حماية الأقليات = الحق في التنوع والإختلاف
صفحة 1 من اصل 1
حماية الأقليات = الحق في التنوع والإختلاف
المطالبة باحترام حقوق الإنسان
مداخلة الدكتور كمال الدين فخار
مناضل حقوق الانسان في الندوة حول الاقليات اللغوية التي نظمها مركز التوثيق و الاعلام في حقوق الانسان بعنابة يوم 17 اكتوبر 2009
بالرغم من أن الجزائر صادقت و أمضت على مختلف العهود و المواثيق
المتعلقة باحترام حقوق الإنسان والحريات، إلا أن ثقافة و مفهوم حقوق
الإنسان وحرية الرأي والمعتقد والحق في الاختلاف بقيت ولعقود، بعيدة عن
عامة الشعب وحتى مايعرف بالطبقة المثقفة في المجتمع الجزائري وفي أغلب دول
العالم الثالث، ولم تبرز هذه المفاهيم وبطريقة محتشمة إلا مؤخرا، وأما
الحديث عن حقوق الأقليات فهو من المحرمات والطابوهات التي لا يجب القفز
عليها، إذ صارت مرادفا للمطالبة بالإستقلال الذاتي وللتدخل الأجنبي!!
فمباشرة بعد الاستقلال سيطر الحزب الواحد والفكر الأحادي بقبضة حديدية على
المجتمع الجزائري، ولم يكن هناك أي مجال للحديث عن حقوق الإنسان والحريات
بل إن مجرد الإشارة إليها يعرض صاحبها لأخطر التهم والمتابعات وحتى
التصفيات الجسدية.
بعد انتفاضة 05 أكتوبر1988 والتغييرات السياسية العالمية، حصل انفتاح
سياسي قصير، و لكبح حتمية انفتاح المجتمع على هذه الثقافات الجديدة ،
حاولت السلطة ربط مفهوم حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية، بالحركة
اليهودية واليد الخارجية، مما أعاق كثيرا فهم و انتشار هذه الثقافة.
في الوقت الحالي، نرى أن انعدام ثقافة احترام حقوق الإنسان واحترام
الحريات الفردية والجماعية هي من بين الأسباب الرئيسية للعنف والتطرف
والكبت والتشنجات الموجودة في المجتمع الجزائري، وهو ما استغلته السلطة
لضمان وبقاء نظامها الدكتاتوري الشمولي.
منطقة مزاب كغيرها من المناطق في الجزائر مرت وعانت من نفس الظروف و
نظرا للهوية الخاصة لسكان المنطقة، حيث تعيش أقلية مزابية والتي هي أقلية
بامتياز فهم أمازيغ أي أقلية إثنية لغوية من جهة و إباضية أي أقلية دينية
من جهة أخرى. فمنذ الاستقلال حاربت السلطة الجزائرية هذه الهوية المزابية
وعملت بشتى الوسائل والطرق المباشرة منها والغير مباشرة للقضاء عليها.
فبالنسبة للهوية اللغوية، المزابية(الأمازيغية ) فقد عانت من الاحتقار
التهميش وحتى المنع فقد كان ممنوعا التكلم بها في الأماكن الرسمية وحتى في
النشاطات الثقافية الخاصة حيث يمنع استعمال اللغة المزابية إلا بترخيص من
قسمة الحزب وكذلك تم تغيير الأسماء الأمازيغية لمدن واد مزاب وحتى أسماء
الشوارع والساحات ومن جهة أخرى وظفت السلطة وسائل غير مباشرة لتنفيذ هذه
المخططات حيث استغلت واستعملت الإبتزاز على مسؤولي الهيئات العرفية
التقليدية وهذا بالتهديد بالقضاء نهائيا على الهوية المزابية بغلق
المدارس الحرة والمساجد ومصادرة الأوقاف الإباضية لتمرير خطاباتها
الموجهة، بأن اللغة المزابية ليست لغة وهي لهجة فقط ولا يجب أن تنافس اللغة
العربية التي هي لغة القرآن ولغة تجمع كل الجزائريين فصار الرقي باللغة
المزابية أو مجرد التحدث بها يعتبر محاربة للإسلام ودعوة للطائفية وإشعالا
لنار الفتنة. وكذلك استغلت التركيبة البشرية لسكان المنطقة لتحريك النعرات
الطائفية بين الأقلية المزابية والعرب المالكيين الساكنين بالمنطقة بطريقة
دورية: بني يزجن 1975و2004 و القرارة1975و1989 و2004 وغرداية 1985 و
مليكة 2004 و بريان 1991ومن مارس 2008 إلى يومنا هذا.وهذا لخلق جو من الخوف
وعدم الإستقرار لتمرير كل مخططاته الرامية للقضاء على الهوية المزابية.
بعد تضحيات جسام ونضال طويل خاصة في منطقة القبائل، كان الاعتراف
الرسمي باللغة الأمازيغية كلغة وطنية، وصارت تدرس في المدارس الرسمية، ولكن
بالرغم من ذلك كله استطاعت السلطات كبح هذه النهضة، لكي يبقى هذا المكسب
مفرغا من محتواه حيث جعلت دراسة اللغة المزابية اختيارية وثانيا وضعت
العراقيل البيروقراطية أمام الراغبين في دراستها وهذا بفرض مصادقة على
الإمضاء من البلدية للراغبين في دراستها!!
أما بالنسبة للهوية الدينية للأقلية المزابية فالأمور كانت أكثر تعقيدا
وصعوبة فالمذهب الأباضي الذي هو مدرسة فكرية عبر التاريخ الإسلامي، يتميز
باحتوائه على ثلاث محاور، أولا الجانب الشرعي:العبادات والمعاملات، ثانيا
الجانب الفلسفي والفكري أو ما يعرف بعلم الكلام وهو ويدعو إلى تحكيم العقل
واستعمال الفكر والإقناع ونبذ العنف، ثالثا الجانب السياسي ويعرف بفقه
السياسة وهو يدعو في مجمله الى معارضة الحكام الفاسدين والطغاة المغتصبين
للحكم، وقد حاربت السلطة الجزائرية بشدة هذا الجانب من الهوية وهذا بعدم
تدريسه مطلقا في المقررات الرسمية بل بالعكس من ذلك شجعت على اضطهاد
أتباع هذا المذهب وهذا بنعتهم بالخوارج في كتب التاريخ المدرسية (سنة ثانية
متوسط) وكذلك بممارسة الضغوطات الشديدة المذكورة سابقا لمنع تدريس كل
محاور المذهب الاباضي في المدارس الخاصة، فصار لا يدرس إلا الجانب الشرعي
في المذهب مما جعل الفكر الإباضي مجهولا حتى لدى ابناء أتباعه. وأيضا لا
نجد في القوانين أوالدستورالجزائري أي أثر لوجود أقلية دينية إباضية في
الجزائر، مما جعل هذا الجانب من الهوية لدى الأقلية المزابية في خطر
الاندثار والزوال وهذا يعتبر خرقا لحق أساسي من حقوق الأقليات وهو حقها في
التمتع بخصوصيتها بكل حرية مع وجود التدابير التشريعية اللازمة لذلك أي
الإعتراف الرسمي. وبهذا ستفقد الجزائر والحضارة العالمية جانبا من موروثها
الثقافي والفكري والحضاري.
في بداية القرن الجديد ظهر جيل شباب من أبناء المنطقة انخرط في
المنظمات الحقوقية والأحزاب المعارضة و متشبعا بثقافة المطالبة بالحقوق
واحترام الحريات بطريقة سلمية ومنها المحافظة على مكونات الهوية المزابية
(الأمازيغية واللإباضية) وقد لقيت هذه المطالب تجاوبا واسعا لدى أبناء
المنطقة، مما أثار حفيظة السلطة وقابلت إطارات وأفكار هذه الحركة بالقمع
الشديد والمضايقات البوليسية والمتابعات القضائية الغير مؤسسة والماراطونية
والزج بهم في السجون، فكانت أحداث غرداية 2004، قضية بابا نجار و
المتابعات القضائية المفبركة مؤخرا.
إن الضمان الأساسي للإستقراروالسلم الإجتماعي والسياسي
والإزدهار الثقافي والإقتصادي لأي دولة لا يكون ممكنا إلا بمعرفة و نشر
ثقافة احترام حقوق الإنسان والدفاع عن الحريات الأساسية: حرية الرأي، حرية
المعتقد، حرية التعبير والعمل على الدفاع عنها بتطبيق وتجسيد مختلف العهود
والمواثيق الدولية وهذا لضمان الاعتراف بها والمحافظة عليها وخاصة
الإعتراف بالأقليات وحماية حقوقها، وهذا لن يكون ممكنا إلا بتجند والتزام
الجميع من حقوقيين وإعلاميين والمناضلين في الأحزاب السياسية والطبقة
المثقفة لتحقيق هذه القفزة النوعية والنهضة الشاملة.
مداخلة الدكتور كمال الدين فخار
مناضل حقوق الانسان في الندوة حول الاقليات اللغوية التي نظمها مركز التوثيق و الاعلام في حقوق الانسان بعنابة يوم 17 اكتوبر 2009
بالرغم من أن الجزائر صادقت و أمضت على مختلف العهود و المواثيق
المتعلقة باحترام حقوق الإنسان والحريات، إلا أن ثقافة و مفهوم حقوق
الإنسان وحرية الرأي والمعتقد والحق في الاختلاف بقيت ولعقود، بعيدة عن
عامة الشعب وحتى مايعرف بالطبقة المثقفة في المجتمع الجزائري وفي أغلب دول
العالم الثالث، ولم تبرز هذه المفاهيم وبطريقة محتشمة إلا مؤخرا، وأما
الحديث عن حقوق الأقليات فهو من المحرمات والطابوهات التي لا يجب القفز
عليها، إذ صارت مرادفا للمطالبة بالإستقلال الذاتي وللتدخل الأجنبي!!
فمباشرة بعد الاستقلال سيطر الحزب الواحد والفكر الأحادي بقبضة حديدية على
المجتمع الجزائري، ولم يكن هناك أي مجال للحديث عن حقوق الإنسان والحريات
بل إن مجرد الإشارة إليها يعرض صاحبها لأخطر التهم والمتابعات وحتى
التصفيات الجسدية.
بعد انتفاضة 05 أكتوبر1988 والتغييرات السياسية العالمية، حصل انفتاح
سياسي قصير، و لكبح حتمية انفتاح المجتمع على هذه الثقافات الجديدة ،
حاولت السلطة ربط مفهوم حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية، بالحركة
اليهودية واليد الخارجية، مما أعاق كثيرا فهم و انتشار هذه الثقافة.
في الوقت الحالي، نرى أن انعدام ثقافة احترام حقوق الإنسان واحترام
الحريات الفردية والجماعية هي من بين الأسباب الرئيسية للعنف والتطرف
والكبت والتشنجات الموجودة في المجتمع الجزائري، وهو ما استغلته السلطة
لضمان وبقاء نظامها الدكتاتوري الشمولي.
منطقة مزاب كغيرها من المناطق في الجزائر مرت وعانت من نفس الظروف و
نظرا للهوية الخاصة لسكان المنطقة، حيث تعيش أقلية مزابية والتي هي أقلية
بامتياز فهم أمازيغ أي أقلية إثنية لغوية من جهة و إباضية أي أقلية دينية
من جهة أخرى. فمنذ الاستقلال حاربت السلطة الجزائرية هذه الهوية المزابية
وعملت بشتى الوسائل والطرق المباشرة منها والغير مباشرة للقضاء عليها.
فبالنسبة للهوية اللغوية، المزابية(الأمازيغية ) فقد عانت من الاحتقار
التهميش وحتى المنع فقد كان ممنوعا التكلم بها في الأماكن الرسمية وحتى في
النشاطات الثقافية الخاصة حيث يمنع استعمال اللغة المزابية إلا بترخيص من
قسمة الحزب وكذلك تم تغيير الأسماء الأمازيغية لمدن واد مزاب وحتى أسماء
الشوارع والساحات ومن جهة أخرى وظفت السلطة وسائل غير مباشرة لتنفيذ هذه
المخططات حيث استغلت واستعملت الإبتزاز على مسؤولي الهيئات العرفية
التقليدية وهذا بالتهديد بالقضاء نهائيا على الهوية المزابية بغلق
المدارس الحرة والمساجد ومصادرة الأوقاف الإباضية لتمرير خطاباتها
الموجهة، بأن اللغة المزابية ليست لغة وهي لهجة فقط ولا يجب أن تنافس اللغة
العربية التي هي لغة القرآن ولغة تجمع كل الجزائريين فصار الرقي باللغة
المزابية أو مجرد التحدث بها يعتبر محاربة للإسلام ودعوة للطائفية وإشعالا
لنار الفتنة. وكذلك استغلت التركيبة البشرية لسكان المنطقة لتحريك النعرات
الطائفية بين الأقلية المزابية والعرب المالكيين الساكنين بالمنطقة بطريقة
دورية: بني يزجن 1975و2004 و القرارة1975و1989 و2004 وغرداية 1985 و
مليكة 2004 و بريان 1991ومن مارس 2008 إلى يومنا هذا.وهذا لخلق جو من الخوف
وعدم الإستقرار لتمرير كل مخططاته الرامية للقضاء على الهوية المزابية.
بعد تضحيات جسام ونضال طويل خاصة في منطقة القبائل، كان الاعتراف
الرسمي باللغة الأمازيغية كلغة وطنية، وصارت تدرس في المدارس الرسمية، ولكن
بالرغم من ذلك كله استطاعت السلطات كبح هذه النهضة، لكي يبقى هذا المكسب
مفرغا من محتواه حيث جعلت دراسة اللغة المزابية اختيارية وثانيا وضعت
العراقيل البيروقراطية أمام الراغبين في دراستها وهذا بفرض مصادقة على
الإمضاء من البلدية للراغبين في دراستها!!
أما بالنسبة للهوية الدينية للأقلية المزابية فالأمور كانت أكثر تعقيدا
وصعوبة فالمذهب الأباضي الذي هو مدرسة فكرية عبر التاريخ الإسلامي، يتميز
باحتوائه على ثلاث محاور، أولا الجانب الشرعي:العبادات والمعاملات، ثانيا
الجانب الفلسفي والفكري أو ما يعرف بعلم الكلام وهو ويدعو إلى تحكيم العقل
واستعمال الفكر والإقناع ونبذ العنف، ثالثا الجانب السياسي ويعرف بفقه
السياسة وهو يدعو في مجمله الى معارضة الحكام الفاسدين والطغاة المغتصبين
للحكم، وقد حاربت السلطة الجزائرية بشدة هذا الجانب من الهوية وهذا بعدم
تدريسه مطلقا في المقررات الرسمية بل بالعكس من ذلك شجعت على اضطهاد
أتباع هذا المذهب وهذا بنعتهم بالخوارج في كتب التاريخ المدرسية (سنة ثانية
متوسط) وكذلك بممارسة الضغوطات الشديدة المذكورة سابقا لمنع تدريس كل
محاور المذهب الاباضي في المدارس الخاصة، فصار لا يدرس إلا الجانب الشرعي
في المذهب مما جعل الفكر الإباضي مجهولا حتى لدى ابناء أتباعه. وأيضا لا
نجد في القوانين أوالدستورالجزائري أي أثر لوجود أقلية دينية إباضية في
الجزائر، مما جعل هذا الجانب من الهوية لدى الأقلية المزابية في خطر
الاندثار والزوال وهذا يعتبر خرقا لحق أساسي من حقوق الأقليات وهو حقها في
التمتع بخصوصيتها بكل حرية مع وجود التدابير التشريعية اللازمة لذلك أي
الإعتراف الرسمي. وبهذا ستفقد الجزائر والحضارة العالمية جانبا من موروثها
الثقافي والفكري والحضاري.
في بداية القرن الجديد ظهر جيل شباب من أبناء المنطقة انخرط في
المنظمات الحقوقية والأحزاب المعارضة و متشبعا بثقافة المطالبة بالحقوق
واحترام الحريات بطريقة سلمية ومنها المحافظة على مكونات الهوية المزابية
(الأمازيغية واللإباضية) وقد لقيت هذه المطالب تجاوبا واسعا لدى أبناء
المنطقة، مما أثار حفيظة السلطة وقابلت إطارات وأفكار هذه الحركة بالقمع
الشديد والمضايقات البوليسية والمتابعات القضائية الغير مؤسسة والماراطونية
والزج بهم في السجون، فكانت أحداث غرداية 2004، قضية بابا نجار و
المتابعات القضائية المفبركة مؤخرا.
إن الضمان الأساسي للإستقراروالسلم الإجتماعي والسياسي
والإزدهار الثقافي والإقتصادي لأي دولة لا يكون ممكنا إلا بمعرفة و نشر
ثقافة احترام حقوق الإنسان والدفاع عن الحريات الأساسية: حرية الرأي، حرية
المعتقد، حرية التعبير والعمل على الدفاع عنها بتطبيق وتجسيد مختلف العهود
والمواثيق الدولية وهذا لضمان الاعتراف بها والمحافظة عليها وخاصة
الإعتراف بالأقليات وحماية حقوقها، وهذا لن يكون ممكنا إلا بتجند والتزام
الجميع من حقوقيين وإعلاميين والمناضلين في الأحزاب السياسية والطبقة
المثقفة لتحقيق هذه القفزة النوعية والنهضة الشاملة.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى