السّمـــاع في اللغة العربية
صفحة 1 من اصل 1
السّمـــاع في اللغة العربية
بسم الله،السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركـــاته
السّمـــاع في اللغة العربية
ظهر السماع والرواية والتدوين،وهي ثلاثة طرق في نقل المعرفة ليس عند العرب فحسب بل عند كثير من الشعوب القديمة،وذلك قبل أن تتحول هذه الطرق التراث العربي الديني وغير الديني في صورة مصطلحات علمية محددة،وقد نشأت بين هذه الطرق رابطة عضوية في نقل التراث العربي قبل الإسلام وبعده،وظلت كذلك حتى نهاية القرن 3 هـ تقريبا،عندما تأصلت المعارف والعلوم العربية واتسع نطاقها ونشطت حركة التأليف والترجمة،فتراجع كل من السماع والرواية وغلبت الكتابة والتدوين.
وقد تأكد وجود كل من السماع والرواية في الحياة الدينية والعلمية للمسلمين نظرًا لارتباطهما:أولا بالقراءات القرآنية وهو-كما نعلم-علم نقلي لا يعتمد الاستنباط والتعليل مثل العلوم العقلية بهذا كانت القراءات تعتم السماع والرواية من حيث التلقي من المصدر الأول وهو الرسول صلى الله عليه وسلم،واستمرت كذلك حتى نهاية القرن 3 هـ،بل مازال يمارس السماع في القراءات القرآنية ليومنا هذا.
تعريـــــف السمــاع:
أ/في اللغة:من سمع،يسمع،سماعًا،ويقال سمع الصوت إذا أدركه بحاسة الأذن.
ب/اصطلاحا:هو ما ثبت في كلام من يُوثق بفصاحته فشمل كلام الله وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم وكلام العرب شعرا ونثرا.
وفي اصطلاح النحويين:نقيض القياس.
-يقولالأنباري:"و اعلم أن النقل هو الكلام العربي الفصيح،المنقول النقل الصحيح،الخارج عن حد القلة إلى حد الكثرة".
-ويعرّفه السيوطي:"وأعني به ما ثبت في كلام من فصاحته فشمل كلام الله تعالى وهو القرآن وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم،وكلام العرب قبل بعثته و في زمنه،وبعده إلى زمن فسدت الألسنة لكثرة المولدين نظما ونثرا عن مسلم وكافر،فهذه ثلاثة أنواع لابد في كل منها من الثبوت".
الفرق بين النقل والسماع:
النقل من نقل،بمعنى روى ونسخ،وهو الوجه المكمّل للسماع،فالسماع يستدعي النقل لثبوت المسموع وانتشاره.
و في هذا يقول فخر الدين رازي في كتابه"المحصول في كل علم منقول":الطريق إلى معرفة اللغة هو النقل المحض،والنقل معناه أخذ العربية كما دارت على ألسنة أصحابها،في حين السماع لا يعني أخذ كل شيء،وإنما يكون بشروط...
الفرق بين الاستشهاد والاحتجاج:
الاستشهاد:هو الإخبار بما هو قاطع في الدلالة على القاعدة من شعر أو نثر.
في حين أن الاحتجاج يقوم بالاعتماد على البراهين من نصوص اللغة شعرا أو نثرا..
الاحتجاج هو عملية إثبات صحة قاعدة في النحو والصرف والبلاغة،أو استعمال كلمة أو تركيب بدليل نقل صحّ سنده إلى عربي فصيح يُحتج بكلامه.
أنواعــــه:قسّم النحاة الاحتجاج إلى نوعين:
1/لفظي:وهو الذي يدور حول صحة الاستعمال من حيث اللغة والنحو والصرف.
2/معنوي:ويتعلق بإثبات معنى الكلمة أو معاني الكلمات.
أما التمثيل:فيُطلق على ما ليس من كلام العرب من نصوص،أي إذا كان النص مصوغا كأن يصوغه النحوي نفسه تمثيلا للقاعدة وشرحًا لها فهدفه الإيضاح والبيان فقط.
كيفية دراسة المادة اللغوية:
إن أول ما يقوم به النحوي في دراسة اللغة هو جمع اللغة أو المادة المدروسة جمعا واعيا شاملا حتى تكون دراسته أكثر صحة...وقد مرّت هذه العملية في تاريخ النحو العربي في مراحل نذكرها مرتبة كالآتي:
1/القرآن الكريم:يمثل مجموعة لغوية غنية بالظواهر،حافلة بالقواعد والأصول النحوية.
2/وإلى جانب كلام الله عز وجل نجد مصدرًا لغويا حيا،هم أولئك البداة الفصحاء المنتشرون في بوادي نجد،تهامة والحجاز،وما أسهل أن يلقاهم اللغوي المستقرء للعربية فيسوق المربد أو عكاظ،حيث يفدون لحاجاتهم وفي البادية حيث يعيشون،وقد كان هذا المصدر معينا على الإفادة من المصادر الأخرى،فعن طريقه نقل الشعر الصحيح فتثبت النحاة من صحة لغته،و عن طريقه نقلت الأمثال العربية.
3/مصدر ثالث هو الشعر الجاهلي القديم والشعر الإسلامي حتى عصر هارون الرشيد،فقد وصل منه مجموعة وافرة يصلح أن يكون صورة للاستقراء،ذلك أن روايته واعتماده في فهم معاني الألفاظ بدأت أيام الصحابة-رضوان الله عليهم-،فقد أثر عن الخليفة عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- قوله:"عليكم بديوانكم لا تضلوا،فقالوا:و ما ديواننا؟قال:شعر الجاهلية،فإن فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم"،وقد كان أروى الناس للشعر،كما أُثر عن ابن عباس - رضي الله عنهما- كان يجلس يوما فلا يذكر إلا الفقه،ويوما للتأويل،ويوما للمغازي،ويوما للشعر...
4/مصدر رابع هو ما دُوّن من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم كتلك الصحيفة التي أرسلها إلى كسرى والنجاشي..
تصنيف المـــادة اللغوية:
يعد جمع اللغة جزءً من عمل كبير في عملية السماع،فلابد من تصنيف اللغة تصنيفا خاصا حتى يكون الاستنتاج علميا سليم البناء،صحيح النتائج لذلك قسّم النحاة اللغة إلى:
1/اللغة المدونة:وتتمثل في القرآن الكريم،وبعض قصائد الجاهليين والإسلاميين وبعض الأحاديث اللغوية.
2/لغة غير مدونة:محكية مروية متداولة بين الناس،وتمثلت في كلام العرب الفصحاء،ولعلها كانت في نظر النحاة أو في المصادر التي تستمد منها اللغة.
كما قسّموا اللغة إلى شعرية ونثرية،وشائعة كثيرة ونادرة قليلة،واللغة التي تستعمل في قلب البلاد وصحرائها،ولغة يتكلمها أبناء المناطق المتاخِمة كالأمم الأعجمية.
السليقة اللغوية ومصادر الاحتجاج:
بما أن العلماء اللغويين العرب ذهبوا إلى أن العربية تجري في عروق العربي مجرى الدم،فقد أخذوها حتى عن الأطفال والمجانين والنساء،ولكنهم شعروا بوجود مستويات مختلفة في اللغة،فتحدثوا عن الفصيح والأفصح والأقل فصاحة والرديء والمذموم والشاذ والحواشي،وعندما بدأ اللغويون في تدوين اللغة وجدناهم يقسمون تلك اللغة إلى أربعة أقسام:
1/القرآن الكريم: أجمع كل اللغويين والنحاة على أن الروايات فصيحة حتى الشاذ منها ولو أن لا يقاس عليه،يقول البغدادي في خزانته:"كلامه عز وجل اسمه أفضل كلام...ويجوز الاستشهاد بمتواتره وشاذه".وروي عن الفرّاء قوله:"والكتاب أعرب وأقوى في الحجة من الشعر".
2/الحديث النبوي الشريف: اختلفوا في الاحتجاج به،فهناك من اللغويين من يمنع الأخذ به في الاستشهاد على مسائل النحو،وعلى رأس هؤلاءابن الضائع وتلميذه أبو حيان النحوي محتجين بقولهم"إنه أجيز في الرواية بمعناه لا بلفظه،وأن بعض رُوّاته كانوا من المولدين".
إلا أن هناك فئة من اللغويين من انبرى لرد هذه الآراء وعلى رأس هؤلاء الدكتور رمضان عبد التواب إذ يقول:"إن الذين رووا الحديث كانوا يعيشون في حيز عصور الاحتجاج،حتى ولو سلمنا بأنهم رووا الأحاديث بالمعنى،وصاغوها بعباراتهم فإنهم ممن يحتج بلغتهم"
3/الشعراء:قسّم اللغويون الشعراء إلى أربع طبقات هي على الترتيب:
أ-شعراء الجاهلية:الذين عاشوا الجاهلية ولم يدركوا الإسلام،وعلى رأسهم أصحاب المعلقات.
ب-الشعراء المخضرمون:الذين عاشوا في الجاهلية وأدركوا الإسلام وعلى رأسهم:حسّان بن ثابت،كعب بن زهير،الخنساء.
جـ-الشعراء الإسلاميون:ويُقال لهم المتقدمون أمثال:جرير،الأخطل،الفرزدق.
د-المولدون:المحدثون أمثال:بشّار،أبو نواس.
وقد أجمع النحاة على الأخذ من الطبقتين الأولى والثانية،واختلفوا في الثالثة،وأجمعوا على عدم الأخذ عن شعراء الطبقة الرابعة.
وقد نجد من العلماء من شذ عن هذا الإجماع،وهو الزمخشري في تفسير الكشاف حين استشهد ببيت لأبي تمام من شعراء الطبقة الرابعة في تفسير أواخر البقرة،يقول البغدادي:"فالطبقتان الأولتان يستشهد بشعرهما إجماعًا،أما الثالثة فصحّ الاحتجاج بكلامها،وقد كان أبو عمرو بن العلاء وعبد الله بن اسحاق والحسن البصري وعبد الله بن شبرمة يلحنون الفرزدق،الكُميْت وذا الرمة في عدة أبيات أخذت عليهم ظاهرا،وكانوا يعدونهم من المولدين..
4/النــــثر:اختلفوا في الفصيح منه وغير الفصيح،لذلك نجد من اللغويين من وضع قوائم بأسماء القبائل التي يصح أخذ النثر عنها،مثلما فعل الفرابي وحذا حذوه ابن خلدون،يقول الفرابي في كتابه الألفاظ والحروف:"كانت قريش أجودالعرب إنتقاءً للأفصح من الألفاظ،وأسهلها على اللسان عند النطق،وأحسنها سماعا وإبانة عمّا في النفس،والذين عنهم نقلت اللغة وبهم نقتدي،وعنهم أخذ اللسان العربي من بين القبائل:قيس،تميم،أسد،فإن هؤلاء الذين عنهم أكثر ما أخذ ومعظمه وعليهم أُتكِل في الغريب وفي الإعراب والتصريف،ثم هذيل وبعض كنانة وبعض الطائيين،ولم يؤخذ عن غيرهم من سائر القبائل".
شـــروط الاستشهاد:
أوردالزركشي خمسة شروط للاسشهاد هي:
1-أن تثبت اللغة سماعًا عن العرب الأقحاح بسند صحيح يلزم العمل بها والتقيد بسننها وأحكامها.
2-أن يكون الناقل عدلًا رجلا كان أو امرأة،حرا كان أو عبدًا.
3-أن يكون النقل عما يكون قوله حجة نابغة في أصل اللغة،ولا يجوز النقل عمّا فسدت لغته بسبب الاختلاط العرقي واللغوي.
4-أن يكون ناقل العربية قد سمع عن المنقول عنه مباشرة.
5-أن يسمع من الناقل في حالة تحوله إلى منقول عنه،فيزداد بذلك عدد الناقلين الذين يربطهم بالمشافهة رباط الضابط في صحة اللغة.
قــــواعد السماع:
وضعوا أربعة قواعد للمسموع أهمها:
1/ تقسيم رقعة اللغة جغرافيا:حيث قسموا اللغة قسمين:بادية وحواضر،وقسّموا البادية إلى:بادية وسطى بعيدة عن مواطن التحفير والتحفّر،وأخرى متاخمة لحدود الحضرة.
2/ضابط الزمان:حيث وضعوا فاصلًا زمنيا يتوقفون عنه في نقل اللغة،فوضعوا للبادية زمانا وللحضرة زمانا إلا أنهم اختلفوا في تحديد نهايته والشائع أنه يبدأ من 150 قبل الهجرة،وينتهي بنهاية القرن 4هـ بالنسبة للبادية،أما الحضرة فينتهي بنهاية ق 2 هـ .
3/المنقول عنه(المأخوذ عنه):وهو الذي تُسمع منه اللغة،وقد وضع له النحاة شروطا ذكِرت سابقا.
4/ضابط المأخوذ به(المادة اللغوية) ولها شروط أن يكون المروي مسموعًا عن أكثر من إثنين،والقول المجهول قائله لا يؤخذ به.
السّمـــاع في اللغة العربية
ظهر السماع والرواية والتدوين،وهي ثلاثة طرق في نقل المعرفة ليس عند العرب فحسب بل عند كثير من الشعوب القديمة،وذلك قبل أن تتحول هذه الطرق التراث العربي الديني وغير الديني في صورة مصطلحات علمية محددة،وقد نشأت بين هذه الطرق رابطة عضوية في نقل التراث العربي قبل الإسلام وبعده،وظلت كذلك حتى نهاية القرن 3 هـ تقريبا،عندما تأصلت المعارف والعلوم العربية واتسع نطاقها ونشطت حركة التأليف والترجمة،فتراجع كل من السماع والرواية وغلبت الكتابة والتدوين.
وقد تأكد وجود كل من السماع والرواية في الحياة الدينية والعلمية للمسلمين نظرًا لارتباطهما:أولا بالقراءات القرآنية وهو-كما نعلم-علم نقلي لا يعتمد الاستنباط والتعليل مثل العلوم العقلية بهذا كانت القراءات تعتم السماع والرواية من حيث التلقي من المصدر الأول وهو الرسول صلى الله عليه وسلم،واستمرت كذلك حتى نهاية القرن 3 هـ،بل مازال يمارس السماع في القراءات القرآنية ليومنا هذا.
تعريـــــف السمــاع:
أ/في اللغة:من سمع،يسمع،سماعًا،ويقال سمع الصوت إذا أدركه بحاسة الأذن.
ب/اصطلاحا:هو ما ثبت في كلام من يُوثق بفصاحته فشمل كلام الله وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم وكلام العرب شعرا ونثرا.
وفي اصطلاح النحويين:نقيض القياس.
-يقولالأنباري:"و اعلم أن النقل هو الكلام العربي الفصيح،المنقول النقل الصحيح،الخارج عن حد القلة إلى حد الكثرة".
-ويعرّفه السيوطي:"وأعني به ما ثبت في كلام من فصاحته فشمل كلام الله تعالى وهو القرآن وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم،وكلام العرب قبل بعثته و في زمنه،وبعده إلى زمن فسدت الألسنة لكثرة المولدين نظما ونثرا عن مسلم وكافر،فهذه ثلاثة أنواع لابد في كل منها من الثبوت".
الفرق بين النقل والسماع:
النقل من نقل،بمعنى روى ونسخ،وهو الوجه المكمّل للسماع،فالسماع يستدعي النقل لثبوت المسموع وانتشاره.
و في هذا يقول فخر الدين رازي في كتابه"المحصول في كل علم منقول":الطريق إلى معرفة اللغة هو النقل المحض،والنقل معناه أخذ العربية كما دارت على ألسنة أصحابها،في حين السماع لا يعني أخذ كل شيء،وإنما يكون بشروط...
الفرق بين الاستشهاد والاحتجاج:
الاستشهاد:هو الإخبار بما هو قاطع في الدلالة على القاعدة من شعر أو نثر.
في حين أن الاحتجاج يقوم بالاعتماد على البراهين من نصوص اللغة شعرا أو نثرا..
الاحتجاج هو عملية إثبات صحة قاعدة في النحو والصرف والبلاغة،أو استعمال كلمة أو تركيب بدليل نقل صحّ سنده إلى عربي فصيح يُحتج بكلامه.
أنواعــــه:قسّم النحاة الاحتجاج إلى نوعين:
1/لفظي:وهو الذي يدور حول صحة الاستعمال من حيث اللغة والنحو والصرف.
2/معنوي:ويتعلق بإثبات معنى الكلمة أو معاني الكلمات.
أما التمثيل:فيُطلق على ما ليس من كلام العرب من نصوص،أي إذا كان النص مصوغا كأن يصوغه النحوي نفسه تمثيلا للقاعدة وشرحًا لها فهدفه الإيضاح والبيان فقط.
كيفية دراسة المادة اللغوية:
إن أول ما يقوم به النحوي في دراسة اللغة هو جمع اللغة أو المادة المدروسة جمعا واعيا شاملا حتى تكون دراسته أكثر صحة...وقد مرّت هذه العملية في تاريخ النحو العربي في مراحل نذكرها مرتبة كالآتي:
1/القرآن الكريم:يمثل مجموعة لغوية غنية بالظواهر،حافلة بالقواعد والأصول النحوية.
2/وإلى جانب كلام الله عز وجل نجد مصدرًا لغويا حيا،هم أولئك البداة الفصحاء المنتشرون في بوادي نجد،تهامة والحجاز،وما أسهل أن يلقاهم اللغوي المستقرء للعربية فيسوق المربد أو عكاظ،حيث يفدون لحاجاتهم وفي البادية حيث يعيشون،وقد كان هذا المصدر معينا على الإفادة من المصادر الأخرى،فعن طريقه نقل الشعر الصحيح فتثبت النحاة من صحة لغته،و عن طريقه نقلت الأمثال العربية.
3/مصدر ثالث هو الشعر الجاهلي القديم والشعر الإسلامي حتى عصر هارون الرشيد،فقد وصل منه مجموعة وافرة يصلح أن يكون صورة للاستقراء،ذلك أن روايته واعتماده في فهم معاني الألفاظ بدأت أيام الصحابة-رضوان الله عليهم-،فقد أثر عن الخليفة عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- قوله:"عليكم بديوانكم لا تضلوا،فقالوا:و ما ديواننا؟قال:شعر الجاهلية،فإن فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم"،وقد كان أروى الناس للشعر،كما أُثر عن ابن عباس - رضي الله عنهما- كان يجلس يوما فلا يذكر إلا الفقه،ويوما للتأويل،ويوما للمغازي،ويوما للشعر...
4/مصدر رابع هو ما دُوّن من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم كتلك الصحيفة التي أرسلها إلى كسرى والنجاشي..
تصنيف المـــادة اللغوية:
يعد جمع اللغة جزءً من عمل كبير في عملية السماع،فلابد من تصنيف اللغة تصنيفا خاصا حتى يكون الاستنتاج علميا سليم البناء،صحيح النتائج لذلك قسّم النحاة اللغة إلى:
1/اللغة المدونة:وتتمثل في القرآن الكريم،وبعض قصائد الجاهليين والإسلاميين وبعض الأحاديث اللغوية.
2/لغة غير مدونة:محكية مروية متداولة بين الناس،وتمثلت في كلام العرب الفصحاء،ولعلها كانت في نظر النحاة أو في المصادر التي تستمد منها اللغة.
كما قسّموا اللغة إلى شعرية ونثرية،وشائعة كثيرة ونادرة قليلة،واللغة التي تستعمل في قلب البلاد وصحرائها،ولغة يتكلمها أبناء المناطق المتاخِمة كالأمم الأعجمية.
السليقة اللغوية ومصادر الاحتجاج:
بما أن العلماء اللغويين العرب ذهبوا إلى أن العربية تجري في عروق العربي مجرى الدم،فقد أخذوها حتى عن الأطفال والمجانين والنساء،ولكنهم شعروا بوجود مستويات مختلفة في اللغة،فتحدثوا عن الفصيح والأفصح والأقل فصاحة والرديء والمذموم والشاذ والحواشي،وعندما بدأ اللغويون في تدوين اللغة وجدناهم يقسمون تلك اللغة إلى أربعة أقسام:
1/القرآن الكريم: أجمع كل اللغويين والنحاة على أن الروايات فصيحة حتى الشاذ منها ولو أن لا يقاس عليه،يقول البغدادي في خزانته:"كلامه عز وجل اسمه أفضل كلام...ويجوز الاستشهاد بمتواتره وشاذه".وروي عن الفرّاء قوله:"والكتاب أعرب وأقوى في الحجة من الشعر".
2/الحديث النبوي الشريف: اختلفوا في الاحتجاج به،فهناك من اللغويين من يمنع الأخذ به في الاستشهاد على مسائل النحو،وعلى رأس هؤلاءابن الضائع وتلميذه أبو حيان النحوي محتجين بقولهم"إنه أجيز في الرواية بمعناه لا بلفظه،وأن بعض رُوّاته كانوا من المولدين".
إلا أن هناك فئة من اللغويين من انبرى لرد هذه الآراء وعلى رأس هؤلاء الدكتور رمضان عبد التواب إذ يقول:"إن الذين رووا الحديث كانوا يعيشون في حيز عصور الاحتجاج،حتى ولو سلمنا بأنهم رووا الأحاديث بالمعنى،وصاغوها بعباراتهم فإنهم ممن يحتج بلغتهم"
3/الشعراء:قسّم اللغويون الشعراء إلى أربع طبقات هي على الترتيب:
أ-شعراء الجاهلية:الذين عاشوا الجاهلية ولم يدركوا الإسلام،وعلى رأسهم أصحاب المعلقات.
ب-الشعراء المخضرمون:الذين عاشوا في الجاهلية وأدركوا الإسلام وعلى رأسهم:حسّان بن ثابت،كعب بن زهير،الخنساء.
جـ-الشعراء الإسلاميون:ويُقال لهم المتقدمون أمثال:جرير،الأخطل،الفرزدق.
د-المولدون:المحدثون أمثال:بشّار،أبو نواس.
وقد أجمع النحاة على الأخذ من الطبقتين الأولى والثانية،واختلفوا في الثالثة،وأجمعوا على عدم الأخذ عن شعراء الطبقة الرابعة.
وقد نجد من العلماء من شذ عن هذا الإجماع،وهو الزمخشري في تفسير الكشاف حين استشهد ببيت لأبي تمام من شعراء الطبقة الرابعة في تفسير أواخر البقرة،يقول البغدادي:"فالطبقتان الأولتان يستشهد بشعرهما إجماعًا،أما الثالثة فصحّ الاحتجاج بكلامها،وقد كان أبو عمرو بن العلاء وعبد الله بن اسحاق والحسن البصري وعبد الله بن شبرمة يلحنون الفرزدق،الكُميْت وذا الرمة في عدة أبيات أخذت عليهم ظاهرا،وكانوا يعدونهم من المولدين..
4/النــــثر:اختلفوا في الفصيح منه وغير الفصيح،لذلك نجد من اللغويين من وضع قوائم بأسماء القبائل التي يصح أخذ النثر عنها،مثلما فعل الفرابي وحذا حذوه ابن خلدون،يقول الفرابي في كتابه الألفاظ والحروف:"كانت قريش أجودالعرب إنتقاءً للأفصح من الألفاظ،وأسهلها على اللسان عند النطق،وأحسنها سماعا وإبانة عمّا في النفس،والذين عنهم نقلت اللغة وبهم نقتدي،وعنهم أخذ اللسان العربي من بين القبائل:قيس،تميم،أسد،فإن هؤلاء الذين عنهم أكثر ما أخذ ومعظمه وعليهم أُتكِل في الغريب وفي الإعراب والتصريف،ثم هذيل وبعض كنانة وبعض الطائيين،ولم يؤخذ عن غيرهم من سائر القبائل".
شـــروط الاستشهاد:
أوردالزركشي خمسة شروط للاسشهاد هي:
1-أن تثبت اللغة سماعًا عن العرب الأقحاح بسند صحيح يلزم العمل بها والتقيد بسننها وأحكامها.
2-أن يكون الناقل عدلًا رجلا كان أو امرأة،حرا كان أو عبدًا.
3-أن يكون النقل عما يكون قوله حجة نابغة في أصل اللغة،ولا يجوز النقل عمّا فسدت لغته بسبب الاختلاط العرقي واللغوي.
4-أن يكون ناقل العربية قد سمع عن المنقول عنه مباشرة.
5-أن يسمع من الناقل في حالة تحوله إلى منقول عنه،فيزداد بذلك عدد الناقلين الذين يربطهم بالمشافهة رباط الضابط في صحة اللغة.
قــــواعد السماع:
وضعوا أربعة قواعد للمسموع أهمها:
1/ تقسيم رقعة اللغة جغرافيا:حيث قسموا اللغة قسمين:بادية وحواضر،وقسّموا البادية إلى:بادية وسطى بعيدة عن مواطن التحفير والتحفّر،وأخرى متاخمة لحدود الحضرة.
2/ضابط الزمان:حيث وضعوا فاصلًا زمنيا يتوقفون عنه في نقل اللغة،فوضعوا للبادية زمانا وللحضرة زمانا إلا أنهم اختلفوا في تحديد نهايته والشائع أنه يبدأ من 150 قبل الهجرة،وينتهي بنهاية القرن 4هـ بالنسبة للبادية،أما الحضرة فينتهي بنهاية ق 2 هـ .
3/المنقول عنه(المأخوذ عنه):وهو الذي تُسمع منه اللغة،وقد وضع له النحاة شروطا ذكِرت سابقا.
4/ضابط المأخوذ به(المادة اللغوية) ولها شروط أن يكون المروي مسموعًا عن أكثر من إثنين،والقول المجهول قائله لا يؤخذ به.
السبيل- عدد المساهمات : 18
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 16/01/2011
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى