادها على الساحة
العامة، تحقيقاً لأغراض متعددة منها ضمان الزعامة لشخصيات نسائية معينة، وتبريراً
لانشغالها بالسياسة، وصنع القرار دون أن يكون لها منصب أو وضع رسمي يرخص لهذا
النشاط الواسع الذي وصل إلى حد إصدار القرارات المهمة، وتوجيه كبار المسئولين،
وإصدار الأوامر إليهم.
ومن ناحية أخرى كان الاهتمام المبالغ فيه بل والهستيري بقضايا أو مسألة المرأة
وسيلة ذكية لإغراق الرأي العام وإلهائه عن قضايا أخرى حيوية تهم المجتمع ككل مثل:
قضايا الحرية السياسية، والسلطة، والأزمات الاقتصادية، والفساد المالي، والسيطرة
لفئات طفيلية أو للأجانب إلى آخره.
ومن الناحية الثالثة مثّل الاهتمام الجارف المفتعل بمسألة المرأة وسيلة للتقرب من
الدول الغربية صاحبة النفوذ والتي يهمها أن يسود التغريب في المجتمعات الإسلامية
كوسيلة لربط هذه المجتمعات بالغرب، باعتبارها مجتمعات متغربة معلمنة.
ومن هنا حرص البعض ممن يريدون التبعية للغرب حفاظاً على مواقعهم السلطوية على أن
يبرزوا هذه القضية المفتعلة بأسلوب مبالغ فيه كوسيلة لإعلام الغرب بحسن النية في
توجيه دفة البلاد إلى التوجهات التي يريدها الغرب.
ومن الناحية الرابعة كان طرح القضية أو المسألة النسائية بهذا الإغراق تعبيراً عن
سيطرة نخبة من العلمانيين التغريبيين على مجريات الأمور الثقافية والإعلامية
والاجتماعية في مصر، وطرحت هذه النخبة قضية المرأة كعنوان لها وشعار، ليس إيماناً
منها بتلك القضية أو بحقوق المرأة أو عناية بمشاكل النساء، بل باعتبارها المنفذ
والمبرر الذي يمكن استعماله لطرح العديد من القضايا التي تصب باتجاه العلمنة
والتغريب بكامل شئون المجتمع، فمن خلال الحديث عن قضايا المرأة مثلاً يصب الاهتمام
على إلغاء أحكام الأسرة في الشريعة الإسلامية لتحل محلها قوانين مستمدة من
الممارسات والقيم الغربية في هذا المجال، كما يمكن إسقاط القيم الإسلامية
الأخلاقية التي تحكم السلوك الشخصي والأسرة، وإحلال قيم علمانية ومتغربة محلها.
ومن خلال طروحات قضايا المرأة من المنظور النسوي وعبر مسائل النوع ومن خلال فلسفات
ما بعد الحداثة والتشكيكية يمكن تعريض أسس الدين نفسه والعقيدة والوحي ومفاهيم
الفطرة والطبيعة الإنسانية إلى الشكوك والشبهات بما يهز الثقة بالإيمان، ويفتح
الباب للانجراف أمام موجات تمتد من الإلحاد إلى الشذوذ والانحراف الجنسي، إلى
التحلل من التقاليد العريقة.
وهكذا فإن الإغراق المصطنع والمفروض للإعلام والساحة العامة بقضية أو قضايا
النسوية لا ينطلق من اعتبارات بريئة مثل: اللهفة على حل مشاكل النساء، ورفع
مستواهن الاجتماعي؛ بقدر ما ينطلق من حزمة من الاعتبارات تتراوح - كما قلت - من تملق
طروحات الزعامة عند بعض الشخصيات النسائية، إلى إعمال سياسات العلمنة والتغريب
والتبعية، وإلى تمكين نخب علمانية متغربة من السيطرة على مجريات الأمور في الساحة
العامة، وليس أدل على ذلك الشعور من أن تلك الطروحات تتسم بنبرة عنصرية استعلائية
ترى أن معالجة قضايا المرأة أياً كانت لا يمر إلا عبر قهر الرجال، وعبر تغيير صبغة
المجتمعات العربية من الإسلام إلى المذاهب الفكرية والقيمية الغربية.
(1/236)
فنحن لسنا أمام معالجة المشكلة أو قضية داخل إطار عقيدة وثقافة المجتمع العربي
المسلم، وإنما نحن أمام محاولة نسف إطار وعقيدة وثقافة هذا المجتمع وتدميرها،
وإحلال الثقافة الغربية محلها، وهذه المحاولة تستخدم قضية المرأة كذريعة ليس إلا
لتنفيذ هذا المشروع التغريبي العلماني الكبير، وإلا.. فأين الاهتمام عندما تعرضت
سيدات عاملات ومثقفات لاعتداءات أمنية من بلطجية تابعين للحزب الحاكم خلال
الانتخابات المصرية على مدى العام الماضي، وأين الاهتمام بالمرأة عندما تعرضت
الآلاف أو عشرات الآلاف من النساء المصريات إلى عسف السياسات الحكومية التي حكمت
عشوائياً بالقضاء على التربية المنزلية للدواجن التي كن يعتمدن عليها، كما قضت على
صناعة الدواجن التي كان لهن نصيب كبير فيها، وليس أدل على هذا الدافع الخبيث وراء
الطروحات المبالغ فيها لقضية المرأة من تلك القناة الإخبارية الفضائية التي جعلت
جل اهتمامها بالمرأة لا لشيء إلا لأن البلد الذي تتبعه يتعرض للابتزاز الغربي
الوقح من جانب تلك القضية من خلال شبهات تثار حول وضع المرأة هناك، وبدلاً من الرد
على هذا الابتزاز بما يستحقه من الإهمال أو التوضيح الموضوعي لحقيقة مواقف الإسلام
من هذه الشبهات جاء الرد غير الموفق من خلال أسلوب بدائي يظن أن مجرد غمر مساحة
البرامج بالنساء هو خير معالجة لتلك الشبهات، رغم أن أي شخص يمكن أن يرد بأن الأمر
كله مصطنع، ولذلك فهو لا يمثل معالجة حقيقية للاتهامات بتحقير شأن المرأة، لكن
الأهم من هذا هو أن أسلوب الرضوخ للضغوط، ومحاولة الدفاع الساذج عن الذات بهذه
الطريقة تدل على تغلغل اتجاه التبعية، والإحساس بالدونية أمام الغرب.
وهنا نجد دليلاً آخر على عدم صدق الطروحات المسرفة لقضية المرأة، وتحول هذه
الطروحات من معالجة قضايا ومشاكل النساء بواقعية، وفي إطار تعاليم الإسلام وعقيدة
المجتمع وثقافته؛ إلى أدوات وأساليب لتحقيق أغراض وسياسات أخرى.
http://www.islammemo.cc:المصدر
==============
(1/237)
(1/238)
ديمقراطية الحرباء الغربية !!
محمود كعوش
الخوض في موضوع الديمقراطية الغربية بشكل عام والأميركية بشكل خاص على خلفية
تطويعها لازدواجية المعايير تمثلاً بما هو حاصل مع موضوع السياسة الغربية بشكل عام
والأميركية بشكل خاص، وذلك عندما يتعلق الأمر بالمسلمين عامة والعرب خاصة، لا يعني
بحال من الأحوال التنكر لأهمية الديمقراطية وضرورة إرساء قواعدها في العالم
الإسلامي والوطن العربي.
فالمسلمون والعرب كانوا ولا زالوا يناضلون من أجل ردم الهوة بينهم وبين حكامهم،
وتمهيد الأرضية الصالحة للديمقراطية وإشاعتها في بلدانهم.
لكنهم يسعون وراء ديمقراطية تتواءم مع واقع حالهم وتعاليم دياناتهم وعاداتهم
وتقاليدهم لا وراء ديمقراطية مستوردة من الغرب لم تعد هي بالأصل موجودة فيه أو
ديمقراطية تُفرض عليهم فرضاً وتكون وفق المقاييس الغربية بشكل عام والأميركية بشكل
خاص، ووفق ما تفترضه الاستراتيجية الأميركية - الإسرائيلية المشتركة. وعلى مدار
أكثر من أربعة أعوام أعقبت أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، تواترت التصريحات الشفهية
والخطية وما تزال تتواتر في وسائل الإعلام الغربية المرئية والمسموعة والمكتوبة،
الصادرة عن كبار المسؤولين الغربيين وبالذات الأميركيين بدءاً بالرئيس جورج دبليو
بوش وانتهاءً بأصغر موظفٍ في الخارجية والبنتاغون حول إصرار وعزم الولايات المتحدة
الأميركية على فَرْض "ديمقراطيتها" على المسلمين بشكل عام والعرب بشكل
خاص.
وأستذكر في هذا المقام ما جاء في مقالة لوزير الخارجية الأميركي السابق كولن باول
نشرتها له صحيفة "نيويورك تايمز" في عددها الذي استقبلت به الفاتح من
العام الميلادي 2004، لأن ما جاء في المقالة صور ذلك الوضع بشكل واضح لا لبس فيه.
قال باول يومها: "إن جهودنا في أفغانستان ستستمر في عام 2004، فإننا عاقدو
العزم أيضاً على تحويل هدف الرئيس "جورج دبليو بوش" الخاص بشرق أوسط حر
وديمقراطي إلى حقيقة واقعة. سنقوم بتوسيع مبادرة الشراكة الأميركية - الشرق أوسطية
لتشجيع الإصلاح السياسي والاقتصادي والتعليمي في جميع أنحاء المنطقة، كما أننا
سنقف إلى جانب الشعب الإيراني وغيره من الشعوب التي تعيش في ظل أنظمة مستبدة أثناء
نضالها في سبيل الحرية".
وأضاف باول: "لقد شعرت إيران بضغطنا وضغط حلفائنا المتواصل عليها للكشف
تماماً عن برنامج أسلحتها النووي، وقد بدأت القيام بذلك.
كما نبذت ليبيا الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل بفضل استراتيجية الرئيس بوش القوية
في مكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل".
لم يُشر وزير الخارجية الأميركي السابق حينذاك إلى أسلحة الدمار الشامل
الإسرائيلية بالطبع مثله مثل جميع السياسيين الأميركيين وعلى رأسهم جورج دبليو
بوش.
و كان هذا غيض من فيض ما جاء في مقالة كولن باول "العتيدة" قبل عامين.
لكن ما تلاها من مقالات خطها باول بقلمه حول الديمقراطية الأميركية
"الموعودة" وما أعقبها بقلم خليفته كونداليزا رايس كان أدهى وأمر!!
وتوارى عام 2004 ثم توارى بعده عام 2005 وولجنا الشهر الأول من عام 2006 ولم يتحقق
شيء من "ديمقراطية" الولايات المتحدة "الموعودة"!!
11 سبتمبر/ أيلول 2001
منذ 11 سبتمبر/ أيلول 2001 والحديث المتواتر بعصبية وتوتر عن الأصولية الإسلامية
والإرهاب العربي يتوازى مع الحديث عن "محاسن ومزايا" الديمقراطية
الغربية وضرورة إرساء دعائمها في الشرق الأوسط عامة والوطن العربي خاصة، إن لم يكن
بالترغيب فبالترهيب. ويوماً بعد آخر بدأت وتيرة هذا الحديث تتصاعد أكثر فأكثر.
ومنذ ذلك التاريخ، تحوّلت الديمقراطية إلى سلاح تُشهره الولايات المتحدة الأميركية
بشكل خاص وبلدان الغرب بشكل عام في وجه أي بلدٍ إسلامي أو عربي لا ينصاع للإرادة
الأميركية ـ الغربية المشتركة، ولا يستجيب لمتطلبات الاستراتيجية الأميركية -
الإسرائيلية ومشروعها الاستعماري التوسعي في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك الوطن
العربي بالطبع. والحقيقة أن هذه الديمقراطية قد عفا عنها الزمن وأصبحت أثراً بعد
عين، أكان ذلك في الولايات المتحدة الأميركية أو في العديد من بلدان الغرب.
وهنا قد يجوز لي استثناء اسكندنافيا بشكل عام والدنمارك بشكل خاص... وربما فرنسا
إلى حد ما. وهذه الديمقراطية لم تعد سوى شعارٍ أو يافطة للمشروع الاستعماري
التوسعي، لإعطائه "المشروعية" وإضفاء الصبغة الواقعية عليه، وبالأخص
فيما يتعلق منه بمنطقة الشرق الأوسط، وعلى أخص الخصوص الوطن العربي.
وكما أن السياسة الأميركية خاصة والغربية عامة تكيل بمكيالين عندما يتصل الأمر
بالشرق الأوسط وبالأخص بالوطن العربي، فإن الحال هو كذلك مع الديمقراطية التي
أصبحت ظرفية وتتلوّن وفق الظروف والأهواء والمصالح ومتطلبات السياسة.
غُيبت الديمقراطية مع تحول العالم إلى أحادية القطبية
(1/239)
غُيبت الديمقراطية مع تغييب الأمم المتحدة ومجلس أمنها لتمرير العدوان
الأميركي - البريطاني على العراق في عام 2003، لا بل غُيبت قبل ذلك بكثير وربما مع
سقوط جدار برلين وتفكك الإتحاد السوفياتي في نهاية عقد الثمانينات وبداية عقد
التسعينات في القرن الماضي.
ولم يتبق من هذه الديمقراطية إلا الشعار واليافطة كما أسلفت الذكر لرفعهما بين
الحين والآخر خدمة لمصلحة المشروع الأميركي - الإسرائيلي الاستعماري التوسعي.
نعم غُيبت الديمقراطية في الولايات المتحدة الأميركية والعديد من بلدان الغرب
وأدخلت غرفة العناية الفائقة "الإنعاش" مع تحول العالم إلى أحادية
القطبية.
غُيبت قبل 11 سبتمبر/أيلول 2001، فكيف الحال مع هذه الديمقراطية بعد ذلك التاريخ؟
فالحرب على العراق التي شُنّت في عام 1991 وبعدها حرب البوسنة والهرسك
"سراييفو" وحرب يوغسلافيا وأفغانستان واحتلالها وحرب العراق واحتلاله
أخيراً مثلت شواهد حية للديمقراطية الغربية قبل وبعد 11 سبتمبر/أيلول 2001. أما ما
يجري من استهداف للمسلمين والعرب في الولايات المتحدة بصورة خاصة والعالم بما فيه
الغرب بصورة عامة، وهو ما اعترف وأقر به الأمين العام للمنظمة الأممية المُغيبة
كوفي أنان، لهو شاهد آخر على الديمقراطية الغربية "وفضائلها ومحاسنها
وحسناتها"!! ولعلّ ما هو حاصل من صَمتٍ مُطبقٍ تجاه التقتيل والحصار والتجويع
والإذلال للإنسان والفتك بالشجر والحجر في الأراضي الفلسطينية المحتلة والعراق ما
هو إلا شاهد الشواهد على هذه الديمقراطية المزيفة. ولا ننسى الديمقراطية الغربية
المطبقة في معكسر غوانتانامو منذ احتلال أفغانستان عام 2002.
إنها الديمقراطية الغربية عامة والأميركية خاصة التي يريدون تصديرها إلى العالم
الإسلامي والوطن العربي... لا بل هي الديمقراطية التي يريدون فرضها عليهما قصراً
بالعصا بدون جزرة وبالترهيب بلا ترغيب.
ولا شك أن "الديمقراطية" الإسرائيلية المولودة أصلاً من ضلع الديمقراطية
الغربية، لا تقل عنها "سذاجة وسخافة" من حيث "الفضائل والمحاسن
والحسنات"!
إن لم تذق "كرابيج" الديمقراطية الغربية، فلا بد أن تذوقها يوماً ما...
صديقي ذاقها اسأله عنها يجيبك!
قبل خمسة عشر عاماً قُدِرَ لصديقٍ عزيز أن يتذوق "كرابيج" الديمقراطية
الغربية لثمان وأربعين ساعة كاملة، ولا يزال طعمها تحت أسنانه، لا بل ما زال يدفع
ثمن تلك الكرابيج حتى يومنا هذا. وهي إذا ما قيست بـ"كرابيج"
الديمقراطية الغربية التي تذوقها مسلمون وعرب آخرون لا تُحصى أعدادهم منذ 11
سبتمبر/ أيلول 2001 حتى اليوم، فلا تشكل "إبرة في كومة من قش" حسب تعبير
لوزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد استعمله مراراً وتكراراً قبل تمكن قوات
الإحتلال الأميركية من أسر الرئيس صدام حسين في ديسمبر/ كانون الأول 2003. نعم،
صديقي تذوقها قبل ذلك بكثير... تذوّقها قبل خمسة عشر عاماً كما أسلفت الذكر، وكان
ذلك في واحدة من "ديمقراطيات" الغرب، بل في أُم الديمقراطيات الغربية
كما يحلو للغربيين عامة والإغريق خاصة أن يطلقوا عليها. كانت ديمقراطية أبعد ما
تكون عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ومواثيقها واتفاقياتها وفي مقدمها اتفاقية جنيف
"حسنة الصيت والسمعة"... تلك الاتفاقية التي ربّما تُطبق على الجميع ما
عدا العرب. تذوّقها صديقي وتذوّقها معه عشرات ألوف بل مئات ألوف العرب في البلدان
الغربية.
كان ذلك في يناير/ كانون الثاني 1991، وتحديداً في الثامن عشر منه بعد ساعات قليلة
من قيام جيش الرئيس صدام حسين بتوجيه صواريخه إلى تل أبيب رداً على بدء العدوان
الثلاثيني على العراق بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، ذلك العدوان الذي حلا
لواشنطن أن تُطلق عليه تسمية "عاصفة الصحراء" والذي وقع بذريعة (احتلال
الكويت وضرورة تحريرها) على حد زعم الولايات المتحدة وشركاؤها في العدوان. في ذلك
الوقت كان صديقي واحداً ممن راعهم ما حدث لألف اعتبار واعتبار، أبرزها خوفه على
العراق في الإطار القطري والوطن العربي في الإطار القومي الأوسع والأشمل. لقد كانت
الكويت هي الذريعة والمبرر، ولو لم تكن لأوجدت الولايات المتحدة وحلفاؤها ألف
ذريعة وألف مبرر غيرها!! كان صديقي في حينه يكتب لإحدى الصحف العربية الكبرى،
وكانت الصحيفة من أبرز الصحف المعارضة للاحتلال وصدام حسين مع أنها كانت تُطلق على
الأخير لقب "فارس العرب" إبان حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران.
ديمقراطية المخابرات والاستخبارات وغرف العمليات الأمنية المشتركة
(1/240)
خمسة أشهر وبضعة أيام كانت قد مرّت على ضم الكويت للعراق باعتبار أنها الفرع
الذي عاد للأصل، قضاها صديقي في تدوين أرقام لوحات سيارات جهاز المخابرات في ذلك
البلد الغربي "الديمقراطي" التي كانت تتابعه أربعاً وعشرين ساعة في
اليوم، ومحاولة التملّص من رجال الاستخبارات الدوليين الذين ظهروا علي سطح الأحداث
فجأة ومن دون إنذار مبكر ونشطوا تحت أسماء ومسمياتٍ مختلفة ومزيفة. فمنهم من كان يقدم
نفسه ككاتب أو باحث يسعى وراء دراسة تختص بمنطقة الشرق الأوسط أو الوطن العربي،
وآخر كان يقدم نفسه على أنه صحافي جديد يسعى وراء المساعدة، وثالث كان يدعي أنه
رجل أعمال وافد يسعى وراء الإعلان لأعماله ومشاريعه في الصحيفة التي كان صديقي
يعمل بها. رجال مخابرات البلد الغربي "الديمقراطي" كانوا يطاردون صديقي
متجنبين الاحتكاك المباشر به. كان جل اهتمامهم أن يضعوه تحت ضغط نفسي ثقيل ومكثف
فقط. هكذا كانت الأوامر والتعليمات لهم. والوافدون الجدد من رجال الاستخبارات
الدوليين ذو المهن المتعددة والمزيفة كانوا يبالغون ويفرطون في دعواتهم لصديقي،
ربما ليظل تحت عيونهم وأبصارهم. في حينه تأكد لصديقي أنه مقبل على ما لا تُحمد
عقباه "ولربما على أيام سوداء"، إذا ما "وقعت الواقعة" وشنت
الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها الحرب على العراق، لا لأنه كان متعاطفاً مع العراق
ومؤيداً له، ولا لأن البلد الغربي "الديمقراطي" كان يملك من المبررات ما
يعطيه حق اعتقاله أو ترحيله، إنما لأن إحدى السفارات العربية التي كانت ممثلة في
غرفة العمليات الأمنية التي تشكلت في عاصمة ذلك البلد على غرار مثيلاتها في
العواصم الغربية الأخرى بذريعة مواجهة "الأخطار المحدقة" كانت قد خاطبت
وزارة الأمن في تلك العاصمة وطلبت منها ملاحقة ومتابعة صديقي وإذا اقتضى الحال
ترحيله على أول طائرة (بغض النظر عن الجهة التي يرّحل إليها). المخاطبة تمت عبِرَ
كتاب دبلوماسي. لكن صديقي وإن أخذ الأمر على محمل الجد وتهيأ لتبعاته سلفاً، إلا
أنه ظل كغيره يراهن حتى اللحظة الأخيرة على حكمة القيادة العراقية واحتمال انسحاب
الجيش العراقي من الكويت طوعاً وسحب الذرائع من أيدي الولايات المتحدة الأميركية
وجميع البلدان الغربية المتربصة شراً بالعراق خاصةً والأمة العربية عامة... وهنا
لا أستثنى تربص إسرائيل بالطبع. لكن حتى ذلك لم يفد، لأن الولايات المتحدة
وحلفائها كانوا قد اتخذوا قرار العدوان من قبل.
اليونان كانت البلد الغربي "الديمقراطي" المقصود
البلد الغربي في بيت القصيد هنا كانت اليونان، وقد سبق أن ألمحت إليهاً في سياق
الإشارة إلى الإغريق وأم الديمقراطيات الغربية.
(1/241)
نعم كانت اليونان حيث كان صديقي يقيم مع عائلته في عاصمتها، وكان يعمل في
الحقل الإعلامي كما أسلفت الذكر أيضا ً. وكانت الصحيفة العربية التي أشرت إليها
سابقاً من بين وسائل الإعلام التي كان يراسلها، وهي كانت وما زالت تتخذ من عاصمة
الضباب وصاحبة الجلالة مقراً لها. كان صديقي في حينه يعتبر اليونان واحدة من بلدان
العالم الثالث عشر لما للديمقراطية فيها من "قدسية!! " ندر وجودها في
بلدان ديمقراطية حقيقية مثل البلدان الإسكندنافية!! وقد عبّر عن ذلك في عديد
مقالاته. كانت الحكومة اليونانية منزعجة من صديقي لأنه لطالما عَبّرَ عن اهتمامٍ
إعلامي خاص بشؤون المسلمين في منطقة "تراقيا" شمال اليونان بمحاذاة
الحدود مع تركيا. وعبّر عن ذلك في مقالاته أيضاَ، كما وأقام علاقات وصلات طيبة مع
تلك الأقلية اليونانية ومع ممثليها في البرلمان... وكانوا لا حول لهم ولا قوة لأن
الإعلام المحلي والدولي اعتاد متعمداً تجاهلهم وتجاهل أقليتهم، وكذلك الدبلوماسيون
المسلمون والعرب. وكان رأس الدبلوماسية في السفارة العربية المقصودة منزعجاً من
صديقي أيضاً مثله مثل الحكومة اليونانية، لكن لسبب أو أسباب أخرى أقلها أنه كان
يبدي حضوراً ديناميكيا في الندوات السياسية العامة والخاصة التي اعتاد حضورها كبار
السياسيين اليونانيين بمن فيهم رئيس الحكومة لم يكن ليتوفر عند رأس الدبلوماسية
المقصود وأقرانه من الدبلوماسيين وبالأخص العرب منهم. فقد امتاز صديقي بجرأة وطنية
وقومية كانوا يفتقدونها، وكانت تخوله مماحكة أولئك السياسيين ورئيس حكومتهم
ومحاورتهم بحدة وحتى انتقادهم شفهياً وفي مقالاته لأن اليونان في ذلك الوقت كانت
قد شرعت في مغازلة إسرائيل وبدأت تتخلى تدريجياً عن موقعها ودورها كجسر للعلاقات
الطيبة بين الغرب والعرب. في حينه وصل اليمين اليوناني "حزب الديمقراطية الجديدة"
بزعامة قسطنطين ميتسوتاكيس الى السلطة بعد هزيمة انتخابية أنزلها باليسار
الاشتراكي "حزب الباسوك" وزعيمه التاريخي أندرياس باباندريو، وانحرف
بالسياسة اليونانية الخارجية "180 درجة" معاكسة للنهج الباسوكي الداعم
للعرب والقضية الفلسطينية. وفي حينه اعترف اليمين اليوناني بإسرائيل لأول مرة منذ
عام 1948. وكانت الحكومة اليونانية منزعجة من مواقف صديقي بهذا الخصوص أيضاً.
الحكومة اليونانية لم تستطيع ترحيله وإن تمكنت من ملاحقته ومتابعته. لم تستطع
ترحيله لأن حصانته الصحفية كانت تمنعها من ذلك، ورأس الدبلوماسية لم يستطع هو
الآخر أن يُحقق مطلبه لأن صديقي كان يتمتّع بحصانة لا تقل قوة عن حصانته.
تجدر الإشارة إلى أنه وعلى ضوء احتلال الكويت وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين
اليونان وإسرائيل انعقد في أثينا مؤتمر دولي سري تحت عنوان "مواجهة الأصولية
القادمة من الشمال"، رعته وكالة الاستخبارات الأميركية "C.I.A" وأشرف عليه إحدى محطات التلفزة اليونانية وتدعى Antena. ورأس المؤتمر وسيط السلام الأميركي المغفور له فيليب حبيب. صديقي
كان الصحافي الشرق أوسطي الوحيد المشارك في ذلك المؤتمر بحكم علاقاته مع أحد كبار
العاملين في محطة التلفزة المذكورة، وكان الشاهد العربي الوحيد على مشاركة عدد من
السياسيين الدوليين والعرب والإسرائيليين السابقين في ذلك المؤتمر. وكان رأس
الدبلوماسية في السفارة العربية المقصودة نجماً من نجوم ذلك المؤتمر. وقد تصدر
الطاولة الرئيسية أثناء العشاء الختامي للمؤتمر إلى جانب فيليب حبيب والسفير
الأميركي والوفد الإسرائيلي. وكان صديقي أيضاً شاهداً على جلسته
"الشاعرية" التي لم يحسده عليها أحد من الدبلوماسيين العرب والمسلمين
الذين لبّوا دعوة العشاء، وهو ما زاد في انزعاج سعادته من صديقي أكثر فأكثر. ذلك
المؤتمر مثّل "بالطبع!! " وجهاً من وجوه "الديمقراطية"
الغربية!!
الرئيس بوش الأب اتخذ قرار الحرب وأعلن عن ساعة الصفر،
فكشرت الديمقراطية الغربية عن أنيابها
(1/242)
مع اتخاذ الرئيس الأميركي في حينه جورج بوش الأب قرار العدوان على العراق
وتحديد ساعة الصفر، أعلنت حالة الطوارئ القصوى في الولايات المتحدة الأميركية
وبلدان الغرب... وبالطبع في اليونان. ومع اتخاذ القرار وتحديد ساعة الصفر، سقطت
الديمقراطية الغربية، بل غُيبت، وسقطت وغُيبت معها جميع حقوق الإنسان وبالذات
الإنسان العربي، واتفاقيات هذه الحقوق بما فيها اتفاقية جنيف. ولم يعد هناك من قيمةٍ
تُذكر لجميع الحصانات، الصحفية منها والدبلوماسية. نعم سقطت الحصانات جميعها. وكما
كان مفترضاً أن يدفع العراق ورئيسه ونظامه ثمن التمرّد على الإرادة الغربية عامة
والأميركية خاصة وكذلك الإرادة الإسرائيلية، أصبح من واجب كل بلد أن يصفي حساباته
مع خصومه السياسيين الذين تجرأوا على توجيه الانتقاد والنقد له ولسياسته. وكانت
"الديمقراطية" الغربية هي الشعار واليافطة. والتقط ممثلو البلدان في
غرفة العمليات الأمنية في أثينا كغيرهم في الغرف المماثلة في العواصم الغربية
الأخرى الفرصة للإنتقام من خصومهم كذلك. ومع قرار العدوان وتحديد ساعة الصفر أُطلق
العنان لـ"الديمقراطية" الغربية لتصول وتجول.
كانت الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وإسرائيل وبلدان عربية إضافة
إلى البلد المُضيف ممثلين في غرفة العمليات الأمنية "حسنة الصيت
والسمعة" تلك. ومع القرار وساعة الصفر انتشر رجال مخابرات تلك البلدان على
عجلٍ سعياً وراء "خصومهم" من الشبان العرب لاصطيادهم والحصول على أوسمة
رفيعة من الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل وترقيات من بلدانهم. وكل ذلك جرى في
ظل "الديمقراطية" الغربية التي لطالما تغنت بها بلدان الغرب وسعى الرئيس
جورج بوش الأب وراء تطبيقها بل فرضها في الوطن العربي، كما يسعى الآن الرئيس جورج
بوش الإبن وراء تطبيقها وفرضها على الوطن العربي، لكن بأكثر حدة وصرامة... وحماقة.
فأيام الأب كان العالم ثنائي القطبية أما الآن وفي عهد الإبن فالقطبية واحدة
ومحصورة بالولايات المتحدة.
(1/243)
بدأت الحرب، وبدأت "الديمقراطية" الغربية معها تعبّر عن ذاتها
بشراسة ما بعدها شراسة مع فجر 17 يناير/ كانون الثاني 1991 بدأ العدوان وألقت
الطائرات الأميركية والغربية حِممها وجميع أنواع قنابلها فوق العراق وفي المنطقة
الحدودية مع الكويت، كما وجهت البوارج جميع أنواع صواريخها باتجاه العراق والمنطقة
الحدودية أيضاً، وتحوّلت منطقة الخليج إلى جحيم حقيقي أتى على الأخضر واليابس
والبشر والشجر والحجر. القنابل والصواريخ الأمريكية والغربية أتت على كل ما كان
يتحرك في العراق وعلى حدوده من الأهداف البشرية والآلية، بكل ما امتلك واختزن
أصحابها من حقد تجاه العراق والوطن العربي. أصبح العراق والمنطقة الحدودية مقبرة
مفتوحة للجثث المحترقة، كما أن الآليات العسكرية والمدنية تحولت إلى ركام من
المعادن المُحطمة والمحترقة. ومع بدء العدوان في فجر ذلك اليوم، استُنفرت غرفة
العمليات الأمنية في أثينا كما استُنفرت جميع غرف العمليات الأمنية في بلدان الغرب
"الديمقراطية... استنفرت بشراسة ما بعدها شراسة. ومع قصف تل أبيب بالصواريخ
العراقية مع صبيحة اليوم التالي، رفعت غرفة العمليات في أثينا مثلها مثل غرف
العمليات في العواصم الغربية الأخرى من درجة استنفارها إلى الحد الأقصى، وبدأ رجال
المخابرات في استدعاء... بل القبض على كل من أشَّرَ إليه أركان تلك الغرفة،
وبالأخص العرب. كان صديقي يتناول الغداء مع واحدٍ من رجال استخبارات البلد العربي
المُمثل في غرفة العمليات كان قد قَدَم نفسه له كرجل أعمال قادم من الولايات
المتحدة الأميركية ويريد الإعلان عن مشاريعه في الصحيفة العربية
"المذكورة" التي كان صديقي يراسلها. كان صديقي يتناول الغداء مع
"رجل الأعمال" الإستخباراتي بناءً لدعوة مبكرة وعاجلة على ما بدا حتى
يكون تحت عين الغرفة الأمنية وفي متناول أيدي الممثلين فيها. اتصل أبناء صديقي به
على عجل وأبلغوه بضرورة العودة إلى البيت لأمر عاجل وتعليمات من رجال المخابرات.
اعتذر من مُضيفه الإستخباراتي ليستقبله رجال المخابرات على الباب ويطلبوا منه
مرافقتهم مصحوباً بإقامته وجواز سفره بذريعة أن وزير الأمن ينتظره في الوزارة
لأمرٍ هام. كانت الوزارة تعُجُ بالعرب، وبالأخص الفلسطينيين، ممن أوقفتهم أجهزة
الأمن والطوارئ. قيلَ لصديقي أنه مهدد بالقتل وأن الوزارة بصدد حمايته والحفاظ على
سلامته. استضافوه في غرفة مزودة بهاتف لإجراء مكالماته الهاتفية، وكانت مفتوحة على
بهو يمتلئ بالموقوفين العرب وبالأخص الفلسطينيين ممن كانوا يقيمون في اليونان بحكم
أعمالهم أو دراساتهم الجامعية. أجواء من "الديمقراطية" المتناهية كانت
تُخيم على وزارة الأمن في ذلك اليوم الذي أعلن فيه رئيس الوزراء اليوناني في حينه
قسطنطين ميتسوتاكيس أنه "سيكنّس أثينا من العرب وينظفها منهم"... وهذا
تعبير غربي "ديمقراطي" أيضاً. ومع ساعات الليل الأخيرة ساقوا صديقي إلى
زنزانة مليئة بالموقوفين العرب معظمهم من الفلسطينيين، فأيقن عندها أنه سيكون
ضيفاً ثقيلاً على ديمقراطية اليونان وأن الآتي سيكون أعظم وأخطر. في حينه كانت
وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية تبث خبر اعتقال صديقي وقرار الحكومة
القاضي بترحيله، وفق ما علم فيما بعد. ظهر اليوم التالي وبدل أن يتمَ الإفراج عنه
حسبما قيل له، اقتادوه إلى سيارة تحمل لوحة من اللوحات التي كان قد دونها إبانَ
فترة متابعته بعد احتلال الكويت توجهت به إلى المطار مصحوبة بآلية مصفحة تابعة
للأمن اليوناني. أدخلوه مُدرج المطار عِبرَ بوابة جانبية لتحاشي الحشد الإعلامي
الذي كان ينتظره في بهو المطار. أدخلوه المدرج باتجاه طائرة كانت وجهتها ليبيا
التي لم يسبق له أن زارها برغم عديد الدعوات التي كانت توجه إليه أثناء احتفالات الفاتح
من سبتمبر/أيلول والتي لم يُلبِ واحدة منها. حاول التمنع وطلب تسفيرهُ إلى لبنان
أو الأردن أو يوغوسلافيا، فكان الرفض وتخييره بين الطائرة المتوجهة إلى ليبيا أو
طائرة "العال" الإسرائيلية التي كانت متوقفة على مسافة ليست ببعيدة.
كانوا يعنون ما قالوه له... لم يكن ذلك من باب التهديد والتخويف. في النهاية دفعوا
به دفعا بكل ما تحمله الديمقراطية الغربية من وحشية داخل الطائرة. نعم كان ذلك
الدفع من "آليات الديمقراطية" الغربية!! لم يُسمح لصديقي أن يودع عائلته
أو أن يمرّ على بيته للحصول على بعض الملابس والنقود أو كتابة توكيل لزوجته للتصرف
في ضرورات المنزل والعائلة "النقدية". دخل الطائرة بالملابس التي كان
يرتديها وفي جيبه آلاف الدراخمات التي لم يكن لها قيمة خارج اليونان لتعذر
استبدالها بعملات أخرى. هي "الديمقراطية" الغربية بعينها التي يريدون
تصديرها للوطن العربي أو فرضها بقوة الترهيب... "ديمقراطية إذلال الكرامة
والإرادة والروح عند الإنسان العربي... نصف ساعة أو أكثر قضاها صديقي في الطائرة
وحيداً قبل أن يتدافع الدبلوماسيون العراقيون وعائلاتهم إلى داخلها مرحلين أيضاً،
تنفيذاً لقرار دولي شمل جميع البعثات الدبلوماسية العراقية في العالم قضى بتخفيضها
إلى
حقوق الإنسان داخل مصر وخارجها، كما تساءل الكثيرون عما كان يجب أن يفعله المجلس
القومي للمرأة، وناشد المثقفون كافة المنظمات الأهلية ومنظمات حقوق الإنسان
المحلية والدولية التدخل لتحرير السيدة وفاء من الاعتقال الكنسي، ومنحها حرية
الحركة والتنقل والإشراف الطبي والاجتماعي والاتصال بالعالم الخارجي، كإنسانة،
وكمواطنة مصرية، وكذلك منحها حق اختيار السكن الذي تريد.
كما ناشد المثقفون الأجهزة الأمنية والقضائية تقديم المعلومات الصحيحة والمباشرة
إلى أجهزة الإعلام لتوضيح صورة الأحداث المماثلة قبل أن تستفحل؛ وناشدوا الشرفاء
والوطنيين من الأقباط أن يعلنوا صوتهم صريحا دفاعا عن حرية المواطنة "وفاء
قسطنطين" وحقوقها الإنسانية، وألا يخضعوا لمنطق التطرف والتعصب الديني،
مطالبين الدولة بتحقيق مبدأ الشفافية في هذه القضية بإتاحة الفرصة كاملة للصحافة
المصرية بالالتقاء بالسيدة وفاء والتعرف على حقيقة قضيتها والضغوط التي مورست
عليها ومن أي جهة كانت وحقيقة قناعاتها الدينية.
لا إكراه في الدين
(1/233)
وقد جاء القرآن الكريم صريحا وواضحا في بيان "حرية الاعتقاد"، قال -
تعالى -: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله
فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم)، وقال أيضا: (فمن شاء
فليؤمن ومن شاء فليكفر)، وقال - تعالى -: (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعاً
أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)، وقال - سبحانه -: (يأيها الذين آمنوا إذا
جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا
ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا... ).
وحول ما يردده البعض من أن القانون يفرض إجراءات معينة لإشهار إسلام القبطي أو
القبطية منها ضرورة أن تتاح له فرصة الخلوة برجل دين مسيحي ليعظه وينصحه، وأن
إشهار الإسلام لا يتم إلا بإعلان رجل الدين أن الطرف المعني مستمسك بالإسلام، قال
الفقيه الدستوري والمفكر الإسلامي الدكتور محمد سليم العوا: "هذا الكلام غير
صحيح، فهذه المسألة لا ينظمها قانون في مصر أصلاً، وإنما جرى بها العرف منذ زمن،
نافيا أن يكون في الإجراءات المتبعة في مصر، ولا في غيرها من بلاد الأرض قاطبة،
إجراء يتيح، أو يبيح، تسليم شخص أعلن إسلامه إلى أهل دينه السابق، مؤكدا أن هذا
التسليم في ميزان الإسلام "خطيئة غير جائزة".
وكانت صحفا مصرية قد نقلت تسريبات عن اللقاءات الأولى التي سمحت بها بالفعل
السلطات لوفد الكنيسة بالجلوس مع الزوجة، أكدت فيها أنها أسلمت منذ عامين وعن
قناعة ودون إكراه من أحد، وأنها تحفظ 17 جزءا من القرآن، وأنها تصلي بعينيها،
وتصوم رمضان سرا. ويشكل الأقباط، حسب الإحصائيات الرسمية في مصر، نحو 5. 3 % من
عدد السكان البالغ 76 مليون نسمة، أي نحو 4 ملايين نسمة.
وادعي قسيس بكنيسة أبي المطامير بمحافظة البحيرة أن السيد محمد المرجون زميل
السيدة وفاء قسطنطين قام باختطافها وأرغمها على إشهار إسلامها. وقال منظمة أقباط
الولايات المتحدة في موقعها على الإنترنت أنه "بعد الضغط الذي صنعه الأقباط المعتصمون
المتظاهرون في الكنيسة على الحكومة، سلمت مباحث أمن الدولة الفتاتين للآباء
الكهنة، وتم إرسالهما لأحد الأديرة، ولم يتم الإعلان عن اسم الدير، وهما الآن في
الدير مع والديهما".
يشار إلى أن امرأتين مسيحيتين في مدينة أبو المطامير أشهرتا إسلامهما خلال الأشهر
الستة الماضية، غير أن الكنيسة تتهم الشرطة المصرية بالتواطؤ ضد الأقباط، مدعية أن
ما يقوله الضباط في مركز أبو المطامير من أن المسيحيات يشهرن إسلامهن بمحض إرادتهن
كلام غير صحيح.
ويقول علماء: الأصل أن الإسلام لا يُكْره أحدا على الدخول فيه، كما أنه لا يكره أحدا
على البقاء فيه والاستمرار على اعتناقه وهو كاره، قال - تعالى -: " (لا إكراه
في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة
الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم) [البقرة: 256]. وقال أيضا: (فمن شاء فليؤمن
ومن شاء فليكفر) (جزء من الآية 29 من سورة الكهف). وقال أيضا: (ولو شاء ربك لآمن
من في الأرض جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) (سورة يونس الآية 99).
والثابت عند أهل العلم أنه لا يجوز للمسلمين ردّ المرأة التي جاءت إليهم مسلمة،
غير أنه يجب على الدولة المسلمة أن ترد إلى زوجها غير المسلم الذي بقي على دينه ما
دفعه لها من المهر وما في حكمه من بيت مال المسلمين، أو تلزم بهذا الرد من يتزوجها
من أهل الإسلام، لئلا يضار الزوج من أهل الدين الآخر في ماله لسبب لا شأن له به
ولا ويد له فيه.
وذلك امتثالا لقوله - تعالى - في سورة الممتحنة: «يأيها الذين آمنوا إذا جاءكم
المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن
إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا... » إلخ الآية
العاشرة من السورة. والمقصود بالامتحان هنا أن يتأكد أن سبب إسلام المرأة هو
رغبتها في الدين.
وعليه فإنه لو كانت الفتاتان قد أكرهتا على العودة للمسيحية وترك الإسلام بعدما
دخلتا فيه ولو بقلبيهما فإنهما تكونان مؤمنتين، وأمر عقيدتها بينهما وبين ربهما،
وهو أعلم بهما من خلقه أجمعين وأرحم بهما من خلقه أجمعين، ويبقى إثمهما على من
أكرههما، وعلى من مكنوا المكرهين منهما بعدما أعلنتا أنهما مسلمتين.
10/2/1426
http://www.almoslim.net المصدر:
=============
(1/234)
(1/235)
الهياج النسوي العلماني
د. محمد يحيى
4 ربيع الأول1427هـ الموافق له 2 أبريل 2006م
كنت أطالع الصحيفة اليومية الكبرى في مصر وأمر عليها بسرعة إلى أن انتبهت إلى كثرة
الأخبار والموضوعات المطولة التي تتعلق من زاوية أو أخرى بما يطلق عليه شأن
المرأة.
وسرعان ما أدركت أنه لم يكن لي حق في الانتباه لأن هذه الظاهرة تتسم بها الجريدة
بشكل يومي، وتشاركها صحف أخرى، ويزيد عليها التليفزيون الرسمي أضعافاً مضاعفة إلى
حد أنه يمكن أن يطلق عليه تلفزيون المرأة بلا منافس، وبعد دقائق كنت أدير مؤشر
التليفزيون على قنوات فضائية فلفت نظري قناة إخبارية تابعة لبلد عربي كبير، فوجدت
تركيزاً عجيباً على العنصر النسائي، وأخبار المرأة، ومشاكل وقضايا المرأة، وحضور قسم
كبير من الضيوف من النساء، ولم يكن السبب في هذه الظاهرة النسائية شهر مارس وما
يعج به من أيام وأعياد واحتفالات للمرأة، وإنما كانت هذه ظاهرة مستمرة منذ فترة،
وبالطبع هناك أسباب مباشرة لهذا الحضور أو الهياج النسوي.
ففي الحالة المصرية يستشعر الإعلام منذ سنوات طويلة أن هناك توجهاً تغريبياً في
أعلى المستويات يلح على طرح ما يسمى بقضية المرأة، وفرضها بكل أبعادها على الساحة
العامة، تحقيقاً لأغراض متعددة منها ضمان الزعامة لشخصيات نسائية معينة، وتبريراً
لانشغالها بالسياسة، وصنع القرار دون أن يكون لها منصب أو وضع رسمي يرخص لهذا
النشاط الواسع الذي وصل إلى حد إصدار القرارات المهمة، وتوجيه كبار المسئولين،
وإصدار الأوامر إليهم.
ومن ناحية أخرى كان الاهتمام المبالغ فيه بل والهستيري بقضايا أو مسألة المرأة
وسيلة ذكية لإغراق الرأي العام وإلهائه عن قضايا أخرى حيوية تهم المجتمع ككل مثل:
قضايا الحرية السياسية، والسلطة، والأزمات الاقتصادية، والفساد المالي، والسيطرة
لفئات طفيلية أو للأجانب إلى آخره.
ومن الناحية الثالثة مثّل الاهتمام الجارف المفتعل بمسألة المرأة وسيلة للتقرب من
الدول الغربية صاحبة النفوذ والتي يهمها أن يسود التغريب في المجتمعات الإسلامية
كوسيلة لربط هذه المجتمعات بالغرب، باعتبارها مجتمعات متغربة معلمنة.
ومن هنا حرص البعض ممن يريدون التبعية للغرب حفاظاً على مواقعهم السلطوية على أن
يبرزوا هذه القضية المفتعلة بأسلوب مبالغ فيه كوسيلة لإعلام الغرب بحسن النية في
توجيه دفة البلاد إلى التوجهات التي يريدها الغرب.
ومن الناحية الرابعة كان طرح القضية أو المسألة النسائية بهذا الإغراق تعبيراً عن
سيطرة نخبة من العلمانيين التغريبيين على مجريات الأمور الثقافية والإعلامية
والاجتماعية في مصر، وطرحت هذه النخبة قضية المرأة كعنوان لها وشعار، ليس إيماناً
منها بتلك القضية أو بحقوق المرأة أو عناية بمشاكل النساء، بل باعتبارها المنفذ
والمبرر الذي يمكن استعماله لطرح العديد من القضايا التي تصب باتجاه العلمنة
والتغريب بكامل شئون المجتمع، فمن خلال الحديث عن قضايا المرأة مثلاً يصب الاهتمام
على إلغاء أحكام الأسرة في الشريعة الإسلامية لتحل محلها قوانين مستمدة من
الممارسات والقيم الغربية في هذا المجال، كما يمكن إسقاط القيم الإسلامية
الأخلاقية التي تحكم السلوك الشخصي والأسرة، وإحلال قيم علمانية ومتغربة محلها.
ومن خلال طروحات قضايا المرأة من المنظور النسوي وعبر مسائل النوع ومن خلال فلسفات
ما بعد الحداثة والتشكيكية يمكن تعريض أسس الدين نفسه والعقيدة والوحي ومفاهيم
الفطرة والطبيعة الإنسانية إلى الشكوك والشبهات بما يهز الثقة بالإيمان، ويفتح
الباب للانجراف أمام موجات تمتد من الإلحاد إلى الشذوذ والانحراف الجنسي، إلى
التحلل من التقاليد العريقة.
وهكذا فإن الإغراق المصطنع والمفروض للإعلام والساحة العامة بقضية أو قضايا
النسوية لا ينطلق من اعتبارات بريئة مثل: اللهفة على حل مشاكل النساء، ورفع
مستواهن الاجتماعي؛ بقدر ما ينطلق من حزمة من الاعتبارات تتراوح - كما قلت - من تملق
طروحات الزعامة عند بعض الشخصيات النسائية، إلى إعمال سياسات العلمنة والتغريب
والتبعية، وإلى تمكين نخب علمانية متغربة من السيطرة على مجريات الأمور في الساحة
العامة، وليس أدل على ذلك الشعور من أن تلك الطروحات تتسم بنبرة عنصرية استعلائية
ترى أن معالجة قضايا المرأة أياً كانت لا يمر إلا عبر قهر الرجال، وعبر تغيير صبغة
المجتمعات العربية من الإسلام إلى المذاهب الفكرية والقيمية الغربية.
(1/236)
فنحن لسنا أمام معالجة المشكلة أو قضية داخل إطار عقيدة وثقافة المجتمع العربي
المسلم، وإنما نحن أمام محاولة نسف إطار وعقيدة وثقافة هذا المجتمع وتدميرها،
وإحلال الثقافة الغربية محلها، وهذه المحاولة تستخدم قضية المرأة كذريعة ليس إلا
لتنفيذ هذا المشروع التغريبي العلماني الكبير، وإلا.. فأين الاهتمام عندما تعرضت
سيدات عاملات ومثقفات لاعتداءات أمنية من بلطجية تابعين للحزب الحاكم خلال
الانتخابات المصرية على مدى العام الماضي، وأين الاهتمام بالمرأة عندما تعرضت
الآلاف أو عشرات الآلاف من النساء المصريات إلى عسف السياسات الحكومية التي حكمت
عشوائياً بالقضاء على التربية المنزلية للدواجن التي كن يعتمدن عليها، كما قضت على
صناعة الدواجن التي كان لهن نصيب كبير فيها، وليس أدل على هذا الدافع الخبيث وراء
الطروحات المبالغ فيها لقضية المرأة من تلك القناة الإخبارية الفضائية التي جعلت
جل اهتمامها بالمرأة لا لشيء إلا لأن البلد الذي تتبعه يتعرض للابتزاز الغربي
الوقح من جانب تلك القضية من خلال شبهات تثار حول وضع المرأة هناك، وبدلاً من الرد
على هذا الابتزاز بما يستحقه من الإهمال أو التوضيح الموضوعي لحقيقة مواقف الإسلام
من هذه الشبهات جاء الرد غير الموفق من خلال أسلوب بدائي يظن أن مجرد غمر مساحة
البرامج بالنساء هو خير معالجة لتلك الشبهات، رغم أن أي شخص يمكن أن يرد بأن الأمر
كله مصطنع، ولذلك فهو لا يمثل معالجة حقيقية للاتهامات بتحقير شأن المرأة، لكن
الأهم من هذا هو أن أسلوب الرضوخ للضغوط، ومحاولة الدفاع الساذج عن الذات بهذه
الطريقة تدل على تغلغل اتجاه التبعية، والإحساس بالدونية أمام الغرب.
وهنا نجد دليلاً آخر على عدم صدق الطروحات المسرفة لقضية المرأة، وتحول هذه
الطروحات من معالجة قضايا ومشاكل النساء بواقعية، وفي إطار تعاليم الإسلام وعقيدة
المجتمع وثقافته؛ إلى أدوات وأساليب لتحقيق أغراض وسياسات أخرى.
http://www.islammemo.cc:المصدر
==============
(1/237)
(1/238)
ديمقراطية الحرباء الغربية !!
محمود كعوش
الخوض في موضوع الديمقراطية الغربية بشكل عام والأميركية بشكل خاص على خلفية
تطويعها لازدواجية المعايير تمثلاً بما هو حاصل مع موضوع السياسة الغربية بشكل عام
والأميركية بشكل خاص، وذلك عندما يتعلق الأمر بالمسلمين عامة والعرب خاصة، لا يعني
بحال من الأحوال التنكر لأهمية الديمقراطية وضرورة إرساء قواعدها في العالم
الإسلامي والوطن العربي.
فالمسلمون والعرب كانوا ولا زالوا يناضلون من أجل ردم الهوة بينهم وبين حكامهم،
وتمهيد الأرضية الصالحة للديمقراطية وإشاعتها في بلدانهم.
لكنهم يسعون وراء ديمقراطية تتواءم مع واقع حالهم وتعاليم دياناتهم وعاداتهم
وتقاليدهم لا وراء ديمقراطية مستوردة من الغرب لم تعد هي بالأصل موجودة فيه أو
ديمقراطية تُفرض عليهم فرضاً وتكون وفق المقاييس الغربية بشكل عام والأميركية بشكل
خاص، ووفق ما تفترضه الاستراتيجية الأميركية - الإسرائيلية المشتركة. وعلى مدار
أكثر من أربعة أعوام أعقبت أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، تواترت التصريحات الشفهية
والخطية وما تزال تتواتر في وسائل الإعلام الغربية المرئية والمسموعة والمكتوبة،
الصادرة عن كبار المسؤولين الغربيين وبالذات الأميركيين بدءاً بالرئيس جورج دبليو
بوش وانتهاءً بأصغر موظفٍ في الخارجية والبنتاغون حول إصرار وعزم الولايات المتحدة
الأميركية على فَرْض "ديمقراطيتها" على المسلمين بشكل عام والعرب بشكل
خاص.
وأستذكر في هذا المقام ما جاء في مقالة لوزير الخارجية الأميركي السابق كولن باول
نشرتها له صحيفة "نيويورك تايمز" في عددها الذي استقبلت به الفاتح من
العام الميلادي 2004، لأن ما جاء في المقالة صور ذلك الوضع بشكل واضح لا لبس فيه.
قال باول يومها: "إن جهودنا في أفغانستان ستستمر في عام 2004، فإننا عاقدو
العزم أيضاً على تحويل هدف الرئيس "جورج دبليو بوش" الخاص بشرق أوسط حر
وديمقراطي إلى حقيقة واقعة. سنقوم بتوسيع مبادرة الشراكة الأميركية - الشرق أوسطية
لتشجيع الإصلاح السياسي والاقتصادي والتعليمي في جميع أنحاء المنطقة، كما أننا
سنقف إلى جانب الشعب الإيراني وغيره من الشعوب التي تعيش في ظل أنظمة مستبدة أثناء
نضالها في سبيل الحرية".
وأضاف باول: "لقد شعرت إيران بضغطنا وضغط حلفائنا المتواصل عليها للكشف
تماماً عن برنامج أسلحتها النووي، وقد بدأت القيام بذلك.
كما نبذت ليبيا الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل بفضل استراتيجية الرئيس بوش القوية
في مكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل".
لم يُشر وزير الخارجية الأميركي السابق حينذاك إلى أسلحة الدمار الشامل
الإسرائيلية بالطبع مثله مثل جميع السياسيين الأميركيين وعلى رأسهم جورج دبليو
بوش.
و كان هذا غيض من فيض ما جاء في مقالة كولن باول "العتيدة" قبل عامين.
لكن ما تلاها من مقالات خطها باول بقلمه حول الديمقراطية الأميركية
"الموعودة" وما أعقبها بقلم خليفته كونداليزا رايس كان أدهى وأمر!!
وتوارى عام 2004 ثم توارى بعده عام 2005 وولجنا الشهر الأول من عام 2006 ولم يتحقق
شيء من "ديمقراطية" الولايات المتحدة "الموعودة"!!
11 سبتمبر/ أيلول 2001
منذ 11 سبتمبر/ أيلول 2001 والحديث المتواتر بعصبية وتوتر عن الأصولية الإسلامية
والإرهاب العربي يتوازى مع الحديث عن "محاسن ومزايا" الديمقراطية
الغربية وضرورة إرساء دعائمها في الشرق الأوسط عامة والوطن العربي خاصة، إن لم يكن
بالترغيب فبالترهيب. ويوماً بعد آخر بدأت وتيرة هذا الحديث تتصاعد أكثر فأكثر.
ومنذ ذلك التاريخ، تحوّلت الديمقراطية إلى سلاح تُشهره الولايات المتحدة الأميركية
بشكل خاص وبلدان الغرب بشكل عام في وجه أي بلدٍ إسلامي أو عربي لا ينصاع للإرادة
الأميركية ـ الغربية المشتركة، ولا يستجيب لمتطلبات الاستراتيجية الأميركية -
الإسرائيلية ومشروعها الاستعماري التوسعي في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك الوطن
العربي بالطبع. والحقيقة أن هذه الديمقراطية قد عفا عنها الزمن وأصبحت أثراً بعد
عين، أكان ذلك في الولايات المتحدة الأميركية أو في العديد من بلدان الغرب.
وهنا قد يجوز لي استثناء اسكندنافيا بشكل عام والدنمارك بشكل خاص... وربما فرنسا
إلى حد ما. وهذه الديمقراطية لم تعد سوى شعارٍ أو يافطة للمشروع الاستعماري
التوسعي، لإعطائه "المشروعية" وإضفاء الصبغة الواقعية عليه، وبالأخص
فيما يتعلق منه بمنطقة الشرق الأوسط، وعلى أخص الخصوص الوطن العربي.
وكما أن السياسة الأميركية خاصة والغربية عامة تكيل بمكيالين عندما يتصل الأمر
بالشرق الأوسط وبالأخص بالوطن العربي، فإن الحال هو كذلك مع الديمقراطية التي
أصبحت ظرفية وتتلوّن وفق الظروف والأهواء والمصالح ومتطلبات السياسة.
غُيبت الديمقراطية مع تحول العالم إلى أحادية القطبية
(1/239)
غُيبت الديمقراطية مع تغييب الأمم المتحدة ومجلس أمنها لتمرير العدوان
الأميركي - البريطاني على العراق في عام 2003، لا بل غُيبت قبل ذلك بكثير وربما مع
سقوط جدار برلين وتفكك الإتحاد السوفياتي في نهاية عقد الثمانينات وبداية عقد
التسعينات في القرن الماضي.
ولم يتبق من هذه الديمقراطية إلا الشعار واليافطة كما أسلفت الذكر لرفعهما بين
الحين والآخر خدمة لمصلحة المشروع الأميركي - الإسرائيلي الاستعماري التوسعي.
نعم غُيبت الديمقراطية في الولايات المتحدة الأميركية والعديد من بلدان الغرب
وأدخلت غرفة العناية الفائقة "الإنعاش" مع تحول العالم إلى أحادية
القطبية.
غُيبت قبل 11 سبتمبر/أيلول 2001، فكيف الحال مع هذه الديمقراطية بعد ذلك التاريخ؟
فالحرب على العراق التي شُنّت في عام 1991 وبعدها حرب البوسنة والهرسك
"سراييفو" وحرب يوغسلافيا وأفغانستان واحتلالها وحرب العراق واحتلاله
أخيراً مثلت شواهد حية للديمقراطية الغربية قبل وبعد 11 سبتمبر/أيلول 2001. أما ما
يجري من استهداف للمسلمين والعرب في الولايات المتحدة بصورة خاصة والعالم بما فيه
الغرب بصورة عامة، وهو ما اعترف وأقر به الأمين العام للمنظمة الأممية المُغيبة
كوفي أنان، لهو شاهد آخر على الديمقراطية الغربية "وفضائلها ومحاسنها
وحسناتها"!! ولعلّ ما هو حاصل من صَمتٍ مُطبقٍ تجاه التقتيل والحصار والتجويع
والإذلال للإنسان والفتك بالشجر والحجر في الأراضي الفلسطينية المحتلة والعراق ما
هو إلا شاهد الشواهد على هذه الديمقراطية المزيفة. ولا ننسى الديمقراطية الغربية
المطبقة في معكسر غوانتانامو منذ احتلال أفغانستان عام 2002.
إنها الديمقراطية الغربية عامة والأميركية خاصة التي يريدون تصديرها إلى العالم
الإسلامي والوطن العربي... لا بل هي الديمقراطية التي يريدون فرضها عليهما قصراً
بالعصا بدون جزرة وبالترهيب بلا ترغيب.
ولا شك أن "الديمقراطية" الإسرائيلية المولودة أصلاً من ضلع الديمقراطية
الغربية، لا تقل عنها "سذاجة وسخافة" من حيث "الفضائل والمحاسن
والحسنات"!
إن لم تذق "كرابيج" الديمقراطية الغربية، فلا بد أن تذوقها يوماً ما...
صديقي ذاقها اسأله عنها يجيبك!
قبل خمسة عشر عاماً قُدِرَ لصديقٍ عزيز أن يتذوق "كرابيج" الديمقراطية
الغربية لثمان وأربعين ساعة كاملة، ولا يزال طعمها تحت أسنانه، لا بل ما زال يدفع
ثمن تلك الكرابيج حتى يومنا هذا. وهي إذا ما قيست بـ"كرابيج"
الديمقراطية الغربية التي تذوقها مسلمون وعرب آخرون لا تُحصى أعدادهم منذ 11
سبتمبر/ أيلول 2001 حتى اليوم، فلا تشكل "إبرة في كومة من قش" حسب تعبير
لوزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد استعمله مراراً وتكراراً قبل تمكن قوات
الإحتلال الأميركية من أسر الرئيس صدام حسين في ديسمبر/ كانون الأول 2003. نعم،
صديقي تذوقها قبل ذلك بكثير... تذوّقها قبل خمسة عشر عاماً كما أسلفت الذكر، وكان
ذلك في واحدة من "ديمقراطيات" الغرب، بل في أُم الديمقراطيات الغربية
كما يحلو للغربيين عامة والإغريق خاصة أن يطلقوا عليها. كانت ديمقراطية أبعد ما
تكون عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ومواثيقها واتفاقياتها وفي مقدمها اتفاقية جنيف
"حسنة الصيت والسمعة"... تلك الاتفاقية التي ربّما تُطبق على الجميع ما
عدا العرب. تذوّقها صديقي وتذوّقها معه عشرات ألوف بل مئات ألوف العرب في البلدان
الغربية.
كان ذلك في يناير/ كانون الثاني 1991، وتحديداً في الثامن عشر منه بعد ساعات قليلة
من قيام جيش الرئيس صدام حسين بتوجيه صواريخه إلى تل أبيب رداً على بدء العدوان
الثلاثيني على العراق بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، ذلك العدوان الذي حلا
لواشنطن أن تُطلق عليه تسمية "عاصفة الصحراء" والذي وقع بذريعة (احتلال
الكويت وضرورة تحريرها) على حد زعم الولايات المتحدة وشركاؤها في العدوان. في ذلك
الوقت كان صديقي واحداً ممن راعهم ما حدث لألف اعتبار واعتبار، أبرزها خوفه على
العراق في الإطار القطري والوطن العربي في الإطار القومي الأوسع والأشمل. لقد كانت
الكويت هي الذريعة والمبرر، ولو لم تكن لأوجدت الولايات المتحدة وحلفاؤها ألف
ذريعة وألف مبرر غيرها!! كان صديقي في حينه يكتب لإحدى الصحف العربية الكبرى،
وكانت الصحيفة من أبرز الصحف المعارضة للاحتلال وصدام حسين مع أنها كانت تُطلق على
الأخير لقب "فارس العرب" إبان حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران.
ديمقراطية المخابرات والاستخبارات وغرف العمليات الأمنية المشتركة
(1/240)
خمسة أشهر وبضعة أيام كانت قد مرّت على ضم الكويت للعراق باعتبار أنها الفرع
الذي عاد للأصل، قضاها صديقي في تدوين أرقام لوحات سيارات جهاز المخابرات في ذلك
البلد الغربي "الديمقراطي" التي كانت تتابعه أربعاً وعشرين ساعة في
اليوم، ومحاولة التملّص من رجال الاستخبارات الدوليين الذين ظهروا علي سطح الأحداث
فجأة ومن دون إنذار مبكر ونشطوا تحت أسماء ومسمياتٍ مختلفة ومزيفة. فمنهم من كان يقدم
نفسه ككاتب أو باحث يسعى وراء دراسة تختص بمنطقة الشرق الأوسط أو الوطن العربي،
وآخر كان يقدم نفسه على أنه صحافي جديد يسعى وراء المساعدة، وثالث كان يدعي أنه
رجل أعمال وافد يسعى وراء الإعلان لأعماله ومشاريعه في الصحيفة التي كان صديقي
يعمل بها. رجال مخابرات البلد الغربي "الديمقراطي" كانوا يطاردون صديقي
متجنبين الاحتكاك المباشر به. كان جل اهتمامهم أن يضعوه تحت ضغط نفسي ثقيل ومكثف
فقط. هكذا كانت الأوامر والتعليمات لهم. والوافدون الجدد من رجال الاستخبارات
الدوليين ذو المهن المتعددة والمزيفة كانوا يبالغون ويفرطون في دعواتهم لصديقي،
ربما ليظل تحت عيونهم وأبصارهم. في حينه تأكد لصديقي أنه مقبل على ما لا تُحمد
عقباه "ولربما على أيام سوداء"، إذا ما "وقعت الواقعة" وشنت
الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها الحرب على العراق، لا لأنه كان متعاطفاً مع العراق
ومؤيداً له، ولا لأن البلد الغربي "الديمقراطي" كان يملك من المبررات ما
يعطيه حق اعتقاله أو ترحيله، إنما لأن إحدى السفارات العربية التي كانت ممثلة في
غرفة العمليات الأمنية التي تشكلت في عاصمة ذلك البلد على غرار مثيلاتها في
العواصم الغربية الأخرى بذريعة مواجهة "الأخطار المحدقة" كانت قد خاطبت
وزارة الأمن في تلك العاصمة وطلبت منها ملاحقة ومتابعة صديقي وإذا اقتضى الحال
ترحيله على أول طائرة (بغض النظر عن الجهة التي يرّحل إليها). المخاطبة تمت عبِرَ
كتاب دبلوماسي. لكن صديقي وإن أخذ الأمر على محمل الجد وتهيأ لتبعاته سلفاً، إلا
أنه ظل كغيره يراهن حتى اللحظة الأخيرة على حكمة القيادة العراقية واحتمال انسحاب
الجيش العراقي من الكويت طوعاً وسحب الذرائع من أيدي الولايات المتحدة الأميركية
وجميع البلدان الغربية المتربصة شراً بالعراق خاصةً والأمة العربية عامة... وهنا
لا أستثنى تربص إسرائيل بالطبع. لكن حتى ذلك لم يفد، لأن الولايات المتحدة
وحلفائها كانوا قد اتخذوا قرار العدوان من قبل.
اليونان كانت البلد الغربي "الديمقراطي" المقصود
البلد الغربي في بيت القصيد هنا كانت اليونان، وقد سبق أن ألمحت إليهاً في سياق
الإشارة إلى الإغريق وأم الديمقراطيات الغربية.
(1/241)
نعم كانت اليونان حيث كان صديقي يقيم مع عائلته في عاصمتها، وكان يعمل في
الحقل الإعلامي كما أسلفت الذكر أيضا ً. وكانت الصحيفة العربية التي أشرت إليها
سابقاً من بين وسائل الإعلام التي كان يراسلها، وهي كانت وما زالت تتخذ من عاصمة
الضباب وصاحبة الجلالة مقراً لها. كان صديقي في حينه يعتبر اليونان واحدة من بلدان
العالم الثالث عشر لما للديمقراطية فيها من "قدسية!! " ندر وجودها في
بلدان ديمقراطية حقيقية مثل البلدان الإسكندنافية!! وقد عبّر عن ذلك في عديد
مقالاته. كانت الحكومة اليونانية منزعجة من صديقي لأنه لطالما عَبّرَ عن اهتمامٍ
إعلامي خاص بشؤون المسلمين في منطقة "تراقيا" شمال اليونان بمحاذاة
الحدود مع تركيا. وعبّر عن ذلك في مقالاته أيضاَ، كما وأقام علاقات وصلات طيبة مع
تلك الأقلية اليونانية ومع ممثليها في البرلمان... وكانوا لا حول لهم ولا قوة لأن
الإعلام المحلي والدولي اعتاد متعمداً تجاهلهم وتجاهل أقليتهم، وكذلك الدبلوماسيون
المسلمون والعرب. وكان رأس الدبلوماسية في السفارة العربية المقصودة منزعجاً من
صديقي أيضاً مثله مثل الحكومة اليونانية، لكن لسبب أو أسباب أخرى أقلها أنه كان
يبدي حضوراً ديناميكيا في الندوات السياسية العامة والخاصة التي اعتاد حضورها كبار
السياسيين اليونانيين بمن فيهم رئيس الحكومة لم يكن ليتوفر عند رأس الدبلوماسية
المقصود وأقرانه من الدبلوماسيين وبالأخص العرب منهم. فقد امتاز صديقي بجرأة وطنية
وقومية كانوا يفتقدونها، وكانت تخوله مماحكة أولئك السياسيين ورئيس حكومتهم
ومحاورتهم بحدة وحتى انتقادهم شفهياً وفي مقالاته لأن اليونان في ذلك الوقت كانت
قد شرعت في مغازلة إسرائيل وبدأت تتخلى تدريجياً عن موقعها ودورها كجسر للعلاقات
الطيبة بين الغرب والعرب. في حينه وصل اليمين اليوناني "حزب الديمقراطية الجديدة"
بزعامة قسطنطين ميتسوتاكيس الى السلطة بعد هزيمة انتخابية أنزلها باليسار
الاشتراكي "حزب الباسوك" وزعيمه التاريخي أندرياس باباندريو، وانحرف
بالسياسة اليونانية الخارجية "180 درجة" معاكسة للنهج الباسوكي الداعم
للعرب والقضية الفلسطينية. وفي حينه اعترف اليمين اليوناني بإسرائيل لأول مرة منذ
عام 1948. وكانت الحكومة اليونانية منزعجة من مواقف صديقي بهذا الخصوص أيضاً.
الحكومة اليونانية لم تستطيع ترحيله وإن تمكنت من ملاحقته ومتابعته. لم تستطع
ترحيله لأن حصانته الصحفية كانت تمنعها من ذلك، ورأس الدبلوماسية لم يستطع هو
الآخر أن يُحقق مطلبه لأن صديقي كان يتمتّع بحصانة لا تقل قوة عن حصانته.
تجدر الإشارة إلى أنه وعلى ضوء احتلال الكويت وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين
اليونان وإسرائيل انعقد في أثينا مؤتمر دولي سري تحت عنوان "مواجهة الأصولية
القادمة من الشمال"، رعته وكالة الاستخبارات الأميركية "C.I.A" وأشرف عليه إحدى محطات التلفزة اليونانية وتدعى Antena. ورأس المؤتمر وسيط السلام الأميركي المغفور له فيليب حبيب. صديقي
كان الصحافي الشرق أوسطي الوحيد المشارك في ذلك المؤتمر بحكم علاقاته مع أحد كبار
العاملين في محطة التلفزة المذكورة، وكان الشاهد العربي الوحيد على مشاركة عدد من
السياسيين الدوليين والعرب والإسرائيليين السابقين في ذلك المؤتمر. وكان رأس
الدبلوماسية في السفارة العربية المقصودة نجماً من نجوم ذلك المؤتمر. وقد تصدر
الطاولة الرئيسية أثناء العشاء الختامي للمؤتمر إلى جانب فيليب حبيب والسفير
الأميركي والوفد الإسرائيلي. وكان صديقي أيضاً شاهداً على جلسته
"الشاعرية" التي لم يحسده عليها أحد من الدبلوماسيين العرب والمسلمين
الذين لبّوا دعوة العشاء، وهو ما زاد في انزعاج سعادته من صديقي أكثر فأكثر. ذلك
المؤتمر مثّل "بالطبع!! " وجهاً من وجوه "الديمقراطية"
الغربية!!
الرئيس بوش الأب اتخذ قرار الحرب وأعلن عن ساعة الصفر،
فكشرت الديمقراطية الغربية عن أنيابها
(1/242)
مع اتخاذ الرئيس الأميركي في حينه جورج بوش الأب قرار العدوان على العراق
وتحديد ساعة الصفر، أعلنت حالة الطوارئ القصوى في الولايات المتحدة الأميركية
وبلدان الغرب... وبالطبع في اليونان. ومع اتخاذ القرار وتحديد ساعة الصفر، سقطت
الديمقراطية الغربية، بل غُيبت، وسقطت وغُيبت معها جميع حقوق الإنسان وبالذات
الإنسان العربي، واتفاقيات هذه الحقوق بما فيها اتفاقية جنيف. ولم يعد هناك من قيمةٍ
تُذكر لجميع الحصانات، الصحفية منها والدبلوماسية. نعم سقطت الحصانات جميعها. وكما
كان مفترضاً أن يدفع العراق ورئيسه ونظامه ثمن التمرّد على الإرادة الغربية عامة
والأميركية خاصة وكذلك الإرادة الإسرائيلية، أصبح من واجب كل بلد أن يصفي حساباته
مع خصومه السياسيين الذين تجرأوا على توجيه الانتقاد والنقد له ولسياسته. وكانت
"الديمقراطية" الغربية هي الشعار واليافطة. والتقط ممثلو البلدان في
غرفة العمليات الأمنية في أثينا كغيرهم في الغرف المماثلة في العواصم الغربية
الأخرى الفرصة للإنتقام من خصومهم كذلك. ومع قرار العدوان وتحديد ساعة الصفر أُطلق
العنان لـ"الديمقراطية" الغربية لتصول وتجول.
كانت الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وإسرائيل وبلدان عربية إضافة
إلى البلد المُضيف ممثلين في غرفة العمليات الأمنية "حسنة الصيت
والسمعة" تلك. ومع القرار وساعة الصفر انتشر رجال مخابرات تلك البلدان على
عجلٍ سعياً وراء "خصومهم" من الشبان العرب لاصطيادهم والحصول على أوسمة
رفيعة من الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل وترقيات من بلدانهم. وكل ذلك جرى في
ظل "الديمقراطية" الغربية التي لطالما تغنت بها بلدان الغرب وسعى الرئيس
جورج بوش الأب وراء تطبيقها بل فرضها في الوطن العربي، كما يسعى الآن الرئيس جورج
بوش الإبن وراء تطبيقها وفرضها على الوطن العربي، لكن بأكثر حدة وصرامة... وحماقة.
فأيام الأب كان العالم ثنائي القطبية أما الآن وفي عهد الإبن فالقطبية واحدة
ومحصورة بالولايات المتحدة.
(1/243)
بدأت الحرب، وبدأت "الديمقراطية" الغربية معها تعبّر عن ذاتها
بشراسة ما بعدها شراسة مع فجر 17 يناير/ كانون الثاني 1991 بدأ العدوان وألقت
الطائرات الأميركية والغربية حِممها وجميع أنواع قنابلها فوق العراق وفي المنطقة
الحدودية مع الكويت، كما وجهت البوارج جميع أنواع صواريخها باتجاه العراق والمنطقة
الحدودية أيضاً، وتحوّلت منطقة الخليج إلى جحيم حقيقي أتى على الأخضر واليابس
والبشر والشجر والحجر. القنابل والصواريخ الأمريكية والغربية أتت على كل ما كان
يتحرك في العراق وعلى حدوده من الأهداف البشرية والآلية، بكل ما امتلك واختزن
أصحابها من حقد تجاه العراق والوطن العربي. أصبح العراق والمنطقة الحدودية مقبرة
مفتوحة للجثث المحترقة، كما أن الآليات العسكرية والمدنية تحولت إلى ركام من
المعادن المُحطمة والمحترقة. ومع بدء العدوان في فجر ذلك اليوم، استُنفرت غرفة
العمليات الأمنية في أثينا كما استُنفرت جميع غرف العمليات الأمنية في بلدان الغرب
"الديمقراطية... استنفرت بشراسة ما بعدها شراسة. ومع قصف تل أبيب بالصواريخ
العراقية مع صبيحة اليوم التالي، رفعت غرفة العمليات في أثينا مثلها مثل غرف
العمليات في العواصم الغربية الأخرى من درجة استنفارها إلى الحد الأقصى، وبدأ رجال
المخابرات في استدعاء... بل القبض على كل من أشَّرَ إليه أركان تلك الغرفة،
وبالأخص العرب. كان صديقي يتناول الغداء مع واحدٍ من رجال استخبارات البلد العربي
المُمثل في غرفة العمليات كان قد قَدَم نفسه له كرجل أعمال قادم من الولايات
المتحدة الأميركية ويريد الإعلان عن مشاريعه في الصحيفة العربية
"المذكورة" التي كان صديقي يراسلها. كان صديقي يتناول الغداء مع
"رجل الأعمال" الإستخباراتي بناءً لدعوة مبكرة وعاجلة على ما بدا حتى
يكون تحت عين الغرفة الأمنية وفي متناول أيدي الممثلين فيها. اتصل أبناء صديقي به
على عجل وأبلغوه بضرورة العودة إلى البيت لأمر عاجل وتعليمات من رجال المخابرات.
اعتذر من مُضيفه الإستخباراتي ليستقبله رجال المخابرات على الباب ويطلبوا منه
مرافقتهم مصحوباً بإقامته وجواز سفره بذريعة أن وزير الأمن ينتظره في الوزارة
لأمرٍ هام. كانت الوزارة تعُجُ بالعرب، وبالأخص الفلسطينيين، ممن أوقفتهم أجهزة
الأمن والطوارئ. قيلَ لصديقي أنه مهدد بالقتل وأن الوزارة بصدد حمايته والحفاظ على
سلامته. استضافوه في غرفة مزودة بهاتف لإجراء مكالماته الهاتفية، وكانت مفتوحة على
بهو يمتلئ بالموقوفين العرب وبالأخص الفلسطينيين ممن كانوا يقيمون في اليونان بحكم
أعمالهم أو دراساتهم الجامعية. أجواء من "الديمقراطية" المتناهية كانت
تُخيم على وزارة الأمن في ذلك اليوم الذي أعلن فيه رئيس الوزراء اليوناني في حينه
قسطنطين ميتسوتاكيس أنه "سيكنّس أثينا من العرب وينظفها منهم"... وهذا
تعبير غربي "ديمقراطي" أيضاً. ومع ساعات الليل الأخيرة ساقوا صديقي إلى
زنزانة مليئة بالموقوفين العرب معظمهم من الفلسطينيين، فأيقن عندها أنه سيكون
ضيفاً ثقيلاً على ديمقراطية اليونان وأن الآتي سيكون أعظم وأخطر. في حينه كانت
وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية تبث خبر اعتقال صديقي وقرار الحكومة
القاضي بترحيله، وفق ما علم فيما بعد. ظهر اليوم التالي وبدل أن يتمَ الإفراج عنه
حسبما قيل له، اقتادوه إلى سيارة تحمل لوحة من اللوحات التي كان قد دونها إبانَ
فترة متابعته بعد احتلال الكويت توجهت به إلى المطار مصحوبة بآلية مصفحة تابعة
للأمن اليوناني. أدخلوه مُدرج المطار عِبرَ بوابة جانبية لتحاشي الحشد الإعلامي
الذي كان ينتظره في بهو المطار. أدخلوه المدرج باتجاه طائرة كانت وجهتها ليبيا
التي لم يسبق له أن زارها برغم عديد الدعوات التي كانت توجه إليه أثناء احتفالات الفاتح
من سبتمبر/أيلول والتي لم يُلبِ واحدة منها. حاول التمنع وطلب تسفيرهُ إلى لبنان
أو الأردن أو يوغوسلافيا، فكان الرفض وتخييره بين الطائرة المتوجهة إلى ليبيا أو
طائرة "العال" الإسرائيلية التي كانت متوقفة على مسافة ليست ببعيدة.
كانوا يعنون ما قالوه له... لم يكن ذلك من باب التهديد والتخويف. في النهاية دفعوا
به دفعا بكل ما تحمله الديمقراطية الغربية من وحشية داخل الطائرة. نعم كان ذلك
الدفع من "آليات الديمقراطية" الغربية!! لم يُسمح لصديقي أن يودع عائلته
أو أن يمرّ على بيته للحصول على بعض الملابس والنقود أو كتابة توكيل لزوجته للتصرف
في ضرورات المنزل والعائلة "النقدية". دخل الطائرة بالملابس التي كان
يرتديها وفي جيبه آلاف الدراخمات التي لم يكن لها قيمة خارج اليونان لتعذر
استبدالها بعملات أخرى. هي "الديمقراطية" الغربية بعينها التي يريدون
تصديرها للوطن العربي أو فرضها بقوة الترهيب... "ديمقراطية إذلال الكرامة
والإرادة والروح عند الإنسان العربي... نصف ساعة أو أكثر قضاها صديقي في الطائرة
وحيداً قبل أن يتدافع الدبلوماسيون العراقيون وعائلاتهم إلى داخلها مرحلين أيضاً،
تنفيذاً لقرار دولي شمل جميع البعثات الدبلوماسية العراقية في العالم قضى بتخفيضها
إلى
تــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبع
الحد الأدنى. وهال صديقي أن يعرف منهم أن اسمه كان مدرجاً أيضاً على القائمة
الدبلوماسية التي سلمها وزير الخارجية اليوناني للسفير العراقي... قائمة
الدبلوماسيين غير المرغوب في بقائهم فوق الأراضي اليونانية، علماً أن صديقي لم يكن
في يوم من الأيام دبلوماسياً.. لا عراقياً ولا فلسطينيا ً. لكنها الديمقراطية
اليونانية التي تمثّل وجهاً من وجوه الديمقراطية الغربية التي تعمل على وضع العربي
في القالب الذي تريد وتهوى.. المهم أن يتشكل ذلك ويتواءم مع آليات ومتطلبات تلك
الديمقراطية البائسة. وصل صديقي إلى لبيبا مع انفراط عقد مظاهرة المليون التي
تصدرها في 19 يناير/ كانون الثاني 1991 في طرابلس العقيد معمر القذافي تأييداً
للعراق ورفضاً للحرب ضده. وصل وأحسنت وفادته وضيافته. أيام قلائل بعدها انتقل إلى
تونس للالتحاق بأبناء جلدته الذين كانوا ما يزالون في تونس كواحدة من المنافي
الفلسطينية. هناك عرف أن مئات بل آلاف العرب جُلهم من الفلسطينيين ممن حملوا الفكر
القومي العربي قد سبقوه إليها مُرحلين من اليونان وبلدان غربية
"ديمقراطية" أخرى كثيرة، لا لسببٍ إلا لأن الفكر القومي العربي يتعارض
بل ويتصادم مع متطلبات الديمقراطية الغربية ذات "المحاسن والمزايا"
العديدة التي يريدون تصديرها للوطن العربي، بل فرضها عليه فرضاً.
هي حكاية العربي مع ديمقراطية "الحرباء" الغربية!!
حكاية صديقي مع "الديمقراطية" الغربية التي ما تزال تؤرق جفونه وتقض
مضاجعه وتُنغص أحلامه حتى أحلام اليقظة منها، والتي ما يزال طعمها تحت أسنانه حتى
اليوم، هي حكاية عشرات ألوف بل مئات ألوف العرب عامة والفلسطينيين خاصة قبل 11
سبتمبر/أيلول 2001. أما حكايات بل مآسي عشرات ألوف بل مئات ألوف العرب عامة
والفلسطينيين خاصة بعد ذلك التاريخ مع تلك الديمقراطية، فهي أدهى وأمر وأكثر
إيلاماً. وإذا كانت الكرامة والإرادة والروح العربية قد تعرضت للإذلال والمهانة
قبل ذلك التاريخ، فهي معرضة الآن للقتل والفتك والإبادة. هذا إذا قُدّر لإسرائيل
أن تحافظ على استئثارها أو تستأثر أكثر فأكثر بملف السياسة الغربية وبالأخص
الأميركية في الوطن العربي. وكذا الحال مع الديمقراطية الغربية وبالأخص الأميركية،
وهي بيت قصيدنا الآن. فهذه الديمقراطية التي كانت مضرب مثل في العقود الأخيرة من
القرن الماضي ومغناطيساً يجذب الناس وبالأخص في العالم الثالث إليها، فقدت بريقها
مع بداية العقد الأخير من ذلك القرن وأصبحت بلا جاذبية تُذكر. فهي بعد 11 سبتمبر/
أيلول 2001 تحوّلت إلى "حرباء" تتلوّن وفقاً للظروف وضرورات السياسة
الاستعمارية - الاستيطانية التوسعية الجديدة. إنها الديمقراطية التي (تارة تأخذ
لغة الدفاع عن حقوق الإنسان كما هو الحال في الصين، وتارة أخرى تأخذ لغة مكافحة
الإرهاب والدفاع عن حقوق المرأة كما هو الحال في أفغانستان، وتارة ثالثة تأخذ لغة
مصادرة أسلحة الدمار الشامل لتدميرها لخطرها على السلم والاستقرار والأمن في
العالم كما هو الحال في العراق، وتارة رابعة تأخذ لغة الدعوة إلى تطوير الأنظمة
وتغيير بنيتها لتنتج ثقافة التسامح بدلاً من إنتاج ثقافة أصولية تشكل تربة
"خصبة" للإرهاب كما. وقبل هذه مجتمعة "لا ننسى وجه هذه
الديمقراطية" المكشر عن أنيابه في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ترى إلى متى
سيستمر العرب على ما هم عليه من استكانة واستسلام مهينين لهجمة "الديمقراطية"
الغربية وبالأخص الأميركية؟!
kawashmahmoud@yahoo.co.uk
http://al-shaab.o r g المصدر :
=============
(1/245)
(1/246)
الحركة النسوية من المساواة إلي الجندر ..
دراسة نقدية إسلامية
قدم الباحث ا.مثنى أمين الكردستاني: دراسة هي الأولى من نوعها في العالم الإسلامي
تناولت بالدراسة والتحليل أهم أفكار الحركة الأنثوية (feminism)،
التي باتت تمثل رؤية معرفية وأيديولوجية للعالم وليست مجرد أفكار حقوقية وسياسية
أو اقتصادية عن المرأة، كما تعد الحركة الأنثوية أقوى الحركات الفكرية التي ترعرعت
في ظل العولمة كحركة فكرية تمارس العمل عبر مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات الأمم
المتحدة.
وتبرز خطورة الحركات الأنثوية المتطرفة في تبنيها مجموعة من الآراء والخيارات
تعتبر تهديدا مباشرا لكل الأديان والقيم والحضارات الإنسانية، خاصة أن هذه الأفكار
الأنثوية أصبحت تمثل النسق الفكري للعديد من الوكالات الدولية التابعة للغرب
وللأمم المتحدة التي صاغتها في شكل اتفاقيات دولية مفروضة على كافة المجتمعات دون
التمييز بين البيئات والثقافات المختلفة، بل تفرض ضغوطاً أخرى سياسية في حالة عدم
تطبيقها في دول العالم الأدهى من ذلك أن من يسيطر على تلك المنظمات التابعة للأمم
المتحدة فئات ثلاثة (الشاذون جنسيا-السحاقيات الفيمينست- التمركز حول الأنثى).
وإزاء هذه المخاطر المحدقة على واقع المرأة المسلمة تأتى دراسة (آراء الحركة
الأنثوية الغربية من وجهة نظر إسلامية) للباحث العراقي مثني أمين الكردي والتي نال
عنها درجة الماجستير من جامعة أم درمان الإسلامية بالسودان قسم العقيدة - مؤخرا
لتدق ناقوس الخطر حول مستقبل المرأة المسلمة في ظل سيطرة (الفيمينست) على المجتمع
الدولي في ضوء عولمة القيم
التمركز حول الأنثى:
ويستعرض "مثني" تاريخ ظهور الحركات الأنثوية، الذي يؤرخ بنهاية القرن التاسع
عشر في فرنسا وبريطانيا وأمريكا، حيث بدأت المدرسة الراديكالية المتطرفة في داخل
الحركات النسائية، والتي تتبني نهجا عدائياً اتجاه الرجل وتنظر إلي المرأة مجردة
عن سياقها الاجتماعي وهي في ذلك تتجاوز منطلقات الحركات النسوية المعتدلة (حركات
تحرير المرأة).
ومن الجدير بالذكر أن الحركة الأنثوية بدأت متطلباتها التي تطورت في منتصف 1989 م حول توسع فرص التعليم
والمساواة القانونية، وحقوق المرأة الضائعة، ولسوء أوضاع المرأة في الغرب عامة في
تلك الفترة ومع تطور الثورة الصناعية في المجتمعات الغربية، ونظراً لحاجة المصانع
لمجهود المرأة، تبنت الحركة الأنثوية أفكاراً اكثر تحرراً وحطمت كافة القيود
الأخلاقية والاجتماعية المحيطة بالمرأة، وتبنت متطلباتها حق المرأة المطلق في
ممارسة الجنس كما تشتهي، ورفض مؤسسة الزواج كما تبنت الحق المطلق في الإجهاض.
تبنت تلك المدرسة أمثال: (سيمون دي بوفوار) التي تقول: "لا يولد المرء امرأة،
بل يصير كذلك"
إزاء هذه الأفكار طالبت الأنثوية برفض أوضاع المرأة المرتبطة بتركيبها الهرموني،
ومن ثم ضرورة تغيير مجموع العلاقات بين الجنسين داخل الأسرة (الجندر).
ثالوث النسوية:
وإزاء هذا الواقع المرير طالبت الحركة الأنثوية بمبدأ الحركة المطلقة للمرأة ونزع
القداسة عن عقد الزواج والرباط الأسري، والاستخفاف المستمر بعفة المرأة، وأهمية
غشاء البكارة معتبرة أن هذا جزء من الثقافة الذكورية التي ترى في المرأة متاعاً
خاصاً للرجل ورفعت الأنثوية راياتها الثلاث: الإصلاحات الاجتماعية (إلغاء
القوانين)، المطالب السياسية والحب الحر.
كما سعت (الأنثوية) إلي ترسيخ مفاهيمها الاجتماعية، وتبنت مطالب الشذوذ الجنسي في
الأمومة والإنجاب من خلال ابتداع تقسيمات جديدة " الأم البيولوجية.. والأم
الاجتماعية " وروجت لثقافة جديدة تقوم على الإباحية وملكية المرأة لجسدها،
وهو ما أفرز: أمهات غير متزوجات- ترك طفل لمؤسسات التبني- الإجهاض- القضاء على
الأحداث- رفض الحجاب والتستر، بل التوسع في شركات التجميل والزينة وبناء الأسر
اللانمطية (زوجة وثلاثة أزواج)- زوج وزوج- اللواط - السحاق (باعتباره يخلص المرأة
من سيطرة الرجل)
بل الأخطر من ذلك ما سعت إليه الأنثوية من محاولة تغيير وإعادة صياغة اللغة الذي
دفع بعض الكتابات العلمانية المعاصرة إلي الدعوة لإعادة صياغة القرآن الكريم ولفظ
الجلالة بصياغة جديدة تميل إلي المرأة " لماذا لا يكون لفظ الجلالة
مؤنثاً"؟ (!).
الأنثوية وحركات تحرير المرأة العربية:
وبعدما ركبت الأنثوية موجة العولمة عمدت إلى تشويه باقي الثقافات والحضارات الأخرى
فأعلنت حربا شعواء على الإسلام وأحكامه والمرأة المسلمة، ونهجت في ذلك منهجا يقوم
على التشكيك في صحة الدين، والقول بأن الفقه الإسلامي ذكورى، يسوغ سيطرة الرجل على
المرأة والتأكيد على المساواة المطلقة، ونقد نظام الزواج و الأسرة الإسلامية
وتقديم الاجتهاد من مجتهدين غير عالمين بأحكام الإسلام مقابل تقديم الجوائز
المالية والأدبية لهم، أمثال "سعداوي"، و "المرنيسي". وغيرهن،
(1/247)
ويفضل الأنثويون التركيز على مشكلات النساء المسلمات أكثر من مشكلاتهن وهو ما
يهدد أمن المجتمعات الإسلامية التي بدأت تشهد ثمار ما زرعته الأنثوية المتطرفة في
عقل المسلمين والمسلمات من زيادة أعداد مرضى الإيدز، وحملة تقليص عدد المواليد من
خلال تأخير سن الزواج، الذي جلب الزنا بدلا من الزواج، لدرجة أن بعض الدول التي
تتخذ من الإسلام ديناً حرمت تعدد الزوجات، مع السماح بتعدد الخليلات.
دور المنظمات الأهلية:
تشير الدراسة بأن الحركة الأنثوية ركزت على نشاطها في مجالات التعليم والمواثيق
والدساتير الدولية، لتسهيل عملية التغيير الاجتماعي مستغلة في ذلك المنظمات
الدولية والإقليمية والمؤتمرات العالمية.
بهدف الضغط على الدول لإحداث تغييرات في قوانينها الداخلية ويسهم في خطورة الأمر
اتجاه الأمم المتحدة للتعامل مع المنظمات الأهلية مباشرة، بل جعلها رقيبة على
دولها، خصوصاً ما يتعلق بشئون المرأة والطفل، فمثلاً هيئة المعونة الأمريكية تخصص
كل عام ما يزيد على 20 مليون دولار مساعدة للمنظمات الأهلية المصرية بشرط أن يكون
المشروع الممول مقبولا في المنظمة المقدمة للمعونة.
بل امتد الأمر إلي أقصى درجات الضغط التي يمارسها النظام العالمي الجديد، حيث أصبح
من أهم شروط انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي مثلا الاعتراف بالشذوذ الجنسي.
التصور الإسلامي لقضية المرأة:
يعرض د. "مثني" في دراسته للتصور الإسلامي لمجمل قضية المرأة المعاصرة
من خلال تفعيل القواعد الإسلامية التي تقدم البدائل المناسبة، والتي تنطلق من
اعتماد (الحاكمية لله) مرجعية شاملة، وسيادة الشريعة بما تحويه من أحكام المرأة
والمجتمع ككل، وينبني التصور الإسلامي على ضرورة أن تكون الأخلاق والقيم ثابتة
وليست متغيرة كما تفعل الأنثوية التي تشكك وتعبث بكل القيم، كما يركز التصور
الإسلامي على اعتبار الأمومة وظيفة مقدسة خاصة بالمرأة، كما يعلى الإسلام أمر
الفطرة وضرورة مسايرتها، لا لمعاكستها.
كما قيدت الشريعة الإسلامية الحريات، وجعلتها تدور في فلك حفظ مصالح الفرد
والمجتمع، وقد ردت الدراسة على عدة شبهات تثار حول رؤية الإسلام للمرأة مثل:
(القوامة - ونشوز الزوجة).
وتختم الدراسة بمناقشة عامة لوضع المرأة المسلمة، ودورها في بناء المجتمع مطالبا
بضرورة بناء حركات نسائية واعية بمشكلات المرأة المعاصرة، وتدفع بعجلة التنمية
المتكاملة دون تهميش للمرأة، ودون استدراج للمرأة المسلمة إلي متاهات الفكر الغربي
الذي انطلق من واقع ظالم، ليس للمرأة فقط، بل لفئات كثيرة من المجتمع (العبيد-
النساء- السود) لكون أن التربية الإسلامية خصبة بالعدالة والمساواة والتكريم
الإلهي للمرأة والرجل والحيوانات والنبات والبيئة، تقديراً لدور كل منهم في الحياة
المستقرة الكريمة.
15- ذو الحجة-1426 هـ
15- يناير- 2006
http://www.lahaonline.com المصدر:
=============
(1/248)
(1/249)
حرب الحجاب في تونس
رضا عبد الودود
على خطا الغرب وفرنسا تسارع تونس نحو المزيد من التغريب والتقارب مع الغرب على
حساب قيم ومعالم الإسلام، متذرعة بالحرية والخصوصية الثقافية بنهج تطويعي لكل
القيم والمعتقدات في سبيل إحكام السيطرة على المجتمع المسلم الذي صار أكثر تململاً
ورفضاً لمحاولات تهميشه.
وفي هذا الإطار وصف وزير الشؤون الدينية التونسي أبو بكر الأخزوري
الحجاب بـ"الدخيل والنشاز" غير المألوف على المجتمع التونسي، متوعداً
باجتثاث الحجاب وكل المظاهر الإسلامية من لحية وجلباب أبيض في المجتمع التونسي.
وأكد "الأخزوري" في حوار مع صحيفة الصباح اليومية التونسية مؤخراً أن
"الحجاب زي طائفي يخرج من يرتديه عن الوتيرة"، وأنه يرفض أيضاً ارتداء
الرجال للجلباب الأبيض الخليجي الذي يُطلق عليه في تونس "الهركة
البيضاء"، وإطالة اللحية، وقال: إن هذه المظاهر تنبئ عن اتجاه معين-وذلك في
محاولة لتسييس الزي تمهيداً لتجريمه.
يذكر أن السلطات التونسية تحظر على الإناث الدراسة والعمل في المؤسسات العمومية
بالحجاب استناداً إلى قانون صدر سنة 1981 في عهد الرئيس السابق الحبيب بورقيبة
يُعرف "بالمنشور 108" ينعت الحجاب بالزي الطائفي. ومع بدء العام الدراسي
في سبتمبر الماضي شن مسؤولو التعليم في تونس حملة واسعة النطاق لتطبيق القانون
(108). وتم منع الطالبات المتحجبات من دخول المدارس والكليات، وهو ما اضطرهن إلى
تغيير شكل حجابهن حتى يوفّقن بين الدراسة والتمسك بالحجاب. كما منعت إحدى المحجبات
من إجراء عملية ولادة في إحدى المستشفيات الحكومية التي رفضت مجرد التعامل معها
حتى تخلع حجابها في صورة لا إنسانية، لا يطيقها حتى عتاة التغريب في فرنسا أو
أوروبا، ومع ذلك ترفض السلطات التونسية التهم الموجهة إليها بمحاربة الحجاب أو أي
شكل من أشكال التدين، معتبرة أن ما تقوم به يدخل في باب محاربة ما تصفه
بـ"ملابس دخيلة" على العادات والتقاليد التونسية.
لماذا الحجاب مجدداً؟
ويحمل توقيت إثارة قضية الحجاب في تونس مجدداً على لسان وزير الشؤون الدينية الذي
أثار كافة الأوساط الحقوقية والاجتماعية في تونس وفي المغرب العربي عدد من المغازي
والأهداف السياسية لعل أهمها:
ـ حصر الإسلاميين بعيداً عن المعارضة.
- ضرب جهود التقارب بين التيارات السياسية وقوى المعارضة الإسلامية والقومية
والاشتراكية التي بدا صوتها يرتفع بصورة غير مسبوقة لمعارضة نظام الحكم الاستبدادي
في تونس، وتحاول الحكومة التونسية تسويق رسالة سياسية مفادها "أن الإسلاميين
خطر على المجتمع المدني"، وعلى قوى المعارضة العلمانية الابتعاد عن التيار
الإسلامي.
ولعل كثرة الحديث حول الحجاب في تلك الظروف منذ أن ابتعدت الظاهرة عن التسييس
وباتت تعبيراً حيوياً عما تعتنقه المرأة في تونس من أفكار وقناعات. لعبت ثورة
الاتصالات والفضائيات دوراً كبيراً في إحياء ما حاربته رماح السلطة على مدى عشرية
ونصف، إذ لم تعد النهضة ولا تنظيماتها المدنية محفزاً أو مبشراً بما ارتأته المرأة
في تونس من خيارات وقناعات، ولكن الديكتاتورية الحاكمة عادت لتجد في المسألة
فزّاعة تمزّق بها قميص أي ائتلاف سياسي معارض...
وعلى مستوى أعلى تستهدف تلك الحملة إدخال الدين إلى دائرة الجدل السياسي بعدما
اقتنع الجميع بحرية الاختيار والاعتقاد انطلاقاً من أن المرأة حرة فيما تختار أو
تعتنق من أفكار ومعتقدات، فإذا كانت الأطراف الدينية لا تمارس الوصاية على لابسات
الجينز أو التنورة الفاضحة، ومن ثم فإن خصوم الفكر الإسلامي مطالبون أيضاً
بالاعتراف لها أيضاً بحقها في الاختيار إذا ما اقتنعت بزي ترى فيه معبراً عن
الحشمة أو القناعات الدينية التي تريد الالتزام بها.
- تأتي تلك الحملة الشرسة على الحجاب كأحد المظاهر الإسلامية في إطار حملة أوسع
للحرب على الإسلام، وذلك على حد تعبير الشيخ راشد الغنوشي في تصريحاته مؤخراً مع
قناة الجزيرة؛ إذ أكد أن هذا الموقف من الحجاب ليس جديداً بل هو جزء من الحرب على
الإسلام التي بدأت، كما قال زعيم النهضة، مع دولة الاستقلال بقيادة الرئيس السابق
الحبيب بورقيبة. وأوضح أن منع الحجاب بدأ عام 1981، إلا أن تطبيقه منذ ذلك الوقت
شهد صعوداً و انحداراً حسب الظروف. ومنذ عام 1991، تحول الأمر من حرب على الحركة
الإسلامية التونسية بوصفها حركة سياسية، ليصبح حرباً على الإسلام نفسه، وعلى كل
ممارسة دينية، وتسببت تلك الحرب في هجر آلاف الشباب للمساجد ومنع الحجاب، إضافة
لطرد آلاف الفتيات والعاملات والموظفات، بل حُظر على المحجبات التعامل مع مؤسسات
الدولة لدرجة منع الحوامل من وضع أحمالهن بالمستشفيات حتى يخلعن الحجاب.
وما يؤكد ذلك تصريحات الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في ذكرى إعلان الجمهورية
في 25 يوليو الماضي، على أن الحرب على الحجاب مستمرة، وأنه لا عودة للحجاب الذي
وصفه بالطائفي. وكانت تأكيدات "بن علي" جاءت رداً على نداءات من داخل
تونس وخارجها لإطلاق حرية المرأة في لبس الحجاب.
مغازلة الغرب
(1/250)
وعلى صعيد آخر تبدو تصريحات وزير الشؤون الدينية وحملات الحكومة التونسية
الأخيرة على المناهج الدراسية وتصفيتها لكل ما يمت للإسلام بصلة تحت شعارات
"أكل عليها الزمان وشرب"- من التنوير والإبداع، كرسالة ترغب في توصيلها
لحكومات الغرب بعد أن انفضح أمر الحكومة التونسية أمامها لما تمارسه من تضييق على
الصحفيين والقضاء على هامش الحرية بل والقضاء على المخالفين للنظام بسبل لا
إنسانية، وهو بالتالي يوجه رسالة للقوى الغربية التي بدأت بالضغط عليه من أجل
تحقيق انفراج يتعلق بحقوق الإنسان بتونس. معتقدة أن تحركها ضد ما يسمى
بـ"الأصولية والإرهاب"، قد يوفر لها فرصة لاستعادة رضا الدول الغربية
عنها.
ولعل انتقادات المشاركين في قمة المعلوماتية الأخيرة التي عُقدت بتونس مؤخراً كانت
آخر تلك الانتقادات، ومن ثم جاءت حملة التعبئة والتصعيد ضد الصحوة الإسلامية من
قبل أجهزة الدولة تعبيراً عن استياء النظام من انكشاف صورته أمام المنظمات الدولية
أثناء انعقاد قمة المعلوماتية، وما تعرض له الصحفيون والمعارضون من قمع لفت أنظار
المنظمات الحقوقية والإعلامية الدولية.
وفي النهاية لابد من التأكيد على خطورة منحى السلطات التونسية التي تصر على منهج
الإقصاء سواء لقوى الإسلاميين أو المعارضة التونسية، مما يهدد دورها الحضاري في
صياغة مستقبل تونس السياسي في ضوء من التقارب والتعاضد الوطني إزاء مشروعات
التغريب والشرق أوسطية التي تستهدف حصر الدول العربية والإسلامية في جزر منعزلة عن
بعضها لتسهيل عملية فرض الأجندة الغربية على شعوبها خدمة لمصالح وأهداف غريبة عن
تكوينها الثقافي ومصيرها السياسي... فهل تستمع الإدارة التونسية لصوت العقل بإلغاء
القوانين سيئة السمعة وقانون (108) الخاص بالزي الوطني...
21/12/1426
21/01/2006
http://www.islamtoday.net المصدر:
============
(1/251)
(1/252)
التربص..بالعلماء
محمد الشواف
الشيخ أحمد ديدات عبقري مؤمن، متعمّق بدراسة الأديان، ويدعو إلى الله على بصيرة،
همّه الدعوة للإسلام، والدفاع عن دين الله، ومناصرة المظلومين حول العالم، لا بد
أن يُغضب قوى الشر، وأصحاب المعتقدات الفاسدة، وطوابير المنافقين حول العالم.لذلك
فقد كان عام 1996م عام فرح وابتهاج للكنيسة على وجه الخصوص؛ فقد هدأت حركة
الداعية، واستراح المحارب العنيد، الذي أحرج الكنيسة، وسحب البساط من تحتها
بمناظراته المُفحمة.
حزنت في ذلك الوقت جماهير المسلمين في كل مكان، لِما أصاب الداعية المنافح عن
عقيدة الإسلام، وهمّ بعض المتحمسين أن يتهموا الموساد أو الاستخبارات الأمريكية،
أو المتعاطفين مع الكنيسة، بدس مادة غريبة لديدات، سببت له الشلل التام، وألزمته
الفراش.
حوادث مشابهة وقعت لعلماء ودعاة ومفكرين، تم السكوت عنها لعدم توافر الأدلة،
والخوف من تهمة نظرية المؤامرة.
فقد عقد قبل سنوات مؤتمر إسلامي في إحدى الدول المتقدمة، شارك فيه عدد من علماء
العالم الإسلامي، وبعد رجوع ثلاثة منهم إلى بلدانهم ظهرت أعراض مرض غامض عليهم،
وقيل وقتها: إن مخابرات إحدى الدول وضعت للعلماء الثلاثة مادة في الطعام، ومات
العلماء الثلاثة، في أوقات متقاربة، - رحمهم الله - تعالى -.
لا أريد أن يفهم من كلامي أني أؤكد فرضية قتل الداعية ديدات، لكني أستطيع أن أؤكد
أن عدداً من العلماء والمفكرين والمعارضين قتلوا بهذه الطريقة، في بعض الدول
العربية والإسلامية.
إن رجلاً عظيماً مثل ديدات - رحمه الله -، يستحق منا أن نقف على كل مراحل حياته،
وأن نستفيد من أسلوبه في الدعوة والمناظرات؛ لأنه في الحقيقة أسس مدرسة فريدة في
الدعوة إلى الله، ودراسة الأديان، وأصول المناظرات.
مما يؤسف له أن الغرب الذي أزعجه ديدات، بمناظراته الشهيرة، كان أكثر اهتماماً به
من بعض الدول الإسلامية؛ لأن الغرب اعتبره ظاهرة خطيرة تستحق الدراسة، فأقامت
الكنيسة قسماً خاصاً لدراسة مناظرات ديدات وكتبه، ومحاولة التشويش عليها، والتقليل
من شأنها بطريقة خبيثة، بعيداً عن الأسلوب العلمي الرصين!
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
==============
(1/253)
(1/254)
كلمة يجب أن تسود ... سنزلزل عرش اليهود
أبو الحارث محمد الدالي
إن الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه
وسلم وبعد:
من المعلوم بالضرورة خطر اليهود على الأمة الإسلامية منذ مئات السنين وسطر القرآن
آيات كثيرة تدل على خطرهم وخبثهم وحقارتهم وكشف لنا أساليبهم وألاعيبهم الدنيئة.
يكفي قول الله فيهم {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى
تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ
أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن
وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} (120) سورة البقرة
هذا أعلى ما يتمنوه ولن يكون ذلك بإذن الله.
وحربهم التي يشنوها على أمتنا بعد أن خدروها بالإعلام وبالتضليل وبكل الأساليب
المتطورة والتي تسببت في تغييب شبابنا عن الجادة وعن طريق الحق وطريق الهداية إنما
يقصدون من ورائها أن تلغى من عقولنا وقلوبنا (لا إله إلا الله محمدا رسول الله)
والدليل على ذلك ما يحدث في فلسطين والتي نسأل الله - تعالى -أن يردها كاملة إلى
الإسلام والمسلمين وما يقترفونه في الأقصى الشريف كل هذا لأنهم يحاربون هذه
الشهادة العظيمة التي هي مفتاح السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة فصوروا لنا
أنهم أبناء الله وأحباؤه ورد الله عليهم {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى
نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم
بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ} (18) سورة المائدة
ثم انتقلوا إلى أن يقولوا {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ
النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ
يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى
يُؤْفَكُونَ} (30) سورة التوبة
فلم يجدوا مفرا من ذلك وعلموا أن الله عظيم في قلوب المؤمنين فدخلوا من باب القلوب
وأفسدوها بفتن الدنيا من النساء والمال وهم يعلمون أن أعظم فتنة فتنة النساء وفتنة
المال فلما أفسدوا القلوب إلا من رحم الله استطاعوا أن يملؤوها بما يشاؤون ولا حول
ولاقوة إلا بالله وزلزلوا كلمة التوحيد من صدور كثير من المسلمين إلى أنك تسأل بعض
الناس عن معنى (لا إله إلا الله) لا يعرفها وإذا عرفها لم يعمل بها وكله انشغال
بالدنيا الفانية.
هل نسينا مخططات اليهود: -
نعم فهل غاب عن بالنا أنهم قتلوا 400 نبي؟!!!
وهل غاب عن بالنا أنهم حرفوا الكتب السماوية؟!!!
وهل يغيب عن بالنا خدعة هيكل سليمان المزعوم؟!!!
وهل يغيب عن بالنا ما يفعلوه من إعلانات لأبنائهم في الغرب للقدوم إلى فلسطين؟!!!
وهل يغيب عن بالنا آباؤنا الذين شردوا في عام 48؟!!!
وهل يغيب عن بالنا آباؤنا الذين شردوا في عام 67؟!!!
أم هل غاب عن الأمة ما يقترفونه بزعم الاتفاقيات التي انجررنا وراءها؟!!!
كل هذا وأكثر منه من قتل وتخريب ويتم واغتصاب واحتلال...... إلخ
اللهم إليك المشتكى وعليك توكلنا ولا حول ولا قوة إلا بك
إن الهيكل الذي يدعونه لا يريدون من ورائه إلى إسقاط المسجد الأقصى بزعم أنهم
يبحثون عن ذلك الهيكل والأمر كله خديعة وهو مما استجده أبناء القردة والخنازير
عليهم لعائن الله تترى.
ولكن لن نلومهم ولكننا نلوم أنفسنا وأمتنا فهل أمتنا تصدق هذه الافتراءات؟
وهل تناسينا ترويجهم ودعاويهم لأبنائهم وتحريفهم لكتب الله وإدخال عباراتهم التي
من صنعهم حتى يرحلوا أبناءهم إلى فلسطين بدعوى أن من دفن فيها فله وله وله......
إلخ
وإلى آخر هذه الدعاوى والافتراءات التي تبكي العيون والقلوب حسرة على حالنا الصعب.
إخوتاه: إن سبب التكلم في هذه القضية ليست تهييج الشباب إلى الهلاك وليست الحماسة
الفارغة إنما هذه القضية قضية قرآنية عظيمة محكمة فيها يعرف حال المسلمين أهم
الأقوى أم الضعفاء.
بمعنى أن فلسطين والقدس بالتحديد هي معيار الأمة الحقيقي ودرجة حرارة الأمة تقاس
بالقدس فإن كانت مع المسلمين كما كان في عهد عمر ابن الخطاب رضي الله - تعالى -عنه
فذلك ان الإسلام بخير وأن أهله على الحق وأنهم متحدون.
وأما إن كان غير ذلك فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وسبب أن الله أذن لعمر - رضي الله عنه - ولم يأذن لرسوله صلى الله عليه وسلم
بتحرير الأقصى حتى لا يأتي من يقول بعد ذلك أن الفتح كان في عهد رسول الله ولا
يمكن لأحد غيره.
كذلك الحال في عهد صلاح الدين الأيوبي - رحمه الله تعالى -وأسكنه فسيح جناته.
بعد هذا العرض هل هناك حلا؟
في كل آيات القرآن تجد أن الله - سبحانه وتعالى - يعظم المعصية حتى نخاف فعلها ثم
تجده - سبحانه وتعالى - يعطينا الحل ويعطينا المخرج لأنه غفور رحيم ولأن هذا
القرآن هو دليلنا الذي ينير لنا الطريق فنهتدي باتباعه.
(1/255)
والحل الوحيد هو أن تنفض الأمة الغبار الذي عليها من ضعف ووهن وخوف وفرقة وأن
توحد ربها كي يوحد - سبحانه - صفها ضد عدوها ثم تقول ولو مرة واحدة في وجه هذا
العدو الخبيث الذي سب الله بكلام حقير حيث قالوا {لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ
الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا
قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ
الْحَرِيقِ} (181) سورة آل عمران
تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ونسأل الله أن يعاملهم بما هم أهله والمقصد أن
الأمة تقول لهم (سنزلزل عرش اليهود) لكن بأسلوب جديد وهو أسلوب العزة وبلون جديد
هو لون الدم فما أخذ بالدم لا يرجع إلا بالدم وبشكل جديد وهو الجهاد في سبيل الله
وبقوة جديدة وهي صحوة شباب الأمة
بعدها يحل فينا قوله - تعالى -{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا
اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (7) سورة محمد
اللهم إنا نسألك أن نكون ممن ينصرونك حتى تنصرنا وتثبت أقدامنا
كلمة أخيرة: -
يا شباب الأمة، يا دعاة الأمة، يا علماء الأمة، يا أولياء الأمور...
بالله عليكم لا تعطوا القضية ظهوركم
وأروا الله من أنفسكم خيرا فالشر قد كثر والخير قد انطمس
والدين له حق علينا فاستعينوا بالله وتوكلوا
{إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ
لِلْمُتَّقِينَ} (128) سورة الأعراف
نداء خاص: -
يا أهل فلسطين: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن
كُنتُم مُّؤْمِنِينَ *إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ
مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ
الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ
الظَّالِمِينَ} (140) سورة آل عمران
قصيدة يا قدس أهديها لكم وهي للشاعر عبد الرحمن العشماوي: -
وفد اليهود أمامهم أحقادهم *** ووراءهم تتحفَّرُ الصُّلبان
أوَ لم يقل عبدالعزيز، وذهنُه *** متوقدٌ، ولرأيه رُجْحَانُ
وحُسام توحيد الجزيرة لم يزلْ *** رَطْباً، يفوح بمسكه الميدانُ
في حينها نَفضَ الغُبارَ وسجَّلَتْ *** عَزَماتِه الدَّهناءُ والصُّمَّانُ
أوَ لم يَقُلْ، وهو الخبيرُ وإِنما *** بالخبرةِ العُظْمى يقوم كيانُُ
مُدُّوا يدَ البَذْلِ الصحيحةَ وادعموا *** شعبَ الإِباءَ فإنهم فُرْسَانُ
شَعْبٌ، فلسطينُ العزيزةُ أَنبتتْ *** فيه الإباءَ فلم يُصبْه هَوانُ
شَعْبٌ إذا ذُكر الفداءُ بَدا له *** عَزْمٌ ورأيٌ ثاقبٌ وسنانُ
شعبٌ إذا اشتدَّتْ عليه مُصيبةٌ *** فالخاسرانِ اليأسُ والُخذلاُن
لا تُخرجوهم من مَكامنِ أرضهم *** فخروجُهم من أرضهم خُسران
هي حكمةٌ بدويَّة ما أدركتْ *** أَبعادَها في حينها الأَذهانُ
يا قُدْسُ لا تَأْسَي ففي أجفاننا *** ظلُّ الحبيبِ، وفي القلوبِ جِنانُ
مَنْ يخدم الحرمين يأَنَفُ أنْ يرى *** أقصاكِ في صَلَفِ اليَهودِ يُهانُ
يا قُدسُ صبراً فانتصاركِ قادمٌ *** واللِّصُّ يا بَلَدَ الفداءِ جَبَانُ
حَجَرُ الصغير رسالةٌ نُقِلَتْ على *** ثغر الشُّموخ فأصغت الأكوانُ
ياقدسُ، وانبثق الضياء وغرَّدتْ *** أَطيارُها وتأنَّقَ البستانُ
يا قدس، والتفتتْ إِليَّ وأقسمتْ *** وبربنا لا تحنَثُ الأَيمانُ
واللّهِ لن يجتازَ بي بحرَ الأسى *** إلاَّ قلوبٌ زادُها القرآنُ
وفي الختام أشكر أخي أبا عبد الرحمن على حسن النصح والمعاونة
http://www.saaid.net المصدر:
===============
(1/256)
(1/257)
حواف النهر
د. محمد بن سعود البشر
لا يزال أصحاب الفكر الليبرالي والسائرون في ركبه، من الرموز والتلاميذ، يتنادون
للتأثير في المجتمع بأساليب شتى، وطرائق عدة، يحاولون إيهام المجتمع بأنهم كثر،
وسوادهم كبير.. يزعمون أنهم يمثلون "تيارًا" لم يعد بالإمكان التقليل من
حجمه أو التوهم بعدم وجوده.
نلحظ ذلك في المنتديات الثقافية، في القنوات التلفازيّة الحكومية والخاصة، وفي
الصحافة اليومية.. يعلو صراخهم في هذه الوسائل ليسجلوا حضورًا فكريًا وإعلاميًا
وثقافيًا يلفت الأنظار، وتعجب لجلدهم في الترتيب والتنسيق لهذه الغاية بالليل
والنهار.. يعزفون على جراح الأمة بدعوى الوطنيّة. وينالون من ثوابت الدين باسم
التسامح والاعتدال والوسطيّة.. يفعلون ذلك وهم الغلاة المارقون.. حتى ليكاد أحدهم
أن يفرط من منظومة القيم، وأن ينسلخ من الثوابت بدعوى محاربة التطرف والتخلف
والأحادية والإقصاء..
مثل رموز هؤلاء والمجتمع كمثل الطفيليات التي تكثر على حواف النهر.. وأفراخهم كمثل
اليرقات التي تحاول أن تكبر وتتكاثر وتصرخ ليظن الواهمون أنهم يمثلون
"تيارًا" لا يجوز تجاوزه.. أو رقمًا في المعادلة الفكرية لا يمكن
تجاهله.. بيد أن هذه الطفيليات واليرقات التي تقتات من الطحالب القذرة على حواف
النهر التي استنبتها هؤلاء العملاء أو قذف الأجنبي ببذورها علينا عبر فضاءات
السماء لا يمكن أن تحيل الماء الطهور نجسًا.
لا نزعم أن مجتمعنا ملائكي، منزّه عن الأخطاء، ساكن لا يعرف التغيير، أو جامد لا
يقبل التطوير.. بل نجزم أن معطيات الواقع تفرض انتفاضة شاملة باتجاه الحراك
الحضاري للحاق بركب العصر، ومتغيرات الحاضر والمستقبل، لكننا في الوقت نفسه ندرك
أن هذه الانتفاضة، وذلك الحراك لابد أن يَتِمّا وفق منظومة القيم التي نؤمن بها،
آخذَيْن بشروط النهوض الحضاري التي تحددها ثوابت ديننا، ومعايير مجتمعنا، وملامح
ثقافتنا. ولذلك فإننا نرفض أن تقود هذه الشرذمة القليلة الركب، أو أن تأخذ بخطام
الأمة لتقودها إلى التهلكة تحت مظلة المدنية المزعومة، أو بدعاوي محاكاة الآخر
ومسايرته كشرط للتقدم المدّعى.
عبثًا تحاول هذه الزمرة أن يكون لها وجود، ولابد يومًا أن تصحو على لحظات فنائها،
فهي نبتة خبيثة على حواف نهر جارٍ، يتدفق بصفاء الفطرة، وحماسة التدين، وإن وعي
الغيورين، وجدّ النابهين، وجلد المخلصين كفيل بتعجيل لحظات الفناء..سنراهم غدًا
تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت..وما ظلمهم الناس ولكن أنفسهم يظلمون.
3/12/1426
03/01/2006
http://www.islamtoday.net المصدر:
===============
(1/258)
(1/259)
اللغة العربية وقضية التخلف (1من 4)
بقلم: د. حلمي محمد القاعود
(1)
في أواسط أغسطس 2004م، شاركت في برنامج تلفازي يبثّ على الهواء حول المظاهرة التي
قادها "شريف الشوباشي"، وكيل وزارة الثقافة ورئيس مهرجان القاهرة
السينمائي الدولي، والصحفي بجريدة "الأهرام"، وهي المظاهرة التي هتف
فيها بسقوط "سيبويه" عالم اللغة العربية الأشهر، من أجل تطوير اللغة
العربية وتقدم العرب! وقد أحسست من خلال المداخلات والمشاركات التي كان
"الشوباشي" طرفاً فيها، أن الموضوع بدا مظاهرة، ولكنه لم ينته بعد،
وأظنه لن ينتهي لأسباب، منها:
أن توقيت طرحه جاء موازياً أو مواكباً لدعوات أخرى اتخذت شكل أحزاب جديدة أعلن
عنها البعض ترفض عروبة مصر، واللغة العربية، وتدعو إلى بعث الهيروغليفية، بوصفها
أساس العامية المصرية الجارية الآن.
أن إثارة الموضوع من خلال حفاوة شبه رسمية، سواء من الناشر الذي أبرز صورة المؤلف
على غلاف الدعوة على غير العادة، وأبرز الهتاف بسقوط سيبويه من خلال بنط كبير
للغاية، أو من خلال بعض الصحف والكتاب الذين روَّجوا للموضوع، ثم تجييش بعض
البرامج الإذاعية والتلفازية لتقديم "الدعوة" بوصفها تصب في سياق ما يسمى
بالتنوير، يعني أن الأمر ليس بسيطاً ولا هيناً، وليس مجرد رأي شخصي قد يحالفه
التوفيق أو لا.
أن التركيز على تعليق جريمة التخلف العربي في رقبة اللغة العربية، وتجاوز الأسباب
الحقيقية لهذا التخلف، يشي بأن المقصود هو صرف الأنظار عما يجري للأمة من هوان
ومذلة وانهيار، والوقوف على قضية ذات مستوى علمي تخصصي بمنهج دعائي بعيد كل البعد
عن المعالجة العلمية والمنهجية لمشكلة نتجت عن التخلف العربي، ولم تكن سبباً فيه
بحال من الأحوال.
أن هذه الدعوة قديمة قدم النهضة الحديثة، فقد بدأت في الربع الأخير من القرن
التاسع عشر الميلادي، وقادها بعض الأجانب الذين رأوا في اللغة العربية عائقاً أمام
أطماع الغرب الاستعماري في تحقيق التبعية والتغريب، فنشروا آراءهم التي يعيد
إنتاجها "الشوباشي" بعد قرن وربع قرن من الزمان، ومن هؤلاء اللورد جراي،
واللورد كرومر، وخليفته دانلوب، والسير ويليام ويلكوكس، والمستر ويلمور.. وسنعود
بعد قليل إلى عرض بعض آرائهم بإيجاز مع آراء بعض المصريين والشوام الذين شايعوهم،
لنرى مدى الاتفاق والاختلاف مع "دعوة" الشوباشي التي قدمها من خلال
تظاهرته وهتافه وبسقوط سيبويه.
(2)
يقول "شريف الشوباشي" في كتابه "لتحيا اللغة العربية: يسقط سيبويه"
الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2004م، ص 166:
"وبعيد عن ذهني تماماً أن أدعو إلى تطوير جذري يقضي على أسس اللغة العربية،
فمثل هذا التطوير يقطعنا عن تراثنا وثقافتنا، وهو مرفوض تماماً بالنسبة لي. فنحن
العرب أصحاب ثقافة من أهم الثقافات الإنسانية، ومن الجنون التفريط في هذه الكنوز
التي تركها لنا السلف.
والمطلوب هو العمل على تطوير اللغة بجرأة، ولكن دون نسف الأسس التي قامت عليها
والحفاظ على الشكل والقواعد الأساسية التي وضعها السلف. وأعلم أن أي تطوير للغة
يمسّ جوهرها هو خوض في بحر غريق. لكن عبور هذا البحر هو سبيل الخلاص للعقل العربي
وإنقاذه من الحلقة المفرغة التي يدور فيها منذ عدة قرون".
ومع هذا التناقض الذي تحمله دعوة الشوباشي إلى "التطوير" الجذري دون نسف
الأسس والثوابت، فإنه يصرّ على وصم اللغة العربية بالتعقيد والصعوبة، والقيد الذي
يكبل العقل العربي ويغل طاقات العرب الخلاَّقة والإسار الذي يخنق الأفكار ويلجمها
"وهي تسهم للأسف في حرماننا من الانطلاق إلى الآفاق الرحبة التي يفتحها العلم
الحديث ووسائل المعيشة المواكبة للتطور العلمي. وباختصار فإن اللغة أصبحت سجناً
يُحبس العقل العربي بين جدرانه الحديدية بإرادته المستكينة" (ص13)، ثم إنه
يرى في رسوخ اللغة واستمرارها جموداً وتحجراً ينعكسان سلباً على العقل العربي،
ويقول: "فأنا أعتبر أن اللغة هي إحدى عناصر تخلف العالم العربي، وأن تحجر
البعض في تناول قضية اللغة من أسباب عملية إجهاض النهضة" (ص15)، أيضاً، فإنه
يطالب بإعادة النظر في القواعد الأساسية للغتنا لتصبح أداة فعالة لتفجير طاقات
العقل العربي المحتبسة في هيكل اللغة المقدس(!)، وزعم أنه على ثقة من أنه يترجم
المشاعر الدفينة في نفوس ملايين العرب وهو يهتف قائلاً: يسقط سيبويه!
ويقول ما فحواه: إن المجتمعات المتقدمة ليست على استعداد لإضاعة وقتها الثمين في
الكلمات الرنانة الفارغة من أي محتوى، وفي القواعد المعقدة والجناس والطباق
والمقابلة والاستعارة المكنية وغير المكنية وما شابه ذلك من محسنات بديعية (ص14).
ويهدد الأمة بأنه إذا لم تجدد اللغة العربية نفسها فتبقى دائماً لغة العرب
المشتركة، أو تتقوقع على نفسها فتواجه خطر الزوال لحساب اللهجات كما حدث للغة
اللاتينية في القرون الوسطى. (ص10)
هذا مجمل الخطوط الرئيسة لدعوى تطوير اللغة العربية التي يراها سبب تخلف العرب
وابتعادهم عن التطور والانطلاق..
(1/260)
وهذه الخطوط بما فيها من تناقض، تعيد إنتاج ما قيل ونشر في أواخر القرن التاسع
عشر الميلادي، فقد قال اللورد "جراي" حين سئل في مجلس العموم البريطاني
عن تعليم اللغة العربية بمصر: "لا تصلح اللغة العربية اليوم لتعليم العلوم إذ
تفتقر إلى الإصلاحات العلمية والفنية".
وقد ألقى السير "ويليام ويلكوكس" خطبة في نادي الأزبكية عام 1893م
عنوانها: "لِمَ لم توجد قوة الاختراع لدى المصريين؟"، وذكر أن العامل
الأكبر في فقد قوة الاختراع لديهم هو استخدام العربية الفصحى في القراءة والكتابة،
ونصحهم باتخاذ العامية أداة للتعبير الأدبي، اقتداء بالأمم الأخرى واستشهد بالأمة
الإنجليزية، وقال: إنها أفادت فائدة كبيرة منذ هجرت اللاتينية التي كانت لغة
الكتابة والعلم يوماً ما.
لقد اتخذ "ويلكوكس" من مجلة "الأزهر" التي كان يحررها
"إبراهيم بك مصطفى، في أواخر عام 1892م (وهي غير مجلة الأزهر التي صدرت عن
مشيخة الأزهر فيما بعد وتصدر حتى الآن) منبراً يتهجم فيه على لغة القرآن. ويوحي
إلى المصريين بأنهم ليسوا عرباً ولا صلة لهم ولا للغتهم بالعرب، بل ادعى ما هو
أدهى، إذ زعم أن اللهجة التي يتكلمها المصريون تمت إلى اللغة الفينيقية أو
"البونية" كما سماها، انحدرت إليهم منذ أن كان الهكسوس بمصر، وأنه لا
صلة لها بالعربية، ونشر ذلك من خلال براهين مضحكة في كتابه "سورية ومصر وشمال
إفريقية ومالطة تتكلم البونية لا العربية" الذي ظهر عام 1926م، وفيه عدّد
الصعوبات التي يجدها المصريون في تعلمهم اللغة العربية. وقد حاول أن يدعم آراءه
الغريبة بالتأليف بالعامية، كما ترجم بها قطعاً من بعض روايات شكسبير، وبعض فصول
من الإنجيل، فجاءت الترجمة سخيفة ركيكة، أساءت إلى شكسبير والإنجيل معاً، وفي
كتابه الذي ألفه بالعامية تحت عنوان: "الأكل والإيمان"، فخانته العامية،
ولجأ في كثير من تعابيره إلى الفصحى لتمده بالكلمة الصحيحة.
وفي عام 1901م، أصدر "مستر ويلمور" أحد قضاة مصر كتاباً تناول فيه هذه
المسألة، ونصح المصريين بهجر اللغة الفصحى، واتخاذ العامية أداة للتعبير والكتابة،
وقد أثار الكتاب ردود فعل عنيفة، وتصدَّى له العديد من الكتاب، وكانت مجلة
"الهلال" ميدان هذه المعركة، حيث أيَّدت العربية ودافعت عنها (راجع
السنة العاشرة من الهلال وخاصة عدد فبراير 1903م).
وقد تابع عدد من المصريين هؤلاء الأجانب في الدعوة إلى التخلص من الفصحى بوصفها
حائلاً بين المصريين والتقدم، وقد حاول "إسكندر معلوف" من سورية، أن
يوهم جمهور المصريين بأن اللغة العربية الفصحى من أهم أسباب تأخرهم وأثنى على
اللغة الإنجليزية، وطالب بأن تكتب الصحف والمجلات بالعامية بدلاً من الفصحى،
وتدوين العلوم والآداب بالعامية ليستطيع الشعب تحصيل العلوم بسهولة.
أما "سلامة موسى" فقد أثنى على "ويلكوكس" ودعوته إلى العامية،
وزعم أنه شغلته هموم مصر كثيراً، وأقضت مضجعه! وأكد دعوة الرجل إلى العامية، واتهم
الفصحى بالعجز عن تأدية الرسالة الأدبية والعلمية. كما زعم أن الفصحى تبعثر
وطنيتنا وتجعلها شائعة في القومية العربية(!!) (لمزيد من التفاصيل راجع: عمر
الدسوقي، في الأدب الحديث، ج2، الفصل الأول).
===============
(1/261)
(1/262)
اللغة العربية وقضية
التخلف ( 2- 4 )
حلمي محمد القاعود
يتفق "الشوباشي"، مع هؤلاء الأجانب والعرب في أن الفصحى هي سبب تخلفنا،
وأنها تحول بيننا وبين الرقيّ لما فيها من صعوبات وتعقيدات، واختلف معهم في أنه لم
يدع إلى العامية صراحة، وإن كان قد دعا إلى ما يقود إليها، في نهاية المطاف.
لقد طالب بإلغاء المثنى ونون النسوة والمفعول به والتمييز وعدم استخدام التشكيل،
كما طالب بإلغاء البلاغة العربية والمحسنات البديعية، ورأى أن كلمة
"إللَّي" بالعامية تنوب عن اسمي الموصول: الذين واللائي!
ما طالب به الشوباشي، هو "كل" خطته لتطوير اللغة العربية، وهي خطة غير
علمية وغير منهجية لأنه في الوقت الذي طالب فيه بإلغاء بعض المفردات النحوية، لم
يقل لنا شيئاً عن مصير بقية المفردات، وكيف سيكون مصير الفعل والفاعل والمبتدأ
والخبر، والمثنى والجمع، والحال والصفة، والبدل وعطف البيان؟ إنه لم يتكلم عن ذلك
أبداً لأنه يعلم أن بداية تحقيق مطلبه، تعني عملياً استخدام العامية، وانتهاء
الفصحى، بل انتهاء العربية تماماً.
وقد كان هنالك سؤال وجيه لم يجب عنه "الشوباشي" في كتابه ولا في
المداخلات الإعلامية أو الصحفية، هذا السؤال يقول: كيف نقرأ القرآن الكريم بعد
تنفيذ مطالبه؟ ثم ما مصير المثنى وجمع المؤنث والمفعول والتمييز واسم الموصول؟ ثم
من الذي سيقرأ القرآن الكريم والتراث بعد سيادة العامية في الكتابة والقراءة
والحديث اليومي؟
إن تشخيص مشكلة التخلف في بلادنا العربية من خلال اتهام اللغة العربية بأنها السبب
الأساسي الذي يمنع العرب من الإبداع، ويحول بينهم وبين التقدم، هو تشخيص خاطئ وغير
سليم، كما أن تطوير الفصحى إلى العامية هو تطوير غير سليم أيضاً، ولا يمثل وعياً
حقيقياً بحقيقة مشكلات اللغة العربية، فضلاً عن مشكلات الوطن والأمة، حتى إن
ادّعينا احترام اللغة والحرص عليها والخوف من زوالها ومحوها.
إن التخلف في بلادنا العربية له أسبابه المعروفة التي يعرفها كل من له أدنى علاقة
بالفكر والثقافة، وتتمثل في غياب الحرية والعدل والمساواة والكرامة وتقدير العلم
والعلماء. إن العبيد والمظلومين والمقهوري
الدبلوماسية التي سلمها وزير الخارجية اليوناني للسفير العراقي... قائمة
الدبلوماسيين غير المرغوب في بقائهم فوق الأراضي اليونانية، علماً أن صديقي لم يكن
في يوم من الأيام دبلوماسياً.. لا عراقياً ولا فلسطينيا ً. لكنها الديمقراطية
اليونانية التي تمثّل وجهاً من وجوه الديمقراطية الغربية التي تعمل على وضع العربي
في القالب الذي تريد وتهوى.. المهم أن يتشكل ذلك ويتواءم مع آليات ومتطلبات تلك
الديمقراطية البائسة. وصل صديقي إلى لبيبا مع انفراط عقد مظاهرة المليون التي
تصدرها في 19 يناير/ كانون الثاني 1991 في طرابلس العقيد معمر القذافي تأييداً
للعراق ورفضاً للحرب ضده. وصل وأحسنت وفادته وضيافته. أيام قلائل بعدها انتقل إلى
تونس للالتحاق بأبناء جلدته الذين كانوا ما يزالون في تونس كواحدة من المنافي
الفلسطينية. هناك عرف أن مئات بل آلاف العرب جُلهم من الفلسطينيين ممن حملوا الفكر
القومي العربي قد سبقوه إليها مُرحلين من اليونان وبلدان غربية
"ديمقراطية" أخرى كثيرة، لا لسببٍ إلا لأن الفكر القومي العربي يتعارض
بل ويتصادم مع متطلبات الديمقراطية الغربية ذات "المحاسن والمزايا"
العديدة التي يريدون تصديرها للوطن العربي، بل فرضها عليه فرضاً.
هي حكاية العربي مع ديمقراطية "الحرباء" الغربية!!
حكاية صديقي مع "الديمقراطية" الغربية التي ما تزال تؤرق جفونه وتقض
مضاجعه وتُنغص أحلامه حتى أحلام اليقظة منها، والتي ما يزال طعمها تحت أسنانه حتى
اليوم، هي حكاية عشرات ألوف بل مئات ألوف العرب عامة والفلسطينيين خاصة قبل 11
سبتمبر/أيلول 2001. أما حكايات بل مآسي عشرات ألوف بل مئات ألوف العرب عامة
والفلسطينيين خاصة بعد ذلك التاريخ مع تلك الديمقراطية، فهي أدهى وأمر وأكثر
إيلاماً. وإذا كانت الكرامة والإرادة والروح العربية قد تعرضت للإذلال والمهانة
قبل ذلك التاريخ، فهي معرضة الآن للقتل والفتك والإبادة. هذا إذا قُدّر لإسرائيل
أن تحافظ على استئثارها أو تستأثر أكثر فأكثر بملف السياسة الغربية وبالأخص
الأميركية في الوطن العربي. وكذا الحال مع الديمقراطية الغربية وبالأخص الأميركية،
وهي بيت قصيدنا الآن. فهذه الديمقراطية التي كانت مضرب مثل في العقود الأخيرة من
القرن الماضي ومغناطيساً يجذب الناس وبالأخص في العالم الثالث إليها، فقدت بريقها
مع بداية العقد الأخير من ذلك القرن وأصبحت بلا جاذبية تُذكر. فهي بعد 11 سبتمبر/
أيلول 2001 تحوّلت إلى "حرباء" تتلوّن وفقاً للظروف وضرورات السياسة
الاستعمارية - الاستيطانية التوسعية الجديدة. إنها الديمقراطية التي (تارة تأخذ
لغة الدفاع عن حقوق الإنسان كما هو الحال في الصين، وتارة أخرى تأخذ لغة مكافحة
الإرهاب والدفاع عن حقوق المرأة كما هو الحال في أفغانستان، وتارة ثالثة تأخذ لغة
مصادرة أسلحة الدمار الشامل لتدميرها لخطرها على السلم والاستقرار والأمن في
العالم كما هو الحال في العراق، وتارة رابعة تأخذ لغة الدعوة إلى تطوير الأنظمة
وتغيير بنيتها لتنتج ثقافة التسامح بدلاً من إنتاج ثقافة أصولية تشكل تربة
"خصبة" للإرهاب كما. وقبل هذه مجتمعة "لا ننسى وجه هذه
الديمقراطية" المكشر عن أنيابه في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ترى إلى متى
سيستمر العرب على ما هم عليه من استكانة واستسلام مهينين لهجمة "الديمقراطية"
الغربية وبالأخص الأميركية؟!
kawashmahmoud@yahoo.co.uk
http://al-shaab.o r g المصدر :
=============
(1/245)
(1/246)
الحركة النسوية من المساواة إلي الجندر ..
دراسة نقدية إسلامية
قدم الباحث ا.مثنى أمين الكردستاني: دراسة هي الأولى من نوعها في العالم الإسلامي
تناولت بالدراسة والتحليل أهم أفكار الحركة الأنثوية (feminism)،
التي باتت تمثل رؤية معرفية وأيديولوجية للعالم وليست مجرد أفكار حقوقية وسياسية
أو اقتصادية عن المرأة، كما تعد الحركة الأنثوية أقوى الحركات الفكرية التي ترعرعت
في ظل العولمة كحركة فكرية تمارس العمل عبر مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات الأمم
المتحدة.
وتبرز خطورة الحركات الأنثوية المتطرفة في تبنيها مجموعة من الآراء والخيارات
تعتبر تهديدا مباشرا لكل الأديان والقيم والحضارات الإنسانية، خاصة أن هذه الأفكار
الأنثوية أصبحت تمثل النسق الفكري للعديد من الوكالات الدولية التابعة للغرب
وللأمم المتحدة التي صاغتها في شكل اتفاقيات دولية مفروضة على كافة المجتمعات دون
التمييز بين البيئات والثقافات المختلفة، بل تفرض ضغوطاً أخرى سياسية في حالة عدم
تطبيقها في دول العالم الأدهى من ذلك أن من يسيطر على تلك المنظمات التابعة للأمم
المتحدة فئات ثلاثة (الشاذون جنسيا-السحاقيات الفيمينست- التمركز حول الأنثى).
وإزاء هذه المخاطر المحدقة على واقع المرأة المسلمة تأتى دراسة (آراء الحركة
الأنثوية الغربية من وجهة نظر إسلامية) للباحث العراقي مثني أمين الكردي والتي نال
عنها درجة الماجستير من جامعة أم درمان الإسلامية بالسودان قسم العقيدة - مؤخرا
لتدق ناقوس الخطر حول مستقبل المرأة المسلمة في ظل سيطرة (الفيمينست) على المجتمع
الدولي في ضوء عولمة القيم
التمركز حول الأنثى:
ويستعرض "مثني" تاريخ ظهور الحركات الأنثوية، الذي يؤرخ بنهاية القرن التاسع
عشر في فرنسا وبريطانيا وأمريكا، حيث بدأت المدرسة الراديكالية المتطرفة في داخل
الحركات النسائية، والتي تتبني نهجا عدائياً اتجاه الرجل وتنظر إلي المرأة مجردة
عن سياقها الاجتماعي وهي في ذلك تتجاوز منطلقات الحركات النسوية المعتدلة (حركات
تحرير المرأة).
ومن الجدير بالذكر أن الحركة الأنثوية بدأت متطلباتها التي تطورت في منتصف 1989 م حول توسع فرص التعليم
والمساواة القانونية، وحقوق المرأة الضائعة، ولسوء أوضاع المرأة في الغرب عامة في
تلك الفترة ومع تطور الثورة الصناعية في المجتمعات الغربية، ونظراً لحاجة المصانع
لمجهود المرأة، تبنت الحركة الأنثوية أفكاراً اكثر تحرراً وحطمت كافة القيود
الأخلاقية والاجتماعية المحيطة بالمرأة، وتبنت متطلباتها حق المرأة المطلق في
ممارسة الجنس كما تشتهي، ورفض مؤسسة الزواج كما تبنت الحق المطلق في الإجهاض.
تبنت تلك المدرسة أمثال: (سيمون دي بوفوار) التي تقول: "لا يولد المرء امرأة،
بل يصير كذلك"
إزاء هذه الأفكار طالبت الأنثوية برفض أوضاع المرأة المرتبطة بتركيبها الهرموني،
ومن ثم ضرورة تغيير مجموع العلاقات بين الجنسين داخل الأسرة (الجندر).
ثالوث النسوية:
وإزاء هذا الواقع المرير طالبت الحركة الأنثوية بمبدأ الحركة المطلقة للمرأة ونزع
القداسة عن عقد الزواج والرباط الأسري، والاستخفاف المستمر بعفة المرأة، وأهمية
غشاء البكارة معتبرة أن هذا جزء من الثقافة الذكورية التي ترى في المرأة متاعاً
خاصاً للرجل ورفعت الأنثوية راياتها الثلاث: الإصلاحات الاجتماعية (إلغاء
القوانين)، المطالب السياسية والحب الحر.
كما سعت (الأنثوية) إلي ترسيخ مفاهيمها الاجتماعية، وتبنت مطالب الشذوذ الجنسي في
الأمومة والإنجاب من خلال ابتداع تقسيمات جديدة " الأم البيولوجية.. والأم
الاجتماعية " وروجت لثقافة جديدة تقوم على الإباحية وملكية المرأة لجسدها،
وهو ما أفرز: أمهات غير متزوجات- ترك طفل لمؤسسات التبني- الإجهاض- القضاء على
الأحداث- رفض الحجاب والتستر، بل التوسع في شركات التجميل والزينة وبناء الأسر
اللانمطية (زوجة وثلاثة أزواج)- زوج وزوج- اللواط - السحاق (باعتباره يخلص المرأة
من سيطرة الرجل)
بل الأخطر من ذلك ما سعت إليه الأنثوية من محاولة تغيير وإعادة صياغة اللغة الذي
دفع بعض الكتابات العلمانية المعاصرة إلي الدعوة لإعادة صياغة القرآن الكريم ولفظ
الجلالة بصياغة جديدة تميل إلي المرأة " لماذا لا يكون لفظ الجلالة
مؤنثاً"؟ (!).
الأنثوية وحركات تحرير المرأة العربية:
وبعدما ركبت الأنثوية موجة العولمة عمدت إلى تشويه باقي الثقافات والحضارات الأخرى
فأعلنت حربا شعواء على الإسلام وأحكامه والمرأة المسلمة، ونهجت في ذلك منهجا يقوم
على التشكيك في صحة الدين، والقول بأن الفقه الإسلامي ذكورى، يسوغ سيطرة الرجل على
المرأة والتأكيد على المساواة المطلقة، ونقد نظام الزواج و الأسرة الإسلامية
وتقديم الاجتهاد من مجتهدين غير عالمين بأحكام الإسلام مقابل تقديم الجوائز
المالية والأدبية لهم، أمثال "سعداوي"، و "المرنيسي". وغيرهن،
(1/247)
ويفضل الأنثويون التركيز على مشكلات النساء المسلمات أكثر من مشكلاتهن وهو ما
يهدد أمن المجتمعات الإسلامية التي بدأت تشهد ثمار ما زرعته الأنثوية المتطرفة في
عقل المسلمين والمسلمات من زيادة أعداد مرضى الإيدز، وحملة تقليص عدد المواليد من
خلال تأخير سن الزواج، الذي جلب الزنا بدلا من الزواج، لدرجة أن بعض الدول التي
تتخذ من الإسلام ديناً حرمت تعدد الزوجات، مع السماح بتعدد الخليلات.
دور المنظمات الأهلية:
تشير الدراسة بأن الحركة الأنثوية ركزت على نشاطها في مجالات التعليم والمواثيق
والدساتير الدولية، لتسهيل عملية التغيير الاجتماعي مستغلة في ذلك المنظمات
الدولية والإقليمية والمؤتمرات العالمية.
بهدف الضغط على الدول لإحداث تغييرات في قوانينها الداخلية ويسهم في خطورة الأمر
اتجاه الأمم المتحدة للتعامل مع المنظمات الأهلية مباشرة، بل جعلها رقيبة على
دولها، خصوصاً ما يتعلق بشئون المرأة والطفل، فمثلاً هيئة المعونة الأمريكية تخصص
كل عام ما يزيد على 20 مليون دولار مساعدة للمنظمات الأهلية المصرية بشرط أن يكون
المشروع الممول مقبولا في المنظمة المقدمة للمعونة.
بل امتد الأمر إلي أقصى درجات الضغط التي يمارسها النظام العالمي الجديد، حيث أصبح
من أهم شروط انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي مثلا الاعتراف بالشذوذ الجنسي.
التصور الإسلامي لقضية المرأة:
يعرض د. "مثني" في دراسته للتصور الإسلامي لمجمل قضية المرأة المعاصرة
من خلال تفعيل القواعد الإسلامية التي تقدم البدائل المناسبة، والتي تنطلق من
اعتماد (الحاكمية لله) مرجعية شاملة، وسيادة الشريعة بما تحويه من أحكام المرأة
والمجتمع ككل، وينبني التصور الإسلامي على ضرورة أن تكون الأخلاق والقيم ثابتة
وليست متغيرة كما تفعل الأنثوية التي تشكك وتعبث بكل القيم، كما يركز التصور
الإسلامي على اعتبار الأمومة وظيفة مقدسة خاصة بالمرأة، كما يعلى الإسلام أمر
الفطرة وضرورة مسايرتها، لا لمعاكستها.
كما قيدت الشريعة الإسلامية الحريات، وجعلتها تدور في فلك حفظ مصالح الفرد
والمجتمع، وقد ردت الدراسة على عدة شبهات تثار حول رؤية الإسلام للمرأة مثل:
(القوامة - ونشوز الزوجة).
وتختم الدراسة بمناقشة عامة لوضع المرأة المسلمة، ودورها في بناء المجتمع مطالبا
بضرورة بناء حركات نسائية واعية بمشكلات المرأة المعاصرة، وتدفع بعجلة التنمية
المتكاملة دون تهميش للمرأة، ودون استدراج للمرأة المسلمة إلي متاهات الفكر الغربي
الذي انطلق من واقع ظالم، ليس للمرأة فقط، بل لفئات كثيرة من المجتمع (العبيد-
النساء- السود) لكون أن التربية الإسلامية خصبة بالعدالة والمساواة والتكريم
الإلهي للمرأة والرجل والحيوانات والنبات والبيئة، تقديراً لدور كل منهم في الحياة
المستقرة الكريمة.
15- ذو الحجة-1426 هـ
15- يناير- 2006
http://www.lahaonline.com المصدر:
=============
(1/248)
(1/249)
حرب الحجاب في تونس
رضا عبد الودود
على خطا الغرب وفرنسا تسارع تونس نحو المزيد من التغريب والتقارب مع الغرب على
حساب قيم ومعالم الإسلام، متذرعة بالحرية والخصوصية الثقافية بنهج تطويعي لكل
القيم والمعتقدات في سبيل إحكام السيطرة على المجتمع المسلم الذي صار أكثر تململاً
ورفضاً لمحاولات تهميشه.
وفي هذا الإطار وصف وزير الشؤون الدينية التونسي أبو بكر الأخزوري
الحجاب بـ"الدخيل والنشاز" غير المألوف على المجتمع التونسي، متوعداً
باجتثاث الحجاب وكل المظاهر الإسلامية من لحية وجلباب أبيض في المجتمع التونسي.
وأكد "الأخزوري" في حوار مع صحيفة الصباح اليومية التونسية مؤخراً أن
"الحجاب زي طائفي يخرج من يرتديه عن الوتيرة"، وأنه يرفض أيضاً ارتداء
الرجال للجلباب الأبيض الخليجي الذي يُطلق عليه في تونس "الهركة
البيضاء"، وإطالة اللحية، وقال: إن هذه المظاهر تنبئ عن اتجاه معين-وذلك في
محاولة لتسييس الزي تمهيداً لتجريمه.
يذكر أن السلطات التونسية تحظر على الإناث الدراسة والعمل في المؤسسات العمومية
بالحجاب استناداً إلى قانون صدر سنة 1981 في عهد الرئيس السابق الحبيب بورقيبة
يُعرف "بالمنشور 108" ينعت الحجاب بالزي الطائفي. ومع بدء العام الدراسي
في سبتمبر الماضي شن مسؤولو التعليم في تونس حملة واسعة النطاق لتطبيق القانون
(108). وتم منع الطالبات المتحجبات من دخول المدارس والكليات، وهو ما اضطرهن إلى
تغيير شكل حجابهن حتى يوفّقن بين الدراسة والتمسك بالحجاب. كما منعت إحدى المحجبات
من إجراء عملية ولادة في إحدى المستشفيات الحكومية التي رفضت مجرد التعامل معها
حتى تخلع حجابها في صورة لا إنسانية، لا يطيقها حتى عتاة التغريب في فرنسا أو
أوروبا، ومع ذلك ترفض السلطات التونسية التهم الموجهة إليها بمحاربة الحجاب أو أي
شكل من أشكال التدين، معتبرة أن ما تقوم به يدخل في باب محاربة ما تصفه
بـ"ملابس دخيلة" على العادات والتقاليد التونسية.
لماذا الحجاب مجدداً؟
ويحمل توقيت إثارة قضية الحجاب في تونس مجدداً على لسان وزير الشؤون الدينية الذي
أثار كافة الأوساط الحقوقية والاجتماعية في تونس وفي المغرب العربي عدد من المغازي
والأهداف السياسية لعل أهمها:
ـ حصر الإسلاميين بعيداً عن المعارضة.
- ضرب جهود التقارب بين التيارات السياسية وقوى المعارضة الإسلامية والقومية
والاشتراكية التي بدا صوتها يرتفع بصورة غير مسبوقة لمعارضة نظام الحكم الاستبدادي
في تونس، وتحاول الحكومة التونسية تسويق رسالة سياسية مفادها "أن الإسلاميين
خطر على المجتمع المدني"، وعلى قوى المعارضة العلمانية الابتعاد عن التيار
الإسلامي.
ولعل كثرة الحديث حول الحجاب في تلك الظروف منذ أن ابتعدت الظاهرة عن التسييس
وباتت تعبيراً حيوياً عما تعتنقه المرأة في تونس من أفكار وقناعات. لعبت ثورة
الاتصالات والفضائيات دوراً كبيراً في إحياء ما حاربته رماح السلطة على مدى عشرية
ونصف، إذ لم تعد النهضة ولا تنظيماتها المدنية محفزاً أو مبشراً بما ارتأته المرأة
في تونس من خيارات وقناعات، ولكن الديكتاتورية الحاكمة عادت لتجد في المسألة
فزّاعة تمزّق بها قميص أي ائتلاف سياسي معارض...
وعلى مستوى أعلى تستهدف تلك الحملة إدخال الدين إلى دائرة الجدل السياسي بعدما
اقتنع الجميع بحرية الاختيار والاعتقاد انطلاقاً من أن المرأة حرة فيما تختار أو
تعتنق من أفكار ومعتقدات، فإذا كانت الأطراف الدينية لا تمارس الوصاية على لابسات
الجينز أو التنورة الفاضحة، ومن ثم فإن خصوم الفكر الإسلامي مطالبون أيضاً
بالاعتراف لها أيضاً بحقها في الاختيار إذا ما اقتنعت بزي ترى فيه معبراً عن
الحشمة أو القناعات الدينية التي تريد الالتزام بها.
- تأتي تلك الحملة الشرسة على الحجاب كأحد المظاهر الإسلامية في إطار حملة أوسع
للحرب على الإسلام، وذلك على حد تعبير الشيخ راشد الغنوشي في تصريحاته مؤخراً مع
قناة الجزيرة؛ إذ أكد أن هذا الموقف من الحجاب ليس جديداً بل هو جزء من الحرب على
الإسلام التي بدأت، كما قال زعيم النهضة، مع دولة الاستقلال بقيادة الرئيس السابق
الحبيب بورقيبة. وأوضح أن منع الحجاب بدأ عام 1981، إلا أن تطبيقه منذ ذلك الوقت
شهد صعوداً و انحداراً حسب الظروف. ومنذ عام 1991، تحول الأمر من حرب على الحركة
الإسلامية التونسية بوصفها حركة سياسية، ليصبح حرباً على الإسلام نفسه، وعلى كل
ممارسة دينية، وتسببت تلك الحرب في هجر آلاف الشباب للمساجد ومنع الحجاب، إضافة
لطرد آلاف الفتيات والعاملات والموظفات، بل حُظر على المحجبات التعامل مع مؤسسات
الدولة لدرجة منع الحوامل من وضع أحمالهن بالمستشفيات حتى يخلعن الحجاب.
وما يؤكد ذلك تصريحات الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في ذكرى إعلان الجمهورية
في 25 يوليو الماضي، على أن الحرب على الحجاب مستمرة، وأنه لا عودة للحجاب الذي
وصفه بالطائفي. وكانت تأكيدات "بن علي" جاءت رداً على نداءات من داخل
تونس وخارجها لإطلاق حرية المرأة في لبس الحجاب.
مغازلة الغرب
(1/250)
وعلى صعيد آخر تبدو تصريحات وزير الشؤون الدينية وحملات الحكومة التونسية
الأخيرة على المناهج الدراسية وتصفيتها لكل ما يمت للإسلام بصلة تحت شعارات
"أكل عليها الزمان وشرب"- من التنوير والإبداع، كرسالة ترغب في توصيلها
لحكومات الغرب بعد أن انفضح أمر الحكومة التونسية أمامها لما تمارسه من تضييق على
الصحفيين والقضاء على هامش الحرية بل والقضاء على المخالفين للنظام بسبل لا
إنسانية، وهو بالتالي يوجه رسالة للقوى الغربية التي بدأت بالضغط عليه من أجل
تحقيق انفراج يتعلق بحقوق الإنسان بتونس. معتقدة أن تحركها ضد ما يسمى
بـ"الأصولية والإرهاب"، قد يوفر لها فرصة لاستعادة رضا الدول الغربية
عنها.
ولعل انتقادات المشاركين في قمة المعلوماتية الأخيرة التي عُقدت بتونس مؤخراً كانت
آخر تلك الانتقادات، ومن ثم جاءت حملة التعبئة والتصعيد ضد الصحوة الإسلامية من
قبل أجهزة الدولة تعبيراً عن استياء النظام من انكشاف صورته أمام المنظمات الدولية
أثناء انعقاد قمة المعلوماتية، وما تعرض له الصحفيون والمعارضون من قمع لفت أنظار
المنظمات الحقوقية والإعلامية الدولية.
وفي النهاية لابد من التأكيد على خطورة منحى السلطات التونسية التي تصر على منهج
الإقصاء سواء لقوى الإسلاميين أو المعارضة التونسية، مما يهدد دورها الحضاري في
صياغة مستقبل تونس السياسي في ضوء من التقارب والتعاضد الوطني إزاء مشروعات
التغريب والشرق أوسطية التي تستهدف حصر الدول العربية والإسلامية في جزر منعزلة عن
بعضها لتسهيل عملية فرض الأجندة الغربية على شعوبها خدمة لمصالح وأهداف غريبة عن
تكوينها الثقافي ومصيرها السياسي... فهل تستمع الإدارة التونسية لصوت العقل بإلغاء
القوانين سيئة السمعة وقانون (108) الخاص بالزي الوطني...
21/12/1426
21/01/2006
http://www.islamtoday.net المصدر:
============
(1/251)
(1/252)
التربص..بالعلماء
محمد الشواف
الشيخ أحمد ديدات عبقري مؤمن، متعمّق بدراسة الأديان، ويدعو إلى الله على بصيرة،
همّه الدعوة للإسلام، والدفاع عن دين الله، ومناصرة المظلومين حول العالم، لا بد
أن يُغضب قوى الشر، وأصحاب المعتقدات الفاسدة، وطوابير المنافقين حول العالم.لذلك
فقد كان عام 1996م عام فرح وابتهاج للكنيسة على وجه الخصوص؛ فقد هدأت حركة
الداعية، واستراح المحارب العنيد، الذي أحرج الكنيسة، وسحب البساط من تحتها
بمناظراته المُفحمة.
حزنت في ذلك الوقت جماهير المسلمين في كل مكان، لِما أصاب الداعية المنافح عن
عقيدة الإسلام، وهمّ بعض المتحمسين أن يتهموا الموساد أو الاستخبارات الأمريكية،
أو المتعاطفين مع الكنيسة، بدس مادة غريبة لديدات، سببت له الشلل التام، وألزمته
الفراش.
حوادث مشابهة وقعت لعلماء ودعاة ومفكرين، تم السكوت عنها لعدم توافر الأدلة،
والخوف من تهمة نظرية المؤامرة.
فقد عقد قبل سنوات مؤتمر إسلامي في إحدى الدول المتقدمة، شارك فيه عدد من علماء
العالم الإسلامي، وبعد رجوع ثلاثة منهم إلى بلدانهم ظهرت أعراض مرض غامض عليهم،
وقيل وقتها: إن مخابرات إحدى الدول وضعت للعلماء الثلاثة مادة في الطعام، ومات
العلماء الثلاثة، في أوقات متقاربة، - رحمهم الله - تعالى -.
لا أريد أن يفهم من كلامي أني أؤكد فرضية قتل الداعية ديدات، لكني أستطيع أن أؤكد
أن عدداً من العلماء والمفكرين والمعارضين قتلوا بهذه الطريقة، في بعض الدول
العربية والإسلامية.
إن رجلاً عظيماً مثل ديدات - رحمه الله -، يستحق منا أن نقف على كل مراحل حياته،
وأن نستفيد من أسلوبه في الدعوة والمناظرات؛ لأنه في الحقيقة أسس مدرسة فريدة في
الدعوة إلى الله، ودراسة الأديان، وأصول المناظرات.
مما يؤسف له أن الغرب الذي أزعجه ديدات، بمناظراته الشهيرة، كان أكثر اهتماماً به
من بعض الدول الإسلامية؛ لأن الغرب اعتبره ظاهرة خطيرة تستحق الدراسة، فأقامت
الكنيسة قسماً خاصاً لدراسة مناظرات ديدات وكتبه، ومحاولة التشويش عليها، والتقليل
من شأنها بطريقة خبيثة، بعيداً عن الأسلوب العلمي الرصين!
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
==============
(1/253)
(1/254)
كلمة يجب أن تسود ... سنزلزل عرش اليهود
أبو الحارث محمد الدالي
إن الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه
وسلم وبعد:
من المعلوم بالضرورة خطر اليهود على الأمة الإسلامية منذ مئات السنين وسطر القرآن
آيات كثيرة تدل على خطرهم وخبثهم وحقارتهم وكشف لنا أساليبهم وألاعيبهم الدنيئة.
يكفي قول الله فيهم {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى
تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ
أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن
وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} (120) سورة البقرة
هذا أعلى ما يتمنوه ولن يكون ذلك بإذن الله.
وحربهم التي يشنوها على أمتنا بعد أن خدروها بالإعلام وبالتضليل وبكل الأساليب
المتطورة والتي تسببت في تغييب شبابنا عن الجادة وعن طريق الحق وطريق الهداية إنما
يقصدون من ورائها أن تلغى من عقولنا وقلوبنا (لا إله إلا الله محمدا رسول الله)
والدليل على ذلك ما يحدث في فلسطين والتي نسأل الله - تعالى -أن يردها كاملة إلى
الإسلام والمسلمين وما يقترفونه في الأقصى الشريف كل هذا لأنهم يحاربون هذه
الشهادة العظيمة التي هي مفتاح السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة فصوروا لنا
أنهم أبناء الله وأحباؤه ورد الله عليهم {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى
نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم
بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ} (18) سورة المائدة
ثم انتقلوا إلى أن يقولوا {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ
النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ
يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى
يُؤْفَكُونَ} (30) سورة التوبة
فلم يجدوا مفرا من ذلك وعلموا أن الله عظيم في قلوب المؤمنين فدخلوا من باب القلوب
وأفسدوها بفتن الدنيا من النساء والمال وهم يعلمون أن أعظم فتنة فتنة النساء وفتنة
المال فلما أفسدوا القلوب إلا من رحم الله استطاعوا أن يملؤوها بما يشاؤون ولا حول
ولاقوة إلا بالله وزلزلوا كلمة التوحيد من صدور كثير من المسلمين إلى أنك تسأل بعض
الناس عن معنى (لا إله إلا الله) لا يعرفها وإذا عرفها لم يعمل بها وكله انشغال
بالدنيا الفانية.
هل نسينا مخططات اليهود: -
نعم فهل غاب عن بالنا أنهم قتلوا 400 نبي؟!!!
وهل غاب عن بالنا أنهم حرفوا الكتب السماوية؟!!!
وهل يغيب عن بالنا خدعة هيكل سليمان المزعوم؟!!!
وهل يغيب عن بالنا ما يفعلوه من إعلانات لأبنائهم في الغرب للقدوم إلى فلسطين؟!!!
وهل يغيب عن بالنا آباؤنا الذين شردوا في عام 48؟!!!
وهل يغيب عن بالنا آباؤنا الذين شردوا في عام 67؟!!!
أم هل غاب عن الأمة ما يقترفونه بزعم الاتفاقيات التي انجررنا وراءها؟!!!
كل هذا وأكثر منه من قتل وتخريب ويتم واغتصاب واحتلال...... إلخ
اللهم إليك المشتكى وعليك توكلنا ولا حول ولا قوة إلا بك
إن الهيكل الذي يدعونه لا يريدون من ورائه إلى إسقاط المسجد الأقصى بزعم أنهم
يبحثون عن ذلك الهيكل والأمر كله خديعة وهو مما استجده أبناء القردة والخنازير
عليهم لعائن الله تترى.
ولكن لن نلومهم ولكننا نلوم أنفسنا وأمتنا فهل أمتنا تصدق هذه الافتراءات؟
وهل تناسينا ترويجهم ودعاويهم لأبنائهم وتحريفهم لكتب الله وإدخال عباراتهم التي
من صنعهم حتى يرحلوا أبناءهم إلى فلسطين بدعوى أن من دفن فيها فله وله وله......
إلخ
وإلى آخر هذه الدعاوى والافتراءات التي تبكي العيون والقلوب حسرة على حالنا الصعب.
إخوتاه: إن سبب التكلم في هذه القضية ليست تهييج الشباب إلى الهلاك وليست الحماسة
الفارغة إنما هذه القضية قضية قرآنية عظيمة محكمة فيها يعرف حال المسلمين أهم
الأقوى أم الضعفاء.
بمعنى أن فلسطين والقدس بالتحديد هي معيار الأمة الحقيقي ودرجة حرارة الأمة تقاس
بالقدس فإن كانت مع المسلمين كما كان في عهد عمر ابن الخطاب رضي الله - تعالى -عنه
فذلك ان الإسلام بخير وأن أهله على الحق وأنهم متحدون.
وأما إن كان غير ذلك فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وسبب أن الله أذن لعمر - رضي الله عنه - ولم يأذن لرسوله صلى الله عليه وسلم
بتحرير الأقصى حتى لا يأتي من يقول بعد ذلك أن الفتح كان في عهد رسول الله ولا
يمكن لأحد غيره.
كذلك الحال في عهد صلاح الدين الأيوبي - رحمه الله تعالى -وأسكنه فسيح جناته.
بعد هذا العرض هل هناك حلا؟
في كل آيات القرآن تجد أن الله - سبحانه وتعالى - يعظم المعصية حتى نخاف فعلها ثم
تجده - سبحانه وتعالى - يعطينا الحل ويعطينا المخرج لأنه غفور رحيم ولأن هذا
القرآن هو دليلنا الذي ينير لنا الطريق فنهتدي باتباعه.
(1/255)
والحل الوحيد هو أن تنفض الأمة الغبار الذي عليها من ضعف ووهن وخوف وفرقة وأن
توحد ربها كي يوحد - سبحانه - صفها ضد عدوها ثم تقول ولو مرة واحدة في وجه هذا
العدو الخبيث الذي سب الله بكلام حقير حيث قالوا {لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ
الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا
قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ
الْحَرِيقِ} (181) سورة آل عمران
تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ونسأل الله أن يعاملهم بما هم أهله والمقصد أن
الأمة تقول لهم (سنزلزل عرش اليهود) لكن بأسلوب جديد وهو أسلوب العزة وبلون جديد
هو لون الدم فما أخذ بالدم لا يرجع إلا بالدم وبشكل جديد وهو الجهاد في سبيل الله
وبقوة جديدة وهي صحوة شباب الأمة
بعدها يحل فينا قوله - تعالى -{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا
اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (7) سورة محمد
اللهم إنا نسألك أن نكون ممن ينصرونك حتى تنصرنا وتثبت أقدامنا
كلمة أخيرة: -
يا شباب الأمة، يا دعاة الأمة، يا علماء الأمة، يا أولياء الأمور...
بالله عليكم لا تعطوا القضية ظهوركم
وأروا الله من أنفسكم خيرا فالشر قد كثر والخير قد انطمس
والدين له حق علينا فاستعينوا بالله وتوكلوا
{إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ
لِلْمُتَّقِينَ} (128) سورة الأعراف
نداء خاص: -
يا أهل فلسطين: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن
كُنتُم مُّؤْمِنِينَ *إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ
مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ
الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ
الظَّالِمِينَ} (140) سورة آل عمران
قصيدة يا قدس أهديها لكم وهي للشاعر عبد الرحمن العشماوي: -
وفد اليهود أمامهم أحقادهم *** ووراءهم تتحفَّرُ الصُّلبان
أوَ لم يقل عبدالعزيز، وذهنُه *** متوقدٌ، ولرأيه رُجْحَانُ
وحُسام توحيد الجزيرة لم يزلْ *** رَطْباً، يفوح بمسكه الميدانُ
في حينها نَفضَ الغُبارَ وسجَّلَتْ *** عَزَماتِه الدَّهناءُ والصُّمَّانُ
أوَ لم يَقُلْ، وهو الخبيرُ وإِنما *** بالخبرةِ العُظْمى يقوم كيانُُ
مُدُّوا يدَ البَذْلِ الصحيحةَ وادعموا *** شعبَ الإِباءَ فإنهم فُرْسَانُ
شَعْبٌ، فلسطينُ العزيزةُ أَنبتتْ *** فيه الإباءَ فلم يُصبْه هَوانُ
شَعْبٌ إذا ذُكر الفداءُ بَدا له *** عَزْمٌ ورأيٌ ثاقبٌ وسنانُ
شعبٌ إذا اشتدَّتْ عليه مُصيبةٌ *** فالخاسرانِ اليأسُ والُخذلاُن
لا تُخرجوهم من مَكامنِ أرضهم *** فخروجُهم من أرضهم خُسران
هي حكمةٌ بدويَّة ما أدركتْ *** أَبعادَها في حينها الأَذهانُ
يا قُدْسُ لا تَأْسَي ففي أجفاننا *** ظلُّ الحبيبِ، وفي القلوبِ جِنانُ
مَنْ يخدم الحرمين يأَنَفُ أنْ يرى *** أقصاكِ في صَلَفِ اليَهودِ يُهانُ
يا قُدسُ صبراً فانتصاركِ قادمٌ *** واللِّصُّ يا بَلَدَ الفداءِ جَبَانُ
حَجَرُ الصغير رسالةٌ نُقِلَتْ على *** ثغر الشُّموخ فأصغت الأكوانُ
ياقدسُ، وانبثق الضياء وغرَّدتْ *** أَطيارُها وتأنَّقَ البستانُ
يا قدس، والتفتتْ إِليَّ وأقسمتْ *** وبربنا لا تحنَثُ الأَيمانُ
واللّهِ لن يجتازَ بي بحرَ الأسى *** إلاَّ قلوبٌ زادُها القرآنُ
وفي الختام أشكر أخي أبا عبد الرحمن على حسن النصح والمعاونة
http://www.saaid.net المصدر:
===============
(1/256)
(1/257)
حواف النهر
د. محمد بن سعود البشر
لا يزال أصحاب الفكر الليبرالي والسائرون في ركبه، من الرموز والتلاميذ، يتنادون
للتأثير في المجتمع بأساليب شتى، وطرائق عدة، يحاولون إيهام المجتمع بأنهم كثر،
وسوادهم كبير.. يزعمون أنهم يمثلون "تيارًا" لم يعد بالإمكان التقليل من
حجمه أو التوهم بعدم وجوده.
نلحظ ذلك في المنتديات الثقافية، في القنوات التلفازيّة الحكومية والخاصة، وفي
الصحافة اليومية.. يعلو صراخهم في هذه الوسائل ليسجلوا حضورًا فكريًا وإعلاميًا
وثقافيًا يلفت الأنظار، وتعجب لجلدهم في الترتيب والتنسيق لهذه الغاية بالليل
والنهار.. يعزفون على جراح الأمة بدعوى الوطنيّة. وينالون من ثوابت الدين باسم
التسامح والاعتدال والوسطيّة.. يفعلون ذلك وهم الغلاة المارقون.. حتى ليكاد أحدهم
أن يفرط من منظومة القيم، وأن ينسلخ من الثوابت بدعوى محاربة التطرف والتخلف
والأحادية والإقصاء..
مثل رموز هؤلاء والمجتمع كمثل الطفيليات التي تكثر على حواف النهر.. وأفراخهم كمثل
اليرقات التي تحاول أن تكبر وتتكاثر وتصرخ ليظن الواهمون أنهم يمثلون
"تيارًا" لا يجوز تجاوزه.. أو رقمًا في المعادلة الفكرية لا يمكن
تجاهله.. بيد أن هذه الطفيليات واليرقات التي تقتات من الطحالب القذرة على حواف
النهر التي استنبتها هؤلاء العملاء أو قذف الأجنبي ببذورها علينا عبر فضاءات
السماء لا يمكن أن تحيل الماء الطهور نجسًا.
لا نزعم أن مجتمعنا ملائكي، منزّه عن الأخطاء، ساكن لا يعرف التغيير، أو جامد لا
يقبل التطوير.. بل نجزم أن معطيات الواقع تفرض انتفاضة شاملة باتجاه الحراك
الحضاري للحاق بركب العصر، ومتغيرات الحاضر والمستقبل، لكننا في الوقت نفسه ندرك
أن هذه الانتفاضة، وذلك الحراك لابد أن يَتِمّا وفق منظومة القيم التي نؤمن بها،
آخذَيْن بشروط النهوض الحضاري التي تحددها ثوابت ديننا، ومعايير مجتمعنا، وملامح
ثقافتنا. ولذلك فإننا نرفض أن تقود هذه الشرذمة القليلة الركب، أو أن تأخذ بخطام
الأمة لتقودها إلى التهلكة تحت مظلة المدنية المزعومة، أو بدعاوي محاكاة الآخر
ومسايرته كشرط للتقدم المدّعى.
عبثًا تحاول هذه الزمرة أن يكون لها وجود، ولابد يومًا أن تصحو على لحظات فنائها،
فهي نبتة خبيثة على حواف نهر جارٍ، يتدفق بصفاء الفطرة، وحماسة التدين، وإن وعي
الغيورين، وجدّ النابهين، وجلد المخلصين كفيل بتعجيل لحظات الفناء..سنراهم غدًا
تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت..وما ظلمهم الناس ولكن أنفسهم يظلمون.
3/12/1426
03/01/2006
http://www.islamtoday.net المصدر:
===============
(1/258)
(1/259)
اللغة العربية وقضية التخلف (1من 4)
بقلم: د. حلمي محمد القاعود
(1)
في أواسط أغسطس 2004م، شاركت في برنامج تلفازي يبثّ على الهواء حول المظاهرة التي
قادها "شريف الشوباشي"، وكيل وزارة الثقافة ورئيس مهرجان القاهرة
السينمائي الدولي، والصحفي بجريدة "الأهرام"، وهي المظاهرة التي هتف
فيها بسقوط "سيبويه" عالم اللغة العربية الأشهر، من أجل تطوير اللغة
العربية وتقدم العرب! وقد أحسست من خلال المداخلات والمشاركات التي كان
"الشوباشي" طرفاً فيها، أن الموضوع بدا مظاهرة، ولكنه لم ينته بعد،
وأظنه لن ينتهي لأسباب، منها:
أن توقيت طرحه جاء موازياً أو مواكباً لدعوات أخرى اتخذت شكل أحزاب جديدة أعلن
عنها البعض ترفض عروبة مصر، واللغة العربية، وتدعو إلى بعث الهيروغليفية، بوصفها
أساس العامية المصرية الجارية الآن.
أن إثارة الموضوع من خلال حفاوة شبه رسمية، سواء من الناشر الذي أبرز صورة المؤلف
على غلاف الدعوة على غير العادة، وأبرز الهتاف بسقوط سيبويه من خلال بنط كبير
للغاية، أو من خلال بعض الصحف والكتاب الذين روَّجوا للموضوع، ثم تجييش بعض
البرامج الإذاعية والتلفازية لتقديم "الدعوة" بوصفها تصب في سياق ما يسمى
بالتنوير، يعني أن الأمر ليس بسيطاً ولا هيناً، وليس مجرد رأي شخصي قد يحالفه
التوفيق أو لا.
أن التركيز على تعليق جريمة التخلف العربي في رقبة اللغة العربية، وتجاوز الأسباب
الحقيقية لهذا التخلف، يشي بأن المقصود هو صرف الأنظار عما يجري للأمة من هوان
ومذلة وانهيار، والوقوف على قضية ذات مستوى علمي تخصصي بمنهج دعائي بعيد كل البعد
عن المعالجة العلمية والمنهجية لمشكلة نتجت عن التخلف العربي، ولم تكن سبباً فيه
بحال من الأحوال.
أن هذه الدعوة قديمة قدم النهضة الحديثة، فقد بدأت في الربع الأخير من القرن
التاسع عشر الميلادي، وقادها بعض الأجانب الذين رأوا في اللغة العربية عائقاً أمام
أطماع الغرب الاستعماري في تحقيق التبعية والتغريب، فنشروا آراءهم التي يعيد
إنتاجها "الشوباشي" بعد قرن وربع قرن من الزمان، ومن هؤلاء اللورد جراي،
واللورد كرومر، وخليفته دانلوب، والسير ويليام ويلكوكس، والمستر ويلمور.. وسنعود
بعد قليل إلى عرض بعض آرائهم بإيجاز مع آراء بعض المصريين والشوام الذين شايعوهم،
لنرى مدى الاتفاق والاختلاف مع "دعوة" الشوباشي التي قدمها من خلال
تظاهرته وهتافه وبسقوط سيبويه.
(2)
يقول "شريف الشوباشي" في كتابه "لتحيا اللغة العربية: يسقط سيبويه"
الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2004م، ص 166:
"وبعيد عن ذهني تماماً أن أدعو إلى تطوير جذري يقضي على أسس اللغة العربية،
فمثل هذا التطوير يقطعنا عن تراثنا وثقافتنا، وهو مرفوض تماماً بالنسبة لي. فنحن
العرب أصحاب ثقافة من أهم الثقافات الإنسانية، ومن الجنون التفريط في هذه الكنوز
التي تركها لنا السلف.
والمطلوب هو العمل على تطوير اللغة بجرأة، ولكن دون نسف الأسس التي قامت عليها
والحفاظ على الشكل والقواعد الأساسية التي وضعها السلف. وأعلم أن أي تطوير للغة
يمسّ جوهرها هو خوض في بحر غريق. لكن عبور هذا البحر هو سبيل الخلاص للعقل العربي
وإنقاذه من الحلقة المفرغة التي يدور فيها منذ عدة قرون".
ومع هذا التناقض الذي تحمله دعوة الشوباشي إلى "التطوير" الجذري دون نسف
الأسس والثوابت، فإنه يصرّ على وصم اللغة العربية بالتعقيد والصعوبة، والقيد الذي
يكبل العقل العربي ويغل طاقات العرب الخلاَّقة والإسار الذي يخنق الأفكار ويلجمها
"وهي تسهم للأسف في حرماننا من الانطلاق إلى الآفاق الرحبة التي يفتحها العلم
الحديث ووسائل المعيشة المواكبة للتطور العلمي. وباختصار فإن اللغة أصبحت سجناً
يُحبس العقل العربي بين جدرانه الحديدية بإرادته المستكينة" (ص13)، ثم إنه
يرى في رسوخ اللغة واستمرارها جموداً وتحجراً ينعكسان سلباً على العقل العربي،
ويقول: "فأنا أعتبر أن اللغة هي إحدى عناصر تخلف العالم العربي، وأن تحجر
البعض في تناول قضية اللغة من أسباب عملية إجهاض النهضة" (ص15)، أيضاً، فإنه
يطالب بإعادة النظر في القواعد الأساسية للغتنا لتصبح أداة فعالة لتفجير طاقات
العقل العربي المحتبسة في هيكل اللغة المقدس(!)، وزعم أنه على ثقة من أنه يترجم
المشاعر الدفينة في نفوس ملايين العرب وهو يهتف قائلاً: يسقط سيبويه!
ويقول ما فحواه: إن المجتمعات المتقدمة ليست على استعداد لإضاعة وقتها الثمين في
الكلمات الرنانة الفارغة من أي محتوى، وفي القواعد المعقدة والجناس والطباق
والمقابلة والاستعارة المكنية وغير المكنية وما شابه ذلك من محسنات بديعية (ص14).
ويهدد الأمة بأنه إذا لم تجدد اللغة العربية نفسها فتبقى دائماً لغة العرب
المشتركة، أو تتقوقع على نفسها فتواجه خطر الزوال لحساب اللهجات كما حدث للغة
اللاتينية في القرون الوسطى. (ص10)
هذا مجمل الخطوط الرئيسة لدعوى تطوير اللغة العربية التي يراها سبب تخلف العرب
وابتعادهم عن التطور والانطلاق..
(1/260)
وهذه الخطوط بما فيها من تناقض، تعيد إنتاج ما قيل ونشر في أواخر القرن التاسع
عشر الميلادي، فقد قال اللورد "جراي" حين سئل في مجلس العموم البريطاني
عن تعليم اللغة العربية بمصر: "لا تصلح اللغة العربية اليوم لتعليم العلوم إذ
تفتقر إلى الإصلاحات العلمية والفنية".
وقد ألقى السير "ويليام ويلكوكس" خطبة في نادي الأزبكية عام 1893م
عنوانها: "لِمَ لم توجد قوة الاختراع لدى المصريين؟"، وذكر أن العامل
الأكبر في فقد قوة الاختراع لديهم هو استخدام العربية الفصحى في القراءة والكتابة،
ونصحهم باتخاذ العامية أداة للتعبير الأدبي، اقتداء بالأمم الأخرى واستشهد بالأمة
الإنجليزية، وقال: إنها أفادت فائدة كبيرة منذ هجرت اللاتينية التي كانت لغة
الكتابة والعلم يوماً ما.
لقد اتخذ "ويلكوكس" من مجلة "الأزهر" التي كان يحررها
"إبراهيم بك مصطفى، في أواخر عام 1892م (وهي غير مجلة الأزهر التي صدرت عن
مشيخة الأزهر فيما بعد وتصدر حتى الآن) منبراً يتهجم فيه على لغة القرآن. ويوحي
إلى المصريين بأنهم ليسوا عرباً ولا صلة لهم ولا للغتهم بالعرب، بل ادعى ما هو
أدهى، إذ زعم أن اللهجة التي يتكلمها المصريون تمت إلى اللغة الفينيقية أو
"البونية" كما سماها، انحدرت إليهم منذ أن كان الهكسوس بمصر، وأنه لا
صلة لها بالعربية، ونشر ذلك من خلال براهين مضحكة في كتابه "سورية ومصر وشمال
إفريقية ومالطة تتكلم البونية لا العربية" الذي ظهر عام 1926م، وفيه عدّد
الصعوبات التي يجدها المصريون في تعلمهم اللغة العربية. وقد حاول أن يدعم آراءه
الغريبة بالتأليف بالعامية، كما ترجم بها قطعاً من بعض روايات شكسبير، وبعض فصول
من الإنجيل، فجاءت الترجمة سخيفة ركيكة، أساءت إلى شكسبير والإنجيل معاً، وفي
كتابه الذي ألفه بالعامية تحت عنوان: "الأكل والإيمان"، فخانته العامية،
ولجأ في كثير من تعابيره إلى الفصحى لتمده بالكلمة الصحيحة.
وفي عام 1901م، أصدر "مستر ويلمور" أحد قضاة مصر كتاباً تناول فيه هذه
المسألة، ونصح المصريين بهجر اللغة الفصحى، واتخاذ العامية أداة للتعبير والكتابة،
وقد أثار الكتاب ردود فعل عنيفة، وتصدَّى له العديد من الكتاب، وكانت مجلة
"الهلال" ميدان هذه المعركة، حيث أيَّدت العربية ودافعت عنها (راجع
السنة العاشرة من الهلال وخاصة عدد فبراير 1903م).
وقد تابع عدد من المصريين هؤلاء الأجانب في الدعوة إلى التخلص من الفصحى بوصفها
حائلاً بين المصريين والتقدم، وقد حاول "إسكندر معلوف" من سورية، أن
يوهم جمهور المصريين بأن اللغة العربية الفصحى من أهم أسباب تأخرهم وأثنى على
اللغة الإنجليزية، وطالب بأن تكتب الصحف والمجلات بالعامية بدلاً من الفصحى،
وتدوين العلوم والآداب بالعامية ليستطيع الشعب تحصيل العلوم بسهولة.
أما "سلامة موسى" فقد أثنى على "ويلكوكس" ودعوته إلى العامية،
وزعم أنه شغلته هموم مصر كثيراً، وأقضت مضجعه! وأكد دعوة الرجل إلى العامية، واتهم
الفصحى بالعجز عن تأدية الرسالة الأدبية والعلمية. كما زعم أن الفصحى تبعثر
وطنيتنا وتجعلها شائعة في القومية العربية(!!) (لمزيد من التفاصيل راجع: عمر
الدسوقي، في الأدب الحديث، ج2، الفصل الأول).
===============
(1/261)
(1/262)
اللغة العربية وقضية
التخلف ( 2- 4 )
حلمي محمد القاعود
يتفق "الشوباشي"، مع هؤلاء الأجانب والعرب في أن الفصحى هي سبب تخلفنا،
وأنها تحول بيننا وبين الرقيّ لما فيها من صعوبات وتعقيدات، واختلف معهم في أنه لم
يدع إلى العامية صراحة، وإن كان قد دعا إلى ما يقود إليها، في نهاية المطاف.
لقد طالب بإلغاء المثنى ونون النسوة والمفعول به والتمييز وعدم استخدام التشكيل،
كما طالب بإلغاء البلاغة العربية والمحسنات البديعية، ورأى أن كلمة
"إللَّي" بالعامية تنوب عن اسمي الموصول: الذين واللائي!
ما طالب به الشوباشي، هو "كل" خطته لتطوير اللغة العربية، وهي خطة غير
علمية وغير منهجية لأنه في الوقت الذي طالب فيه بإلغاء بعض المفردات النحوية، لم
يقل لنا شيئاً عن مصير بقية المفردات، وكيف سيكون مصير الفعل والفاعل والمبتدأ
والخبر، والمثنى والجمع، والحال والصفة، والبدل وعطف البيان؟ إنه لم يتكلم عن ذلك
أبداً لأنه يعلم أن بداية تحقيق مطلبه، تعني عملياً استخدام العامية، وانتهاء
الفصحى، بل انتهاء العربية تماماً.
وقد كان هنالك سؤال وجيه لم يجب عنه "الشوباشي" في كتابه ولا في
المداخلات الإعلامية أو الصحفية، هذا السؤال يقول: كيف نقرأ القرآن الكريم بعد
تنفيذ مطالبه؟ ثم ما مصير المثنى وجمع المؤنث والمفعول والتمييز واسم الموصول؟ ثم
من الذي سيقرأ القرآن الكريم والتراث بعد سيادة العامية في الكتابة والقراءة
والحديث اليومي؟
إن تشخيص مشكلة التخلف في بلادنا العربية من خلال اتهام اللغة العربية بأنها السبب
الأساسي الذي يمنع العرب من الإبداع، ويحول بينهم وبين التقدم، هو تشخيص خاطئ وغير
سليم، كما أن تطوير الفصحى إلى العامية هو تطوير غير سليم أيضاً، ولا يمثل وعياً
حقيقياً بحقيقة مشكلات اللغة العربية، فضلاً عن مشكلات الوطن والأمة، حتى إن
ادّعينا احترام اللغة والحرص عليها والخوف من زوالها ومحوها.
إن التخلف في بلادنا العربية له أسبابه المعروفة التي يعرفها كل من له أدنى علاقة
بالفكر والثقافة، وتتمثل في غياب الحرية والعدل والمساواة والكرامة وتقدير العلم
والعلماء. إن العبيد والمظلومين والمقهوري
مواضيع مماثلة
» 40 قاعدة في قراءة الكتب والاستفادة منها.. الجزء الاول
» 40 قاعدة في قراءة الكتب والاستفادة منها.. الجزء الثاني
» 40 قاعدة في قراءة الكتب والاستفادة منها.. الجزء الثاني
الرابطة الجزائرية للفكر والثقافة :: المكتبة :: الرد على المذاهب الفكرية :: موسوعة الرد على المذاهب الفكرية المعاصرة 1 29 002
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى